صفحة الكاتب : هادي الدعمي

الوحدة هي مسعى الصلحاء
هادي الدعمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قد عاش البشر منذ بدء ظهوره على هذه الأرض فرداً وحيداً كما هو شأن سائر الأحياء ، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى حصل للبشرية تقدم حضاري فتكونت الأسرة ، ثم تكونت القبيلة ، ثم الدولة . وبالرغم من هذا التقدم المضطرد ما يزال الإنسان يعيش منذ عهد بعيد والى اليوم مرحلة سابقة لمرحلة الوحدة المبدئية ، وما يزال يعيش حالة الطفولة فيما يرتبط بتلك الوحدة ، وبناء على ذلك فإننا بحاجة إلى ان نرفع مستوى الوعي لدى البشرية لتصل الى مستوى الوحدة على أساس المبدأ . فالقرآن الكريم انما نزل من اجل خلق هذا المستوى ، والنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة من بعده سعوا بكل ما في وسعهم من اجل توحيد هذه الأمة ، والحيلولة دون تمزقها وتفرقها ، ومع ذلك فان الإنسان لم يع هذه الضرورة ، ضرورة الوحدة ، وكان يهيمن عليه التفكير السلبي المتخلف مما أوحى اليه بأنه اذا أراد ان يحيا حياة حرة كريمة فما عليه إلاّ ان يدع الآخرين يعيشون مثلما يعيش هو ، واذا بالمصالح تتقولب حسب الآراء المختلفة ، ان الاختلاف في الرأي سيبقى مادام الاختلاف في المستويات لدى الانسان قائماً ؛ فكما ان أصابع اليد الواحدة لا يمكن ان تتساوى وتتماثل ، فان البشر ايضاً لا يمكن ان يولدوا بمستوى واحد من العلم والفهم والوعي ، لان التنوع يمثل طبيعة بشرية ، وعلى هذا فان كل شيء يتغير ويختلف عند الإنسان ، وهذا الاختلاف انما تمليه عليه غريزة حب التنوع فيه والتي تتغير بدورها تبعا لنموه ، وحسب الظروف المحيطة به ، وطبقا لمعلوماته وارادته واهوائه وعشرات العوامل المؤثرة فيه .

ان المشكلة القائمة اليوم لا تكمن في الاختلاف ذاته ، او الاختلاف المبدئي والفكري ، وليست كامنة في الإستراتيجية والرؤية ، ولكن في طريقة التعامل مع هذا الاختلاف الأمر الذي أدى تلقائياً الى حدوث التفرقة والتفكك والتناحر .

وعلى سبيل المثال فقد نجد في الأسرة الواحدة اختلافاً ، ولكن طريقة التعامل مع هذا الاختلاف تتباين من أسرة الى أخرى ؛ فمنهم من يفضه بالطلاق ، ومنهم من يفضه بالمشاجرات ، ومنهم من يحله من خلال التفاوض . . . وبصورة عامة فان كل أسرة من تلك الاسر تحل الاختلاف بطريقتها المفضلة ، وهكذا كان حال البشرية التي كانت كثيرا ما تتوسل بالحر وب لتحل خلافاتها . وللأسف فان الجاهلية ما زالت متأصلة بالبشرية حيث تنفق اليوم آلاف الملايين من الدولارات على صناعة الأسلحة ، وحتى إذا فرضنا أن البشرية لا تريد استخدام هذه الأسلحة الفتاكة إلاّ ان صناعتها تمتص الخيرات والثروات كلها ، حيث نرى الفقر منتشرا في جميع ارجاء العالم وخصوصاً في بلدان العالم الثالث ؛ اما اذا أرادت استخدامها فان المصيبة ستكون اعظم ، وستنشب حينئذ الحروب النووية التي ستدمر العالم بأجمعه .

ومن اجل ان نحافظ على الوحدة لا بد ان يقوم كل واحد منا بدور المصلح ، وليحاول ان يقوم بدوره الذي كلفه الله سبحانه به ، كما يؤكد على ذلك في قوله الكريم : ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ فيجب ـ إذن ـ ان نقوم بدور الاصلاح سواء خسرنا أم ربحنا ، على ان القرآن يعدنا بالفلاح ان قمنا بهذا الدور ﴿ ... وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ . فليس من الصحيح ان نعطل دور الإصلاح فنقول : نحن بانتظار نمو القوة السياسية الفلانية لنكون معها ، لان الحسابات السياسية عادة ما تكون فاشلة ، فروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال لبعض أصحابه : " كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإن موسى خرج ليقتبس لأهله ناراً فرجع إليهم وهو رسول نبي فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسى في ليله ،

فلنحاول ان لا نكون ممن يصطادون في الماء العكر ، ويحبون الصعود مع القوى السياسية الصاعدة فنكون انتهازيين ، بل لنسع من اجل ان نكون مصلحين ، ونبحث عن الحق أنّى كان . فأولئك الذين يدخلون في الصراعات ، ستكون تجارتهم خاسرة ولا ربح فيها ، والذين يأثروا بأنفسهم لأجل الغير ستكون تجارتهم هي الرابحة ويكون النجاح حليفهم ، وهذا شعار من يدعوا إلى لم الشمل والوحدة الوطنية في بلد تعايش أبناءه لقرون من الزمن فيما بينهم ، ولا يسعى للتفريق والانفصال حتى يصبح الجميع ضعفاء يسهل اختراقهم من قبل أعدائهم وقال تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي الدعمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/06



كتابة تعليق لموضوع : الوحدة هي مسعى الصلحاء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net