العالم يتقدم بسرعة فائقة نحو الرقي الاجتماعي والحضاري وهو يخطو خطوات جبارة في المجالات التي تحقق ذلك التقدم في الاقتصاد والسياسة والاجتماع وغيرها من مجالات الحياة ؛ معتمدا بذلك على تراكم الخبرات الطويل والرصيد المعرفي الهائل والذين بدورهما قد تكونا من التجارب التي مرت بها الإنسانية على مر العصور والأزمان بصحيحها وسقيمها الناجحة منها والفاشلة ؛ فتأخذ الصحيح والناجح وتطوره وتغنيه وتثريه بمزيد من عناصر القوة وأسباب النجاح ؛ وتأخذ الدروس والعبر من تلك التي فشلت وتدرس أسباب فشلها واضمحلالها حتى لا تعود وتسلك طريق الفشل مرة أخرى . أما نحن وعلى أحسن تقدير، فإن خطواتنا بطيئة ثقيلة غاية البطء والثقل؛ لم نحسن إدارة شؤوننا ولم نستثمر حالات النجاح عندنا وعند غيرنا؛ بل بقينا نجتر حالات فشلنا وإخفاقنا ونحاول إعادة صياغتها وتقويمها مرة بعد أخرى وفي كل مرة نرتد إلى نقطة البداية التي لم يعد لها نهاية؛ وهكذا ضللنا الطريق وبقينا نراوح في مكاننا وندور في حلقات مفرغة إلا من إخفاقات وعراقيل وعثرات وأباطيل..ننظر إلى ذلك العالم (المتقدم ) نظرة الذليل المستكين لعله يبادلنا بنظرة لطف ويمد لنا يد العطف ؛ فينتشلنا من غرقنا ويخلصنا من ماساتنا ؛ لكن الطريق بيننا طويل والمسافة تتسع كل يوم وما عادوا يفهموننا ولا نحن نفهمهم ؛ أو ربما هم يشتركون معنا في شيء قد يكون وحيدا وهو (اللاانسانية) في التعامل مع الإنسان الآخر ومن هذا الشيء المشترك (الوحيد) فيما بيننا فقد نكون نحن أحد حقول تجاربهم تلك التي يستقون منها ما ينفعهم ويلفظون منها ما يضرهم ؛وبذلك نكون إحدى ركائز حضارتهم التي كلما تضخم حجمها وزاد وزنها كلما أوغلت في طمر ركائزها في أعماق الأرض حتى لم يعد الناظر ليرى سوى ذلك البناء الشاهق العملاق القائم على الركائز المطمورة المدفونة!! وعلى الرغم من ذلك كله فإننا ما زلنا نملك الكثير من أسباب النهوض من رقدتنا هذه وما زال الأمل يحدونا في أن يضع (المعنيون بالأمر) الشروط اللازمة للانطلاق وأن يهيئوا الأرضية المناسبة وأن يعيدوا النظر بخططهم إن كانت هناك خطط ! إن الذين هبوا للدفاع عن وطنهم ودينهم ومقدساتهم وشرفهم وكرامتهم من الشباب والشيوخ وحتى النساء اللائي خرجن للمؤازرة والمساندة اثر سقوط مدينة الموصل بيد هذه الطغمة الخارجية المسماة بـ(داعش) الفاسدة المفسدة وبعد فتوى الجهاد الكفائي المقدس التي أطلقتها المرجعية الرشيدة ما هي إلا بارقة أمل كبيرة وضاءة تدل وتؤكد أن هذا الشعب الذي أنجب هؤلاء الرجال الشجعان الكرماء والأحرار المستعدين للتضحية بأنفسهم وهي أغلى ما يملكون فالجود بالنفس أقصى غاية الجود ..لهو شعب جدير بأن يحضى بقيادة حكيمة شجاعة تأخذ بيده إلى حيث الطمأنينة والأمان وبعيدا عن مساوئ الحرمان والخذلان ؛ قيادة حرة أمينة واثقة ومؤمنة بشعبها ووطنها وعليمة بمواطن الضعف والخلل ومكامن القوة والأمل؛ وتحسن اقتناص الفرص وخبيرة بإدارة أوقات السلم والوئام وإدارة حالات الصراع والصدام ؛ وليست جاهلة وفاشلة ؛ولا حائرة ؛ ولا خائفة ؛ولا مترددة ولا مهزومة ولا ولا ...؟ |