كانت الأقلية اليهودية في العراق تشتغل بأخطر الأعمال التجارية والمصرفية، وتميزت بالتلاعب فيها، وتسعى دائماً الى حماية أجنبية، وتاريخها الطويل يؤكد هذه الحقيقة، ولها في العصر الذي كانت فيه في العراق أدوار خطيرة في الحياة الاقتصادية، وكان معروفاً سعيها الى حصر جميع المفاصل المالية بأيديها، سواء كانت تجارية أو صناعية، استعداداً ليومهم الموعود الذي سيأتي فيه (الماشح) وهو المسيح المخلص الذي يعتقد به اليهود أنه هو سيظهر في نهاية العالم، ليقضي على دولة الظلم والفساد والطغيان، ويعيد الى الأرض العدل والسلام، ويمكن اليهود من الاستحواذ على العالم. وتاريخ اليهود الأثرياء يدل على اشتغالهم بالربا، وهذا مشهود لهم في تاريخ الجزيرة العربية قبل الاسلام وبعده، وكانت لهم الحظوة في زمن الدولة الأموية والعباسية والعثمانية والى ما بعد الاحتلال الانكليزي للعراق، حيث كانت أمانيهم وأحلامهم أن يدوم الاحتلال البريطاني حتى وصل الحد بهم الى الترحيب واقامة حفلات الاستقبال للضباط البريطانيين، وكان أكبر الاحتفالات لتكريم الجنرال (مود) - فاتح بغداد كما يسمونه - وكان هذا الحفل مقاماً في مدرسة (الإليانس)، وهي تضم مجموعة كبيرة من المدارس اليهودية لمختلف المراحل في مدن العراق من الشمال الى الجنوب.
وقد انبرت الهيئة المؤسسة لهذه المدارس، وقالت: إن بغداد حالفها التوفيق؛ لأنها صارت تحت هذا الحكم (النزيه الشريف)، وقد التمس ممثل الأقلية اليهودية في العراق من سلطة الانتداب البريطاني بقاء العراق تحت حكم الاحتلال، واعتبار الأقلية اليهودية رعايا بريطانيين، ولا غرابة في ذلك، حيث أن سلطة الاحتلال والمندوب السامي البريطاني (برسي كوكس) أوصى خيراً بيهود العراق، حيث استفادوا من حاجة الادارة الجديدة للموظفين في دوائر الدولة، حيث أتاح لهم المستوى التعليمي الذي كانوا عليه ومعرفتهم اللغات الأجنبية احتلال كثير من الوظائف العامة في الجهاز الاداري.
وأيضاً كان لليهود في زمن الاحتلال العثماني الحظوة والمكانة المرموقة، حيث حصلوا على موافقات من السلطة العثمانية لتوطين يهود أجانب في العراق.
ومما يذكر أن الأقلية اليهودية كان لها ممثلون في مجلس الأعيان العراقي، وكذلك في مجلس النواب زمن الحكم الوطني بعد نهاية زمن الاحتلال الانكليزي من عام (1920) واستمر لسنوات عديدة، حتى نهاية الأربعينيات من القرن المنصرم.
|