قلنا فيما سبق من كلام في هذه السلسلة أن القوم بعد أن ادركوا أهمية الزهراء في الاسلام ووظيفتها العامة فيه وأن رضاها وغضبها علامة بارزة لرضا وغضب الله تعالى ورسوله وأنها بهذا الأمر تمثل بوصلة اسلامية كبيرة .. سعوا أولاً الى قتل هذه الصفة ومحاربة هذه الشخصية المحورية قبل أن يقتلوا شخصها عليها السلام ..
واتبعوا في سبيل ذلك عدداً من الخطوات واتخذوا عدداً من القرارات الخطيرة واستعملوا اكثر من اسلوب ..
فالجريمة التي حصلت عند باب بيت الزهراء لم تكن عبارة عن شجار وقع بين فئتين ، ولم يكن خلافاً بين جارين كما يحصل احياناً بين ابناء المنطقة الواحدة .. وانما ما حصل في هذه القطعة الزمانية والمكانية هو عملية شرخ عسيرة ومؤلمة في جسد الأمة الواحدة والعقيدة الواحدة ، هذا الألم وهذه العسرة وقعت في أعلى درجاتها على بيت علي والزهراء خاصة .. هكذا ينبغي أن ننظر الى الأمور .. فكما ننظر الى حوادث الاعتداء على الانبياء من قبل اقوامهم من حرق وصلب ونشر .. الخ بأنها حروب عقائدية ، فكذلك ما حصل على باب الزهراء الذي قال عنه رسول الله ( باب فاطمة بابي وحجابها حجابي ) بأنها حرب عقائدية ..
الوقوف أمام هذا الباب والتجرؤ على أهله .. وعدم الاكتراث بمن كان يقف خلفه حتى و " إن " كانت الزهراء - كما قال كبيرهم - ... ! ، وجَمْع الحطب وحرقه ودفع الباب بقوة حتى يُكسر ضلع فاطمة ويسقط محسنها ، والدخول الى بيت من بيوتات النبي عنوةً واعتداءً ، ثم يطئوا ريحانتي رسول الله ، الحسن والحسين ، واقتياد رب هذا البيت مكبّلاً .. كل هذا هو محاولة لطمس شخصية أصحاب هذا البيت وتوهين أمرهما في الأمة وبالتالي افساد تأثيرهما على ما يريدون ان يتخذوه من اجراءات باطلة وشيطانية في الاسلام ..!
كان علي بن أبي طالب يدرك ذلك كله ، ويدرك أن هوية وشخصية الاسلام كلها مهددة ولا يقف الأمر عند هوية وشخصية بيته .. ووجد أن الصبر وتحمل المصائب هو أهون الشرين ويفضي الى أقل الخسائر فصبر وفي العين قذى وفي الحلق شجى كما يقول في خطبته عليه السلام .
|