من فلسفة احياء عاشوراء
الشيخ فاضل الصفار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ فاضل الصفار

لعاشوراء وأحزانه جانبان موضوعي وطريقي، كلاهما مطلوب ومحبوب وأساس للحياة الإجتماعيّة، فالجنبة الموضوعيّة تحيى بالأحزان والدموع والدماء المواسية لمصاب الحسين عليه السّلام الّذي أفجع السّماوات والأرض وضمّخ ساق العرش بلون الدم ويشرق في كلّ يوم مع الشمس ويشتدّ في الأصيل، وبالجنبة الطريقيّة تحيى الأهداف النبيلة الّتي عاشها الحسين عليه السّلام وقرّب القرابين الغالية لأجلها.
فالعِبرة والعَبرة في قضيّة عاشوراء جناحان متوازنان لا يكتمل أحدهما إلّا بالآخر، والأوّل ميزانه الشعور والعاطفة والمحبّة القلبيّة، والثاني العقل والفكر، وهكذا هي القضايا الإنسانيّة تعيش بالإثنين معا، فلو جرّدنا عاشوراء عن العواطف والحماس الشعوري تبلّدت وانطفأت شعلتها منذ أمد بعيد، ولو جرّدناها عن العقل والفكر الوثّاب نكون قد ألغينا غاياتها وأدرجناها في المناهج العبثيّة، وتجلّ عاشوراء ووقايعها عن أن تكون عبثيّة .
فلو لم تكن العواطف والمشاعر مؤثّرة في القضايا الكبرى لما ذكر الباري عزّ وجلّ لها صورا في القرآن عاشها أنبياؤه وأولياؤه، ولما كثرت النّصوص الشريفة بما يفوق ما ورد في عبادات الدين ومعارفه الّتي تحثّ النّاس إلى معرفة مصيبة الحسين عليه السّلام والحزن عليها والبكاء لها ومواساتها بالدموع والدماء .
ولو لم يكن للفكر والبصيرة من أثر لما دعى الحسين إلى التحرّر من قيود الظلم والفساد وتحدّي المكاره لأجله .
فالتوازن بين العقل والشعور هو الّذي يقوّم إنسانيّة الإنسان ويعطي القضيّة حقّها .
ولو روعيت هذه الحقيقة في عاشوراء انقطع الكلام الكثير الّذي يثار عنها في كلّ عام وبطلت التوهمّات الّتي يطلقها كلّ طرف على إخوانه من الطرف الآخر متصوّرا أنّ نهجهه هو الأقوم .
ولذا ورد أنّ الحسين عليه السّلام عِبرة وعَبرة، وهذا التزاوج بين الإثنين يلغي الوحدانيّة في النهج، فجدير بأهل الإيمان والمحبّة الحسينيّة أن يتعاونوا لإحياء مراسم عاشوراء بالمجالس والمآتم والمواكب، وبإيقاد شعلة الفكر لفهم غاياتها وأسرارها والإقتداء بها، وكلٌ في نهجه مأجور ومثاب .
الشيخ فاضل الصفّار دام ظلّه
2 محرّم الحرام 1439 هـ / كربلاء المقدّسة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat