• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الخبطة والخبصة ( وطريق الحل ) .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

الخبطة والخبصة ( وطريق الحل )

 سحب الثقة عن حكومة المالكي ، او عن المالكي ، لعبة ( خبطة) اقليمية نسجت خيوطها السعودية وقطر ممثلة اسرائيل في المنطقة ، وتركيا المستفيدة من دولار النفط العربي ، والمدفوعة بطموحات التسيّد في الشرق الاوسط ، وتحركها ايضا الدوافع الطائفية ، في رأيي ورأي الكثيرين ، ان الثقة سواء سحبت من المالكي ام لم تسحب فالرابح في الحالتين هو المالكي ، الاطراف السياسية العراقية التي دخلت على خط الازمة وقامت  (بخبصة ) كبيرة ، تحركها دوافع شتى ، فلكل طرف سياسي له من الاهداف التي تختلف عن اهداف الطرف الاخر، فهم متفقون على سحب الثقة ، لكنهم مختلفون في الاهداف التي يروم كل طرف تحقيقها .
الازمة خُلقت لكنها اتت بنتائج عكسية للاطراف التي خلقتها ، اذ تنبهت الجماهير الى ما يريد السيد برزاني تحقيقه ، من التلاعب بالثروة الوطنية ، والسيطرة غير المشروعة على المناطق المتنازع عليها ، كذلك تنبهت الجماهير الى الاهداف الاكثر خطورة التي تريد القائمة العراقية تحقيقها بدفع من دول الاقليم الطائفية ، والتي قد تقود الى تقسيم العراق ، وتغيير المعادلة السياسية الجديدة فيه ، اما تيار الاحرار فتخوفه الوحيد من ازدياد شعبية المالكي وبالتالي خوفهم من ان يكتسح المالكي الساحة السياسية من جديد فيفوز بدورة ثالثة ، سيما وان الدستور قد سمح باختيار رئيس الوزراء لدورتين او اكثر من دون قيد او شرط  ، وان اريد تقييد الشخصية التي تتولى رئاسة الوزراء بدورتين فقط ، يجب ان يصار الى تغيير في مواد الدستور ، لا ان يتحقق ذلك من خلال الاماني والرغبات الشخصية ، فهذا لا يجوز في الدولة الدستورية الديمقراطية . 
النتائج العكسية التي اتت بها الازمة ، هي ان شعبية المالكي قد ازدادت على مستوى العراق ، وستزداد ايضا في حالة فشل مشروع سحب الثقة ، وأرى انها ستزداد اكثر في حالة سحب الثقة عن المالكي ، لأن الجماهير سترى النتائج الكارثية على العراق في حال سحب الثقة ، وستشعر الجماهير ان المالكي كان صمام الامان للحفاظ على المكتسبات التي تحققت للشعب العراقي ، خاصة في الجانب الامني ، وعليه فأن الازمة خُلقت ، ومن بين اهدافها الاطاحة بمستقبل المالكي السياسي ، لكنها حققت عكس ما اريد لهذه الازمة المفتعلة ان تحققه في حسابات اصحاب الازمة .
الازمة وصلت الى مراحلها النهائية ، اذ يُطرح اليوم مشروع استجواب المالكي في مجلس النواب ، وهذه العملية آلية دستورية ديمقراطية لا ضير فيها ، لكن لها شروطها القانونية والدستورية ، علما ان تيار الاحرار وهو احد الاطراف الثلاثة المطالبة بسحب الثقة عن المالكي في بداية الازمة ، اعلن عدم مشاركته في المرحلة الثانية من الازمة وهي مرحلة الاستجواب ، واعلن التيار موقفه ، انّ دخوله على خط الازمة جاء  من اجل الضغط على الحكومة وتحقيق الاصلاح السياسي ، ان دعوته مع البرزاني والعراقية لسحب الثقة ، انما هو من باب الضغط لغرض تحقيق الاصلاحات ، وهذا الموقف يعتبر انتكاسة كبيرة للاخرين من دعاة سحب الثقة .
آليات سحب الثقة حسب الدستور العراقي لها طريقان ، اما بطلب من رئيس الجمهورية وهذا الطريق اغلقه الرئيس مام جلال بشكل نهائي لعدم قناعته بالاسباب الموجبة لسحب الثقة ، وبقي الباب الاخر الذي يدعو له دعاة سحب الثقة من القائمة العراقية ، والخط الكردي البرزاني وهو الاستجواب ، وبما ان رئاسة مجلس النواب منحازة بشكل تام الى الجهة التي تطالب بسحب الثقة ، بل السيد النجيفي يعتبر طرفا في هذا الموضوع ، لذا تعتبر رئاسة البرلمان غير حيادية في ادارة جلسة الاستجواب ان حصلت ، هذا من جهة ومن جهة اخرى لابد من توفر مستلزمات الاستجواب ، من حيادية وعدم التسييس ، ويجب ان يكون الاستجواب لاعضاء الحكومة ككل لان جميع الكتل ممثلة فيها ، كذلك يجب ان يكون الاستجواب مهنيا بعيدا عن الاغراض الشخصية ، وان يكون مسببا لا اعتباطيا لغرض التشهير او الانتقام وطلب الثأر ، كذلك يجب ان يسير بالقنوات الدستورية والقانونية ، مع تشخيص للاخطاء التي ارتكبها رئيس الوزراء ، بالدليل القاطع وكذلك الاخطاء التي ارتكبها كل وزير على حدة ، بشكل موضوعي وواقعي ، بعيدا عن الافتراضات والتصورات المسبقة .
نرحب باستجواب السيد المالكي واعضاء الحكومة بشرطه وشروطه ، ويجب ان تترتب عليه نتائج تعود لصالح الشعب العراقي في حال نجاح المعارضين بسحب الثقة عن المالكي ، وان كان هذا الامر مستبعدا جدا ، من خلال مؤشرات كثيرة ، ولكون الاكثرية في مجلس النواب يعرفون دوافع وحيثيات هذا الاستجواب ان حصل ، لنفترض ان المعارضين نجحوا في سحب الثقة ، فهل سيستفيد الشعب العراقي من هذه الخطوة ؟
لا اظن ان الشعب سيستفيد من عملية سحب الثقة لو حصلت ، اذ ستعود العملية السياسية الى مربعها الاول ، وستتدخل الارادة السعودية والقطرية والتركية ودول اخرى في اختيار رئيس الوزراء القادم ، وتتمنى الدول الداعمة لمشروع سحب الثقة ان تتحقق نتائج في صالحها منها مثلا تقسيم العراق ، وتحويله الى محميات طائفية وقومية ، وكل محمية تخضع لنفوذ احدى الدول الاقليمية الطامعة ، والتي لا تريد الخير للعراق ، بسبب تخوفها من الوضع السياسي الجديد فيه ،وربما تؤدي نتائج سحب الثقة الى انفلات امني  ونشوب حرب اهلية وهذا ما تدفع اليه بعض هذه الدول الاقليمية  ، كل هذه الاحتمالات واردة ويسعى لتحقيقها اعداء العملية السياسية الجديدة  ، وهذه الاهداف العدائية للشعب لا يمكن تحققها من الناحية الواقعية ، لأن الشعب العراقي واعٍ لهذه المؤامرة ويعرف خيوطها ويعرف من ينسج هذه الخيوط .
)خبطة وخبصة( سحب الثقة زادت من شعبية المالكي ، وهذا ما اقرت به بعض استطلاعات الرأي المستقلة ، وهذه النتيجة اقلقت اكثر اصحاب مشروع سحب الثقة فلو بقي المالكي في مسؤوليته المكلف بها من الشعب العراقي فستزداد شعبيته ، ولو سحبت منه الثقة فستزداد شعبيته ايضا ، فهو الرابح في الحالتين ، لكن هذا ما لا نتمناه لأن سحب الثقة سيعود بالضرر على الشعب العراقي .
اصحاب مشروع سحب الثقة فشلوا ، فالبعض اقرّ بفشله هذا ، والاخرون لا زالوا يكابرون ، وفشلُ مشروع سحب الثقة اكيد من خلال مؤشرات كثيرة ، اهمها ان الشعب العراقي ناقم على اصحاب هذه الدعوة .
 نحن نقول انّ مشروع فشل سحب الثقة يجب ان تترتب عليه نتائج في صالح الشعب العراقي منها مثلا :
1-    يجب كشف اسماء بعض السياسيين الذين يعملون بوحي التعليمات والاجندات الخارجية ، كما يجب كشف اسماء المتعاونين منهم مع الارهاب ، وتفعيل مذكرات القبض على عدد من هؤلاء السياسيين الذين يحتمون بالحصانة البرلمانية  ، كذلك يجب كشف المفسدين منهم او الذين يساهمون في التخريب وتعويق تقدم العملية السياسية ، وتأخير انجاز المشاريع والقوانين التي تخدم الشرائح الفقيرة في المجتمع ، وكشف مَن ساهم ولا زال يساهم من خلال استغلال بعض المواقع الرسمية في تأخير تقديم الخدمات ، خاصة خدمات الكهرباء ، وكشف حالات الفساد في هذا القطاع ، ليطلع الشعب على هذه الحقائق والتفاصيل .
2-    في حالة حصول استجواب رئيس الوزراء ، يتوجب عليه كشف جميع السلبيات التي ذكرت في الفقرة (1) ، وامام الشعب بشكل مباشر والنقل الحي في وسائل الاعلام المختلفة ليكون الشعب على بينة من هذه السلبيات .
3-    بموجب الآليات الدستورية ، بعد الاستجواب يجب تصويت اعضاء مجلس النواب لسحب الثقة عن الحكومة ، لكن في حال فشل التصويت ، وعدم الوصول الى الاصوات المطلوبة لسحب الثقة ، يجب انهاء ما يسمى بالشراكة أي المحاصصة التي هي شَرَك نُصب لتعويق تقدم العملية السياسية الجديدة ، وفي هذه الحالة يجب اللجوء الى حكومة الاغلبية  ، مثل ما هو موجود في الدول الديمقراطية الاخرى ، وعلى حكومة الاغلبية السياسية تحمّل نتائج الفشل والنجاح ، وان تخضع للمحاسبة امام البرلمان على هذا الاساس ، وحكومة الاغلبية يجب ان تكون بعيدة عن التوصيف الطائفي او القومي او الديني والمذهبي ، بل يجب ان تكون صفتها الوحيدة هي الوطنية فحسب .
4-    في حال عدم التمكن من تحقيق المطالب الشعبية السابقة ، لا بد وان يُتخذ اجراء اخير لحل الازمة ، وهو حل البرلمان ، واجراء انتخابات مبكرة ، وهذا امر طبيعي يجري في جميع الدول الديمقراطية ، وليعطي الشعب كلمته في اختيار حكومة جديدة ، تحكم بمبدأ الاغلبية السياسية ، وهذه هي اللعبة الديمقراطية والتي فيها الحل الجذري للمشكلة التي صنعت في مختبرات الدول الاقليمية الحاقدة على العراق وشعبه ، والمتخوفة من مستقبله السياسي الجديد .
اما من يدعي الشراكة او المشاركة ، ويريد استمرار اللعب في اكثر من ساحة ، او حسب المثل الشعبي يريد استمرار اللعب ( على الحبلين ) ، فهذا امر مرفوض لانه في غير صالح الشعب العراقي ، كما انّ اللجوء الى هذه الخطوات المهمة هو  أِبطال (للخبطة) التي صنعت في مختبرات اجنبية ، وافشال ( للخبصة) التي حيكت في الدهاليز المظلمة والجلسات والاجتماعات  السرية في داخل العراق وخارجه.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=18873
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20