أطرف ما قيل في الذكريات " أنها مثل أطباق الشوربة الرديئة في المطاعم الرخيصة .. من الأفضل ألا تحركها " .
إذا كان هذا صحيحا فعلينا ألا نثق بذاكرتنا لأنها شبكة مليئة بالثقوب، يتسرب منها أفضل الأشياء، لكن أكثر المبجلين لذكرياتهم هم من عشاق التاريخ والمتاحف وكل ما يتعلق بالزمن الذي مضى بلا عوده..
وكما لنا نحن البشر أطوارنا الغريبة في التعاطي مع ذكرياتنا وتفاصيلها فإن المتاحف التي صنفت (بالغريبة) اكتسبت شهرتها هي ايضا من غرابة ميولها في تعاطيها مع الماضي وسخافة ما تعرضه أحيانا..
كيف لا وهناك متاحف مخصصة لآلات جز الحشائش مثلا وأخرى لسوار الكلاب ومتاحف مخصصة للهدايا كمتحف رؤساء كوريا الذي يضم أكثر من 90000 هدية قدمها كبار الشخصيات الأجنبية ، أما متحف الأحذية فيضم أحذية السيدة الأولى في الفلبين إيميلدا ماركوس المقام في مدينة ماركينيا أشهر المدن في صناعة الأحذية.
وهناك متاحف أخرى كمتحف فيلادلفيا الذي يرقى باهتمامه عن الأحذية الى عرض الأجهزة الطبية القديمة ومعدات عتيقه بل وهياكل عظميه.
وللفنون ذاكرتها ومتاحفها ايضا بل واحتفائها فهناك متحف الفن السيء وهو المتحف الوحيد في العالم المكرس لجمع وعرض والاحتفال بالفن السيء في جميع أشكاله.
ومن الفن السيء الى متحف الفن الهزلي في لوس انجلوس الذي يهدف الى الترفيه عن جمهوره ، أما نيودلهي في الهند فلديها المتحف الأكثر غرابه الذي يضم عدد كبير من مراحيض القرون الماضية ويلقي الضوء على مراحل تطور المراحيض في العالم.
لكن رغم غرابة وطرافة هذه المتاحف المتطرفة في اهتماماتها يبقى للمتاحف الشخصية طابع عاطفي تميزه الرهافة وتلونه العاطفة ، ربما هذا ما فكر به الاديب جبران خليل جبران عندما أوصى أن يكتب الى جوار قبره في متحفه الشخصي في لبنان عبارة " أغمضوا عيونكم ، أنظروا حولكم ، وستروني"
ويبدو أن المتاحف الشخصية لم تعد خاصة بمشاهير وأدباء العالم ففي عام 2006م أطلق عشيقان رغبا في المحافظة على (إرث) علاقتهما السابقة مشروع (متحف للقلوب المحطمة) الذي يجمع المئات من المقتنيات العادية والغريبة وغير المألوفة والمضحكة الشاهدة على قصص حب تلاشت من مكواة استخدمت في كي بزة الزفاف الى مرآة سيارة كسرت خلال نوبة غيرة !!
ربما لأن الحب ضرورة لدى البعض ورفاهية لدى البعض الآخر تنتهي ذكرياته وتموت في قلوب البعض في حين تبدو كما لو أنها خالده في قلوب آخرين يلجؤون بشتى الطرق والأساليب لبث الحياة فيها أو تحنيطها على طريقتهم.
لكن تخيلوا معي عدد القلوب المحطمة في هذا العالم وكم متحف شخصي يبقى مغلقا على ذاكرة صاحبه لا يفتح أبوابه للزائرين .. احتفاء بزائر واحد لا يزوره !
|