قبل سنوات ، حصلت طالبة دراسات عليا على درجة امتياز في مجال دراستها فكانت فرحتها لاتوصف ، ولأنها ناضلت من أجل بلوغ هذه المرحلة فقد شعرت بالنشوة وهي تحلم باليوم الذي يتكلل فيه تفوقها بالتعيين ليتحقق حلمها اخيرا بالتدريس في الجامعة ..لم تكن تعلم ان رحلة نضالها الحقيقية قد بدأت للتو ، ففي كل جامعة تقصدها كانت تصطدم بحجر عثرة يتلخص بعبارة (الدرجات الوظيفية محجوزة) ..كان البعض يقولها لها علانية وتفهم من بين السطور مايريد البعض الآخر ايصاله لها فهي لاتنتمي لحزب ولايسندها اسم له وقع السحر على ابواب رؤساء الجامعة الموصدة ..أدركت الطالبة اللبيبة ان درجة ( الامتياز) التي يحلم بها طلبة الدراسات العليا لن تكون جواز مرورها الى التعيين فاضطرت الى سلوك الدروب الملتوية التي سلكها قبلها (المبشرون بالتعيين ) وتمكنت بالفعل من تحقيق حلمها بوسائل مساعدة أبرزها (الاستعانة بوسيط)...
مرت السنوات ،وشغل منصب وزير التعليم العالي وجه آخر من وجوه المرحلة لكن قوانين المرحلة الجديدة لم تتغير وظلت المقاعد محجوزة لدواع طائفية او حزبية أو لوجود (وساطة ) قوية ...
وفي كل عام يتقدم المئات من الطلبة لخوض امتحانات (التوفل) ومن يجتاز الامتحان يحدوه امل كبير في استكمال دربه بالنجاح في الامتحان التنافسي والحصول على مقعد دراسي ، لكن المقاعد المحددة في كل جامعة تتراوح مابين مقعدين الى عشرة مقاعد وهو عدد محدود جدا وتعجيزي ويتطلب بذل جهد خارق للتفوق في الامتحان وهو مايفعله العديد من الطلبة الذين يتصورون ان التفوق هو الذي سيقودهم الى المقعد الدراسي لذا ينقبون عن المصادر ويلتهمون الكتب ويخوضون الامتحان ثم يكتشفون بعد القبول ان جهودهم ذهبت سدى فالأسماء المقبولة لاتمت للتفوق والجدية بصلة ، لكنها تستند على جدران قوية وصلدة في الغالب ..
|