المُجتهدُ الفقيه العادلُ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ في عصر غَيبَةِ الإمام المَهدي(عجّل اللهُ فرَجَه الشريف) :
( قَالَ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ - أَخَذَ بِيَدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السلام ) - فَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَّانِ فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ - ثُمَّ قَالَ يَا كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ - إِنَّ هَذِه الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا - فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ - النَّاسُ ثَلَاثَةٌ - فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ومُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ - وهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ - لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ ولَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ )
: نهج البلاغة ، ت ، د ،صبحي الصالح، ص 495.
انطلاقاً وتأسيساً مِن كلام أمير المؤمنين علي ( عليه السلام) يَجدرُ بالمُتلقي المؤمن والمُكَلَّفُ الواعي أن يتعاطى مع ما يَبرزُ في الواقع الاجتماعي الراهن ، مِن دعواتٍ تصدر من الهمج الرعاع لترك التقليد ، تحريضاً وإقصاءً للعلماء الأبرار قادةً ومُفكّرين.
ومن أفكارِ تستهدف العقيدةَ ، أصولاً وإيماناًُ ، وثقافاتٍ تخالف قيمنا وديننا رؤىً وسلوكا – أن يتعاطى معها بوزان الحَقِّ والهُدى والعِلم ومُصحِحاته ,وأهمُّها أهليّة المُتَّبَعِ مِن علميّته
وفقاهته وعدالته وتقواه وورعه و قدرته على الإيصال إلى المطلوب اعتقاداً وشرعاً وطريقا .
وأن يتجنّبَ اتّباع أهلَّ الضلال والهوى والجاهلين, مِمّن يَفتقدون لِلهُدَى في أنفسِهم ,كما قال اللهُ تبارك وتعالى :
(( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ))(28)الكهف.
((قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ))(35)يونس.
وحين يَختَارُ الإنسانُ وِجْهَةً مَا في الاتِّبَاعِ ,فَمِن الواجبِ عَلَيه أنْ يُراعِيَّ وَصْفَ الهِدايةِ ووِزانَهَا في الحَقِّ حَمْلاً وواقِعاً وفِعْلاً ، ثُمَّ يَتّبِعُ ,لأنَّ مَنْ لا يَتَوفّرُ فيه وصفَ الهِدَايَةِ مُطلَقَا يَكونُ فَاقِداً للقُدرةِ على الإراءَةِ للحَقِّ مِنْ أوّلِ الأمرِ أو الإيصَالِ إلى آخره .
أي لن يَتَمَكّن مَنْ لا يتصفُ بالهداية واقعاً مِنْ بَيَانِ الحَقِّ أو الكَشفِ عنه بِدْوَاً ,ولن يَتَمَكّنَ مِنْ الإيصَالِ إليه ادّعاَءً أو إصَابةً .
وأيضاً كما قال اللهُ تعالى :
((وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ))(36),الإسراء.
فإنَّ العِلمَ هو مَناطُ حَراكِ الإنسانِ وشَرطُ تَكليفه , إذ بِه يَستبصِرُ الأشياءَ, ويَطلبها أو يَتجنبها , وعنه تَصدرُ الخياراتُ الصائبة الأخرى .
وهذا العِلمُ المُصَحِحُ لمَقولَةِ أو ظاهِرةِ أو ثقافةٍ أو سلوكِ الإتِّباعِ هو ما يُحددُ قيمةَ العلاقةِ بين التابعِ والمَتبوعِ بُمختلفِ أنواعها , عقيدةً وشريعةً وتقليداً ومِنهَاجَا وفِكراً وسلوكا .
فما مِنْ سنخِ علاقةٍ ما إلاّ ويَحكمها مُصحِحُ الحقّ والهُدى والعِلمِ في الإِّتّبَاعِ.
و إذا ما خَلَتْ هذه العلاقةُ مِنْ هذه الموازين فسَيحكمها نقيضها مِن الضلال والجَهل والعَبث والَسفَاهَة ، بحيث لا يمكن لصاحبِها أنْ يكونَ سويّاً ومُهتدياً وراشداً ومُستقيماً ، لا في نفسه ، ولا في مجتمعه.
|