مما لاشك فيه ان فنون النحت المتمثلة بالحفر ونقوشه يعد فنا للنحت البارز والمدور وفنون الحفر على الخشب خاصة وكلاهما يشتركان بالعناصر الفنية البنائية وانهما يشكلان حاجة انسانية مادية وعاطفية مرتبطة بوجود الانسان منذ نشأته , وما التداخل بين فني الرسم والنحت يمكن ان يطلق عليه التطعيم غير الظاهري , لان التطعيم بمحتواه ينسحب الى ادخال خامة على اخرى الا ان التطعيم غير الظاهري هو مقياس لبناء الشكلية المحددة وفق فن الرسم بداية ثم سحب الارضية في النقش السلبي او التشكيل وفق النقش الايجابي او حسب مايراه الفنان, لذا ان التأثير يبقى قائما في بنية الاثنين لحين اكتمال العمل برمته , وهذا مااكدته الزخرفة الاسلامية كالايرانية والتركية والعربية القديمة والحديثة في تبنيها نقش الرسوم والزخارف الهندسية فوق ارضيات من مادة الخشب وفقا لمبادىء تنظيمها , والاشكال التي يتطرق اليها (نادري) عدت من الاشكال ذات البعدين كونها امتلكت طولين فقط وسمك اوحد بسيط لايتعدى المليمترات البسيطة الذي يراه البعض انه نقش بارز واخر يرجح اعتباره مجسما ومدورا قليلا و تمثلت في تنظيم الموضوع ايا كان نوعه متحديا بذلك العلاقة الواضحة بين بداية العمل ونهايته لان الفنان قد وضع عناصر تكوينه في علاقة هي الاخرى مستمرة وكان لمادة نوع خشب الاشجار (الحرجية) كالصنوبر والبلوط والصوان والجوز وغيره دور في اظهار تأثيره البيئي حيث تمكن من توحيد التكوين (الوجوه, الازياء , الحيوانات , التراث , ....) حتى يهىء وحدة نسيجية في (المونو كلور )اي ذات لون واحد وهو يتحدى ايضا اللون الطبيعي للب الاشجار , كما اعتمد على حجوم متفاوتة من تشريح سطوحه الخشبية بعد ان قطعها وصقلها وشذبها لاجل اخراج البنية النحتية المنظمة والمحفورة والمتقنة , ومن خلاله استخدام الرسم برع في النقش اذ ان النقش مرحلة بعدية عقب الرسم وان تمكن منها النحات :الفنان الا ان (البصمة ) وتسمى (السكيتش) بداية الرسمة وهي مهمة لدى كل الاحترافيين والهواة لانها تمثل نقطة انطلاق التشكيل الفني , وعليه ان الوظيفة الفنية لهذه الاشكال تتفق وخاصية الهيئة المجسمة البسيطة في نهاية اخراج العمل الفني بعد الاهتمام في المادة الخشبية وديمومتها , اذ لابد من التطرق الى العنصر الاهم او العنصرين وهما الملمس واللون بعيدا عن عنصر الفضاء وكذلك عد فنا نفعيا جماليا وظيفيا , ويرجع حكمنا على تشكيلات (نادري) انها واقعية من الحياة ماثلها الفنان لاعتماده رمزية الجمال الهادف , اي بمعنى ان نقل الواقع في صورة محددة كفتاة او ماشابه هو اقامة الصلات والجسور العابرة بين فني الرسم والنحت الذي اعتمد الحفر بالات حادة وفرها من اجل ارتباط معنى وجود الخشب النفعي او ماتقدمنا به عضوية المادة ومعنى الصورة وهذا مايؤكد الشعور بالانتماء الى الطبيعة وبيئتها , حيث البيئة فاعلة في النتاج الفني ويأتي ذلك في خضم الحفاظ على الارث الحضاري في الحضارة الفارسية القديمة مثالها التي بنيت ركائزها على الحجر في (العصر الاخميني ) في مطاوعته ليتحدى الظروف الجغرافية والبشرية وعوامل التعرية , لذا امتلكت فنونها قدسيتها من قوة خامتها , الا اننا لاننتقص بذلك من قدسية التعامل مع خامة الخشب كونها خامة جاذبة لكثير من الفنون النفعية في العمارة الداخلية واستخدامها في النحت وكذلك متطلبات المنزل , فلا ضير ان نهتم بعضويتها ونفعيتها بالاضافة الى وظيفتها الجمالية .
هكذا عدت اعمال (حامد نادري ) من الاعمال الرصينة التي وظفت بهدف اقامة الجمال واحترافية الصنعة فهي تنتمي الى فن النحت البارز بشكل وافر , واننا كمتذوقي جمال نجد انفسنا امام مسرح ثابت من الحركات الفنية بعد انتقال انظارنا في جوانب منتجه الفني وكذلك تنتمي اغلب اعماله الى قوة احترافية وابداعه في فن الرسم يعتمد على جعل النسب الحقيقية ميزانا لمشغولاته واعماله ليس بنظره فحسب وانما بنظر متلقيه ومحبي فنونه , عليه يجىء الائتلاف في تقريب عضوية المادة ونسيجها بين الرسم والنحت بهدف بناء شكلية اقرب الى الاشغال اليدوية كونها بعيدة عن الالة والماكنة , وهي بالتالي الحفاظ على الهوية الوطنية وارثها , فضلا عن امكانيته العالية في بناء نظامه التقني المنسق عبر تمريرات متعددة من طرق تحقيق اهدافه ولدينا لوحة الانموذج الفني هنا لفتاة من منظور زاوية امامية ترتدي شالا وحلي ذهبية تنثر جدائلها الى امام صدرها بوجود ماسكات (الفركيته) , يتخلل سمات وجهها نظرة ارتقاب , وهي تمثل زيا لمنطقة ما من بلاد فارس , نفذ العمل على قطعة من خشب الاشجار طولية المقطع, حيث جسد الفنان اهتمامه بالطبيعة ووجود المرأة فيها لانها تعني لديه رديف الرجل وجاء في القرآن الكريم (خلقناكم من ذكر وانثى ) وبالتالي يتفق منتج عضوية الخشب في نقل الحياة ومصوراتها من واقع معيش هو نظرته الانسانية الى الحياة كما هي .
الموضوع السابققناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat
.jpg)
