ليس هنالك من عيب لأن يقف الخبير القانوني طارق حرب مع الإصلاحات الإدارية والسياسية التي أقرّها مجلس النوّاب العراقي بالإجماع ويدافع عنها , ولكن المخجل والمعيب لشخص مثل طارق حرب وهو الخبير بالدستور والقوانين العراقية النافذة , أن يصرّح لوسائل الإعلام أنّ ( لا حاجة لأحد أن ينوب عن رئيس الجمهورية , ويمكن للرئيس أن يقوم بمهامه بنفسه بعد العودة من السفر أو زوال العارض عن غيابه , وهذا لا إشكال فيه من الناحية الواقعية أو الدستورية أو القانونية ) , وجناب الخبير المنافق يعرف جيدا أنّ منصب نائب الرئيس هو منصب دستوري ولا يمكن إلغائه مطلقا , إلا بعد تعديل المادة 75 من الدستور العراقي وإلغاء الفقرات ثانيا وثالثا من هذه المادة , ويعلم علم اليقين أن المحكمة الاتحادية المسؤولة عن الرقابة على دستورية القوانين , سترّد الفقرة المتعلقة بإلغاء نواب الرئيس , وستطلب من مجلس النوّاب الإبقاء على نائب واحد يحل محل الرئيس في حالة غيابه كما جاء في الفقرة ثانيا من المادة 75 من الدستور العراقي , وكذلك أن يحل محل الرئيس في حالة خلو المنصب لأي سبب كان , كما جاء في الفقرة ثالثا من نفس المادة .
ومشكلة الخبير طارق حرب أنّه لا يتوانى عن قلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق من أجل إرضاء الحاكم والتزّلف له , وهو مستعد للانقلاب على موقفه بزاوية مقدارها 180 درجة وخلال ساعة واحدة متى ما اقتضت مصلحة الحاكم , حتى لو كان الحاكم دكتاتورا ومجرما مثل صدّام , فلا بأس بالإشارة له بقطع آذان الناس ووشمهم , وذاكرة الشعب العراقي تحتفظ بالكثير من المواقف الانتهازية والمنافقة لهذا الرجل , ومنها على سبيل المثال وليس الحصر , اللقاء الذي جمعه ( ليلة الهرير ) مع بعض الأخوة الإعلاميين على شاشة القناة العراقية , في الليلة التي سبقت تكليف رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي , وكيف كان طارق حرب يؤكد وبالمطلق أنّ لا مناص ولا مجال أمام رئيس الجمهورية سوى تكليف نوري المالكي بتشكيل الحكومة , كونه رئيس الكتلة الأكثر عددا في مجلس النوّاب العراقي , وكيف تغيرّ هذا الموقف رأسا على عقب بعد تكليف العبادي بتشكيل الحكومة , ضاربا عرض الحائط تصريحاته القانونية التي أدلى بها للشعب قبل ليلة من التكليف , إنّ محاولة طارق حرب إظهار هذا الإجراء بأنه قانوني وغير مخالف للدستور , يثير الاشمئزاز والتقزز , لا لأنّه يقف مع الإصلاحات التي أقرّها مجلس النوّاب , بل لأنّ هذه المواقف تعبر عن انتهازية مخجلة وهي مثال صارخ لوعاظ السلاطي |