كنت أنظر الى كربلاء وأنا معه فاراها جنة من جنان الله ، رغم انها تعرضت الى الظلم والجور والاحتلال والحروب عبر التأريخ هي مبتلاة مظلومة تجرع المر ، ومع هذا كان الاستاذ عبد الرزاق الحكيم يبتسم ويقول :ـ هل تعلم ان الحزن الكربلائي يجعلنا أجمل ، حكمة غريبة صرت اؤمن بها تماما ، سألته ذات محاورة عن كربلاء في زمن العثمانين ، كان يريد ان يعلمني بابتسامته ان كل شيء فيه روح المقاومة والجهاد جميل رغم الالم ، كان هناك أمير أسمه ذو الفقار خان كان الرجل ينتمي الى مذهب اهل العامة ويدير بغداد باسم الصوفيين ، أرسل مفاتيح قلعته الى استنابول سنة 152م مطالبا بالدخول تحت الحكم العثماني ، ان الشاه طهماسب حاصر بغداد وأعدم ذو الفقار وعين واليا آخر على بغداد ، سألته :ـ اين كربلاء من هذه القضية ؟ اجابني بهدوء قرر السلطان سليمان القانوني القيام بحملة على بغداد فتحها عام 1534م دون قتال ، مكث اربعة عشر شهرا في بغداد شيد ضريح لمقبرة الامام الأعظم وأسس حي الاعظمية وبنى ضريح للشيخ عبد القادر الكيلاني ، واهتم بالعتبات المقدسة الموجودة في الكاظمية والنجف وكربلاء ، وأمر بتحرير وتسجيل الاوقاف ، وخلع الخلع على شيخ كربلاء السيد حسين ، ظلت النجف وكربلاء هي المرجعية العلمية للعالم الشيعي ، فصارت كربلاء والنجفمكانا عامرا بالسكان ، عند زيارة سليمان القانوني الى كربلاء وجدها حائرة بين الفيضان والمحل ، فكان الفرات يفيض في الربيع يغمرالوهاد التي حول البلدة بأكجعها من دون ان تسلم منه العتبات نفسها ، سالأته مستغربا رغم اني كنت اعلم بهذه القضية لكن ليس بهذا التجسيد الرهيب ، كربلاء في الصيف بلا ماء طيب والزوار ، أكمل الاستاذ عبد الرزاق حديثه عند هبوط النهر كان الاهالي والزوار يعتمدون على الري من ابار قذرة وشحيحة ، مدينة كربلاء ما كانت تقع على ضفتي نهر ، أو أو بحيرة أو مصب أو منبع ، قلت :ـ طيب استاذ أي نهر هذا الذي كان على ضفاف الطف والذي دارت احداث الطف بقربه ومنع منه الحسين واصحابه عليهم السلام ، قال يرى المؤرخون ان الفرات الذي يمر بكربلاء هو نهر الفرات اتلمار من مدينة المسيب ، ويقال ان هذا النهر حفره البابليون ، عند تشكيل كربا ــ ايلو ،:ـ استاذ دعني اقتنع ان كربلاء شح فيها الفرات ، كيف والفرات كان موجودا في ايام الطف الحسيني ؟ ، اجبني بهدوء لاتنسى تراكم الرمال والترسبات تجعل كمية الماء تقل وهذا الوضع حدث أكثر من مرة عبر التأريخ ، لقد شق السلطان غازان الال خاني قناة من نهر الفرات على بعد 11كم شمالي مدينة المسيب واوصلها الى كربلاء ، وبقيت الحال قرون ثم تراكمت الرمال والترسبات وشح الماء وعادت مشكلة الظمأ صيفا والفيضانات ربيعا ، فكان الناس يعتمدون على الري من مياه الابار ، فقام السلطان سليمان القانوني ، يحفر نهر من الفرات سمي النهر السليماني وهو نهر الحسينية ةأدى الى احياء اراضي كبيرة واستخدم في حفره مهندسين على مقدرة عالية وخبرة فائقة ، فكان هذا المشروع من اعظم المشاريع الاصلاحية ، كان حقيقة مشروعا جليلا في حياة المدينة وما جاورها من بقاع ، قلت اعتقد ان العملية ليست سهلة وخاصة في ذلك الوقت ، اجابني :ـ لعلمك ان المهندسين وذوي الخبرة كان قرارهم ليس لصاتلح المشروع فهم أكدوا عدم امكانن ايصال الماء الى كربلاء من نهر الفرات ، لكن النتيجة أذهلتهم ولا أخفي عليك الكثير من الناس يعتقدون ان هناك تدخل غيبي والا فهو مشروع اعجاز أحيا كربلاء ، زاد من محصولات كربلاء الزراعة واثمار اشجارها ،وكان فضله عظيما على السكان ، كنت اعتقد ان قصة هذا النهر انتهت عند هذا الحد ، لكن الذي تفاجئت به ، ان الاستاذ عبد الرزاق الحكيم قاد اهمال تطهير مجرى النهر أدى الى ارتفاع مستوى القاع ثانية بالطمي ، قلت بحرقة وثورة اعصاب وما الذي جرى .أجابني عام 1887م غيروا المجرى من جنوب مدينة المسيب الى غرب سدة الهندية 300 كم ، يسير مسافة 58 كم حتى يصل كربلاء من جهد شمالها الشرقي ، ثم يروي بساتينها ومزارعها ، فيصب في الاراضي المحيطة بالرزازة ،
|