ان دول الخليج وبالاتفاق مع الدول العظمى تناضل من اجل ايجاد موطئ قدم لها في العلاقات الدولية و الاقليمية منطلقة من سياستها المصلحية ، فهي دول صغيرة وإمارات ومشايخ تشعر مهما حازت على الغنى والرخاء انها مهددة من بلدان الجوار ، وانها محسودة على نعمتها وأول الحساد هم البلدان العربية غير النفطية ، وطبقا لعلم نفس الدول – ان جاز التعبير- تشعر دول الخليج بان استقرارها مبني على خراب الاخرين ، ومن خلال الاحداث التي مرت في العقدين الماضيين يتضح ان عقدة النقص قد دفعت هذه الدول الى الدخول بصراعات بالنيابة فهي تدفع المال والآخرون يقومون بالمهمة ، و اوضح مثال على ذلك دفعها صدام على ايران للتخلص من شر الاثنين ، وعندما دخل صدام الكويت تفاجأ الخليجيون بصديق الامس الذي اصبح عدوا اليوم ، فاتجهوا الى ماما بريطانيا وبابا بوش لتخليصهم من صدام .
وقد عادوا الى نفس اللعبة مع القذافي ، لانه معروف بعدائه لمشايخ الخليج وخاصة السعودية بالإضافة الى ان ارض ليبيا واسعة جدا وتذكرهم بعقدة النقص المركبة و لو كانت عبارة عن صحراء ، المهم انها كبيرة المساحة ، بينما احتضنوا المخلوع بن علي ضيفا ملكيا ، كما ليس خافيا ان السعودية غير راضية عن اسقاط مبارك والمكالمات الهاتفية المتشنجة بين ملكها و اوباما كانت مشهورة ، لكن الشعب المصري كان واعيا ولم تنطل عليه اللعبة. اما تعاملها مع اليمن فكانت لعبة الوساطة بين الاطراف ، فاليمن لا يشكل تهديدا لدول المنطقة وخاصة اسرائيل ، و الافضل تركه مسرحا ومرتعا للقاعدة الى حين .
ان اللعبة الاكبر ستكون في سوريا ، لانها تشكل عقدة الصراع ، فاذا انحلت العقدة شارفت المسرحية على الانتهاء ، لكن سوريا وما ادراك ما سوريا ، سوريا تعني روسيا والصين ، ومن غير المعقول ان تسمح روسيا بخسران بعدها او معقلها الاخير على البحر المتوسط والدول الاوربية المطلة عليه ، ففي اول مواجهة كلامية بين لافروف ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم ، انسحب الاخير شاعرا بحجمه الضئيل امام الدب الروسي ، ثم تغيرت الخطة باتجاه تركيا لانها تمثل حلا بديلا ، وهي بحاجة الى الاستثمارات الخليجية ، وفي نفس الوقت تعقد صفقة معهم حول الاكراد ، وتحت نفس الشعار( من عندي المال ومنك العيال ) ، وكلها بصفقة واحدة نتخلص من سوريا ومن حزب الله اولا ثم من ايران وإضعافها وإشغالها اما بالحصار او التهديد بالحرب ، ثم العراق وقضية الاكراد والسنة والشيعة ، وبذلك تستقر اوضاع الخليج ويشبع الملوك والأمراء ، ويطمئن الشيخ القرضاوي لان حمد بن جاسم قد اشترى عمارة في امريكا بـ ( 50) مليون دولار ، المهم يبقى الشيوخ بصحة وعافية والشعوب الى الجحيم ، وفي راس القائمة العراقيين لان عقدة النقص تجاهه تكون متضخمة ، بلد حضاري وذو تاريخ وغني بالنفط ، فهو منافس قوي للسوق القطرية بالغاز ، وكذلك يشكل الممر الرابط بين الشرق والغرب ، فالموانئ الاماراتية ستخسر موقعها التجاري ، علما ان الامارات شريك الكويت الاستثماري في ميناء المبارك ، وهو المنافس القوي للسعودية في سوق النفط العالمية بالاحتياطي و بالانتاج اذا ما طبق خطته بزيادة الانتاج والبالغة على مدى السنوات القادمة اكثر من خمس ملايين برميل ، لذلك ينبغي اليقظة والحذر فالدوافع اقتصادية ونفسية بحته وليس لها علاقة بمصلحة السنة والشيعة ، فهما فقط عنوان اللافتة التي تلوح بها في تفرقة العراقيين . |