لم يجر ِحدث منذ بداية الخلق كان له وقع ودويّ في قلوب البشر كما جرى على الإمام الحسين (عليه السلام)، حتى أن تفاصيل ما حدث في يوم العاشر من المحرم أمر مقرر قبل الوجود، وله إشارات عدة تذكرها الروايات بشكل واضح.
الاطاعة المطلقة والصبر على القدر المحتوم ذي الملامح الواضحة أحد أهم الامتحانات التي يدخلها المنتخبون لمهمة عظيمة ورسالة حقيقية. ومما لاشك فيه، أن الامام الحسين(عليه السلام) وهو المعصوم، كان عارفا بما سيجري، لذا خاطب أصحابه بشكل واضح وصريح، وبهذا لم يبقّ إلا الخلص من الأنصار يحملون رسالة السماء جنودا في ركاب إمامهم، يسيرون باتجاه المفاز الابدي، وهم ما بين حزن وألم بما سيجري على سيد الشهداء في المشهد الأخير من الواقعة، وما بين فرح يغمرهم بخاتمة امرهم المعروفة.
إن مكانة سيد الشهداء العظيمة صُيّرت محورا ومفصلا للتمييز ما بين الحق والباطل، دون ترك أي ثغرة يحاول بعدها المتضررون من ثورته (عليه السلام) أن يجدوا زقاقا يتخذونه سبيلا لتزييف الحقيقة وحرفها عن مدارها، فتذكر الروايات أن لقتل الحسين(عليه السلام) وقعا أليما عند أهل السماء دون الأرض، فالأنبياء بكت حسينا، وأولهم سيدنا ابراهيم الخليل (عليه السلام)، فحكمة الله تعالى في هذا الأمر بعد أن أمر إبراهيم (صلوات الله عليه وسلامه) ذبح الكبش بدل اسماعيل، تمنى عندها لو كان الأمر بذبح ابنه؛ لكي يعيش ألم حرقة الوالد على فقد أعزّ ما يملك، وكانت غايته كسب الثواب والصبر على المصائب.
وعندما علم النبي إبراهيم(عليه السلام) بما يجري في كربلاء بسبط النبيّ، أخذ يبكي بجزع وحرقة حتى حظي بجائزة كبرى من الله (عزّوجل) وهي أجر البكاء على الحسين(عليه السلام).
|