صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

لقد حاولت أن أتخلّص من فكرة المجيء الى كربلاء، ولذلك عارضتها بشدة ولمدة طويلة لكن شكوى زوجي المستمرة عن الوحدة وعيشة الغربة والبعد عن عائلته واولاده، جعلتني أتنازل امام إلحاح الأهل والأقارب، رغم قلقي الشديد ومخاوفي والرهبة... كيف لي ان اعيش مع نساء يختلفن عني في كل شيء الطبائع والعادات والطقوس... لهن عاشورائهن ومجالس تعزيات، ولهن عوالم غريبة عن حياتي، لكن كل هذه الأمور انتهت منذ اليوم الاول لسكني في منطقة العباسية، وتحديدا في منطقة تسمى الدخانية، حتى أصبحت كأي واحدة منهن لاتختلف عنهن بشيء اطلاقا... صرت لا ارتاح إلا بزيارة الحسين... الله يا هذا الحسين العظيم الذي يعرش نوره في كل شيء في هذه المدينة العظيمة ملامح ناسها لغتهم لهجتهم يمينهم الذي به يقسمون بغاية العفوية و(الحسين). تعرضت ذات يوم لمشكلة عائلية كبيرة، واذا بي أقف باكية لأندب: يا أم البنين بجاهك عند الله سيدتي هذه اريدها منك بردا وسلاما عليّ وعلى اهل بيتي.. ونذر عليّ (جدر زردة) وفعلا انقضت المشكلة لكن عند طبخ (قدر الزردة) حدث ما لم اتوقع.. انا ما جئت لأحكي لكم حكاية مكرمة من مكرمات اهل البيت عليهم السلام، فهذه المكرمات تعرفونها اكثر مني لكني احدثكم عن مشاعر ألم ووجع وحروق... أتلفت اليد تماما حتى بانت تشوهات العظام.. كان زوجي يظن ان ما اقدمه من ولاء للحسين واهل بيته عليهم السلام هو محاولة مني لخلق توازنات اجتماعية.. لقد صرخت من شدة الألم، وتجمع الجيران لينقلوني الى المستشفى الحسيني. التشوّهات مؤلمة تكاد توصلني للغثيان؛ عظام مأكولة ولحم محروق، واخيرا نمت تحت مفعول الدواء... واذا امامي يمتد مجلس عزاء عامر (نساء لاطمات، وتراتيل تعتصر لها الروح...) همست في أذني إحداهن: أين الزردة؟ قلت لها: عذرا سيدتي فاليد محروقة لاتستطيع عمل شيء بعد اليوم.. نظرت المرأة البدوية التي تحتل صدر المجلس وقالت لي: هات يدك... اخذت اليد المحروقة ومسحتها ببقايا القدح (شربت بارد) وانتهتى كل شيء، ثم قالت: قومي يا ابنتي وانصرفي لبيتك، فزوجك قرب رأسك يبكي واطفالك بأسى شديد... صحوت من عالم الرؤيا لأبشر عائلتي.. لقد شفيت؟ قال الزوج مذعورا: كيف... فأريته يدي... واذا به يصيح انها معجزة مازلنا في زمن المعجزات.. نعم يازوجي العزيز لكن عليك أن تعرف ان القضية ليست في المعجزة بل في هذا الحضور الزاهي لأم البنين عليها السلام، ومن يومها وبيتنا يقيم التعازي حتى بعد عودتي لأهلي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/06



كتابة تعليق لموضوع : التعازي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net