مع سائر الأيام، ثمة بريق نلمحه فيملأ أنظارنا في لحظة، وتشتعل به وقودا في داخلنا في لحظة اخرى، فيخالطها شعور غريب يخرج من الاعماق، فتشمئز به الأنفس، وتجرح به القلوب، فيجرف معه مشاعر وآلاماً نازفة، وربما تؤدي بصاحبها إلى التهلكة وتكون نهايتها حزينة ومفجعة تلك هي الكلمة الجارحة..!
فكثير من المواقف والكلمات تنطلق من الأفواه دون مراعاة مشاعر الناس، فتكون كالحجارة: إما تصنع منها بناء شامخاً، وإما تتركها تتراكم فتدفنك، وكم من سهم جارح حفر أخاديد في الارواح، وترك وشماً في النفوس مدى الحياة..!
وعجبا كل العجب من شخص كلماته دائماً ليست لها حلاوة، لا يعرف للنصح باباً، ولا للمجاملة إصلاحاً..! وكم هي مؤذية الكلمات الجارحة التي يتلفظ بها المتفوه، فتترك ألماً واضحا في قلوب البشرية، فتراه يتجدد في كل ذكرى أو موقف مشابه..!
وقد تكون تلك الكلمات الجارحة صدرت من أحد والدينا أو أقاربنا أو في محيطنا التعليمي أي أنها من أشخاص يفترض بهم أن يكونوا مصدر أمان نفسي، فإذا به يحدث العكس، فيكونوا مصدر ألم لا يبرح، ولو اراد ازالته لبقي اثره ولو بعد حين وخصوصا لو كانت الكلمة قد سمعها من شخص قريب؛ لأنه صاحب قيمة عند المقابل، وهذه هي الصدمة بعينها، وكم اذكر بعض الكلمات الثقيلة في المزاح حتى أحيانا لا استطيع ان أنساها إلا بعد مرور الوقت..!
وما اجمل الكلمات الطيبة والالفاظ الحسنة والعبقة التي تترك الاثر الكبير في النفوس ويطيب بها الخاطر لو احس الانسان في اثرها، وكيف لا والله (عز وجل) يقول في كتابه: "وقولوا للناس حسنا"، فتبقى الكلمة الطيبة صدقةً تطيب بها النفوس وتسعد بها القلوب وتؤتي ثمارها وتجعل الآخرين في قمة المحبة والاحترام، وهنيئاً من يزرع للناس حسنا ويكون ذكرى طيبة في نفوس الآخرين.
|