ما تزال أغلب الصحف العربية توالي تعليقاتها المتنوعة عن جديد المعضلة اليمنية إذ فجَّرَ المخلوع صالح إحدى مفاجأته غير السارة، في وجه خصومه في الداخل والخارج، بإعلانه عن تأسيس مجلس سياسي لإدارة شؤون المناطق التي يسيطر عليها الانقلابين في شمال اليمن . هذا يعني أن علي صالح يكون قد اعترف بالانقلابين ؟ ! ويعني ايضا أن علي صالح يعتبر أنه يشكل مع الحوثيين كيانين منفصلين لكل واحد منهما مميزاته وصفاته . ومثل هذا التأسيس الغامض لا يمكن أن ينتج إلا الشك والريبة الخاصة . الحقيقة الواضحة تماما هي أننا عندما ندرس ما يهدف إليه هذا التأسيس المثير للجدل درسا عميقا يتبين لنا أنه يهدف الى تقسيم اليمن من جديد . وهذا يخالف السياسة التي طبقها صالح طوال السنوات التي قضاها في الحكم . لذلك فإننا نعتبر أن على صالح قد خسر كل شيء . إن مثل هذه الصفقة تجعل اليمنيين يشكون في نوايا على صالح لأن علي صالح معروف بمغامرتها السياسية وبراعته في تعمية الناس وفي مغالطتهم . والأمثلة على ذلك منها حصريا : لما أكد قبل سنوات أنه لن يترشح للرئاسيات ، لكن وكما هو الحال في أغلب الدول العربية ودول العالم الثالث عموما، فقد خرجت مسيرات ”عفوية” تترجاه في التراجع عن قراره ومتوسلة له بضرورة مواصلة مسيرته الميمونة في القيادة الرشيدة لليمن السعيد، وأوحوا إليه حينها بأن اليمن سيضيع ويتشتت إذا فكر علي عبد اللّه صالح في مغادرة الحكم. وتراجع هذا الأخير عن قراره تحت ضغط الشعب . وقد قال لي أحد السياسيين اليمنيين أثناء زياتي لليمن في ذلك الوقت " أنها مسرحية صالحية " . ومنذ ذلك اليوم والبلاغات الرسمية تعلم الناس بانتصارات الرئيس علي صالح . واستمر في الحكم وازداد تمسكا بالكرسي إلى أن انتفضت ذات الجماهير لتطالبه بالرحيل . وقد ترك أمة ينهشها الجوع وتتنازعها الصراعات القبلية. على كل حال الرئيس السابق علي صالح مثله مثل الحكام العرب .. لا يستطيع أن يعيش خارج السلطة !! فهو مثل السمكة التي تخرج من الماء . |