بولادة الإمام الرضا عليه السلام ولد النور الإلهي في عصره، لأن عصر الإمام الثامن عصر في غاية الظلام القاتم، لِما شاع من سلاطين بني العباس، من ظلم وحروب وقلاقل في الأمة الإسلامية على امتدادها ورقعتها، لاسيما الحرب بين الأخوين محمد الأمين، وعبدالله المأمون بعد أبيهما هارون الرشيد.
فالعصر كان قاتمًا، والحاكم ظالمًا، والدولة قوية جدًا ومترامية الأطراف، بحيث أن الحاكم يخاطب الغيوم ويقول لها: (اذهبي حيث شئت وأمطري فسيأتيني خراجك)، لأنه في عصر هارون الرشيد كانت الدولة العباسية على أشدها، وعلى امتداد خطوط العرض من طنجة غربًا، إلى سور الصين العظيم شرقًا.
فالظلام الحالك يحتاج إلى نور متألق، وسراج متلألئ ليضيء الظلمات، وينير ليالي الأمة المتخبطة في متاهات الظلام المختلفة، التي أدخلهم فيها حكام بني العباس الظالمين. وذاك النور هو الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، الذي ولد في المدينة النبوية، وراح ينشر نوره منذ صباه، لأن والده العظيم صار يتنقل بين سجون الظالمين، ولم يسمح له بتنسُّم الهواء، ومنعوا عنه حتى النور والضياء ، فكيف سيلتقي بالأمة ويقودها وهو في غياهب السجون المظلمة؟
فكان ذلك عن طريق ولده، وفلذة كبده، ووصيه على كل شيء، والإمام من بعده، علي بن موسى الرضا عليه السلام، الذي راح يلتقي بالرجال، فيسدد المقال، ويهدي الضال إلى سواء السبيل في حياة والده المظلوم.
فالإمام الرضا عليه السلام بزغت شمسه منذ الصباح، فلم يخفَ على أحد مكانه ومكانته في الأمة الإسلامية، لما يرون من علمه وحلمه وفضله وسؤدده وتصديه لشؤون الأمة بجدارة واقتدار، هذا إضافة إلى النصوص النيرة والمواقف المتواترة من أبيه بالوصية له والإشارة إليه.
فالإمام نور في ظلام الأيام، وهادي الأمة إلى طرق السلام.
فالسلام عليك سيدي ومولاي يا علي بن موسى الرضا عليه السلام ما دارت الأيام.
|