قبل منتصف أحد الليالي الماضية أخذني الإرهاق والإجهاد مأخذا شديدا دالاّ على زحف النعاس الى كل أعضاء بدني ، فترجّلت ذاهبا الى غرفة النوم لآخذ قسطا من الراحة كي أسترجع الحيوية والنشاط الذي فقدته طوال النهار . وما أن إستلقيت على السرير حتى تراخى كل عضو من أعضاء جسمي فأخذني النعاس فالسٍنة بسرعة الريح ، ثم غطّني النوم بجناحيه فرحلت من عالم الشهود والاحساس المُثقل بالرزايا والطامّات والتراجيديات والمفاجآت الكارثية ، الى عالم النوم والأحلام حيث لا سيطرة ولا غلبة لإنسان عليها على الاطلاق ، وبعدها رأيت حلما عجيبا . كان الحلم بمنتهى الغرابة والعجب والاندهاش . وأقول إنه كان حلما فقط لاواقعا للأسى البالغ ، ولا حتى كان رؤيا للأسف الشديد ، لأنه بعدما إستيقظت علمت علم اليقين إن ما رأيته في عالم النوم كان حلما ليس إلاّ . والأحلام تختلف كثيرا عن عالم الواقع المحسوس المشهود ، وأيضا فإنها تختلف عن الرؤيا ، لأن الأحلام عادة ماتكون أضغاث أحلام ، أي انها تكون أحلام متنوعة ومختلفة ومختلطة بالمتناقضات وبالتالي لاتفسير ولا حقيقة ولا واقعية لها ! .
وقد طار بي الأسف والأسى والحسرة الى أبعد المديات بعدما إستيقنت فعلمت بأن الذي رأيته كان مُجرّد حلم فقط ، وسببه إن الحلم كان يتعلّق بشعبي ووطني في إقليم كوردستان .ولو كان ذاك الحلم يتعلق بي شخصيا لهان الأمر الى قصوى الدرجات ، بل كأنّ شيئا لم يكن ، ولم يحدث ! . وكان الحلم كالتالي ؛
{ أنا في إقليم كوردستان ، في زيارة له وللأقارب والأصدقاء والأهل والخُلاّن . الأوضاع غير إعتيادية فيه ؛ في القرى والقصبات ، وفي النواحي والمدن كافة . الناس فيها يتجمّعون ويتظاهرون بشكل دقيق ومُنظّم ، وبشكل سلمي وحضاري .
حتى العاصمة هه ولير غطّتها الجماهير والمظاهرات المليونية الكبرى ؛ رجالا ونساء وأطفالا ، شبانا وشيوخا ، ومن جميع الفئات والأجناس والطبقات الاجتماعية . هم في حراك وحركة في غاية الدقة والنظام والانتظام . كانوا يتظاهرون بروح غلبت عليها أبعاد الطمأنينة والثقة والوعي واليقظة .
إنهم كانوا يحملون معهم الكثير من اليافطات واللافتات والعلامات المختلفة الألوان والأحجام والمشاهد . وقد كُتبت عليها كثير من الحكم والشعارات والمطالب ، باللغات الكوردية والعربية والانكَليزية . وكانت الجماهير المحتجة المتظاهرة تتجه بمسيراتهم المليونية المنظّة الكبرى نحو البرلمان ومكتب رئيس الوزراء ومكتب رئاسة الاقليم ، وهم يهتفون بصوت جهوري واحد موحّد بشكل إنه هزّ العاصمة هه ولير هزّا كبيرا . وهكذا بالنسبة للمناطق والأنحاء الأخرى من الاقليم ، حتى إن تأثير هذه الأصوات لقوتها وجدّيتها وأصالتها إصطدمت بجبال كوردستان الخلآّبة فكان لها صدى وإرتجاع صوتي عجيب ! .
ومن الشعارات والهتافات التي كانت تُردّدها الجماهير المحتجة المتظاهرة ، أو التي كانت قد كتبت على اللافتات واليافطات هو ؛
1-/ العدل أساس المُلك .
2-/ المساواة القانونية أساس الحكم .
3-/ نناشد بديمقراطية حقيقية لامزورة ومزيفة كما هي الحال .
4-/ من أين للمسؤولين كل هذه الثروات والأموال ؟
5-/ نريد رئاسة دورية للاقليم .
6-/ نريد حكومة جديدة .
7-/ نريد برلمانا جديدا .
8-/ الثروات الوطنية هي ملك للشعب لاالقادة والمسؤولين .
9-/ السيادة والسلطة والحكم هو للشعب كله لا للأحزاب والعشائر والأسر .
10-/ إن التغيير والاصلاح والتجديد هو أساس إنتفاضتنا وثورتنا الشعبية السلمية ، ولن نتنازل عنه حتى تحقيقه بالكامل .
11-/ الذين كان لهم مسؤولية ، أو مشاركة في الاقتتال الكوردي – الكوردي يجب أن لايحمكوا وحسب ، بل ينبغي تقديمهم لمحاكمة صالحة عادلة بكل المعايير والاعتبارات القانونية والقضائية .
12-/ نحن ثُرنا لتحقيق أهدافنا المشروعة المتمثلة في حكومة تكون السيادة لنا في الحكم والانتخاب والاقتراع ، وفي العزل والتنحية كلما حاد مسؤول عن العدل والقانون ، أو إنه إستغل موقعه المسؤولياتي في التجبر والظلم والطغيان ، أو لجمع الثروات وكنز الأموال الوطنية له ولأفراد أسرته وحزبه وحاشيته . وذلك عبر نظام جديد مؤسس على العدل والقانون والديمقراطية وآلياتها على المستوى النظرى والعملي .
13-/ نحن نرفض الترقيعات للحكم ، بل نسعى للتغيير والاصلاح والتجديد الجذري للحكم والحكومة والرئاسة في الاقليم .
14-/ فاقد الشيء لايعطيه .
15-/ الذين تربوا على نمط الفساد السياسي والاداري والحكومي من المحال القيام بتحقيق قيم يفتقدونها هم بالأصل كالعدل والمساواة والديمقراطية وغيرها .
16-/ كفى الشعب ذُلاّ من الاحساس بالرهبة والخوف والرعب من أجهزة الأمن والمخابرات والقوات المسلّحة .
|