قبل عقدين من الزمان كنت أسير في شارع الرشيد بالقرب من السوق العربي , صادفت جارتنا (أم جاسم) , طلبت مني ان أرشدها إلى(الطبيب أبو الفْطُور) .الفطور: تعني تشقق القدم
قلت لها: هل تريدين طبيب .الجلدية؟ تلك عيادته .
قالت "لا. أريد طبيب مختص بالفطور".
الاختصاصات مهمة جدا حتى عند الكتاب .لقد برع البعض من الكتاب وأصحاب المواقع في اختصاصات نادرة , لم تتوصل أليها أدق التفرعات والتخصصات العلمية والأدبية . اعرف ان بعضهم يكتب للاسترزاق من خلال قلمه , واعرف أيضا ان عملية الاصطفاف الطائفي والقومي تعطى البعض (الضوء البنفسجي) ,لدفاعهم بشراسة الذئب عن ولي نعمتهم أو قائد من بني جلدتهم . هؤلاء تكون كتاباتهم متكررة تأخذ لونا واحدا , وهي أشبه بغاز الأوكسجين عديمة الذوق والطعم والرائحة , لكن الذي لا افهمه نهائيا, ان يتخصص البعض بشتم العملية السياسية والإساءة أليها وليس لأشخاص محددين. يصطفون مع أعداء تجربة العراق نحو الديمقراطية , ويبررون ذلك بأسباب واهية لايمكن ان تنطلي على (غشيم) , فما بالك باللبيب ؟.
عندما يصل الخلاف بنا حول أشخاص وأحزاب وجماعات حد التشابك لا يضر ذلك , لان الاختلاف والنقد من ضروريات مرحلة البناء الديمقراطي , تجربتنا الديمقراطية بحاجة ماسة لتقويم الأخطاء , لكل منا وجهة نظره , أما عندما يصل الأمر بنا إلى ان نتراشق ونبرر لبلدان وجهات تريد الشر للعراق , أفعالها وتحريضها وتصريحاتها العدائية , التي تريد إعادة حرائق الفتنة السوداء للعراق , فهذا خط احمر يجب ان لا يسمح بتخطيه .
اختلفوا مع الحكومة , واختصوا بخصام المالكي ان اعتقدتم ان ساسة العراق ومن جميع الإطراف ملائكة باستثنائه , لكن غير مسموح لكم إطلاقا ان تبرروا لقطر والسعودية أفعالهما ضد العراق , أو ان يبرر غيركم أفعال وتجاوزات إيران , وكذلك يفعل آخرون عندما يتعلق الأمر (بالسلتان اوردغان)
لا يؤدي بكم خصام المالكي لعدم التفريق بينه وبين العراق .يجب ان تفرقوا وتحذروا , ولا تخلطوا الأوراق , ولا تشرعنوا الإضرار للعراق وشعبه , ولا تسمحوا لأحد بشتم العراق , لا يأخذكم العداء للمالكي إلى حالة الاصطفاف مع أعداء العراق التاريخيين , كما يفعل بعض الساسة الان !!!!!!!!!!!!!.
خاصموا المالكي ان شئتم , واختصوا بالبحث عن أخطائه , كما فعلت جاراتنا (أم جاسم) وهي تبحث عن اختصاص الفطور , بشرط ان تحتفظوا بعراقيتكم ولا تغادرونها !!.
"لا صلة اقرب من صلة الوطن " أفلاطون
"قد يقتلع الإنسان من وطنه لكن هيهات ان يقتلع وطنه من قلبه" |