• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأبعادُ الدستورية والقانونية والدولية في رفعِ علمِ الشواذ على مقرِّ بعض البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق .
                          • الكاتب : د . حسن الياسري .

الأبعادُ الدستورية والقانونية والدولية في رفعِ علمِ الشواذ على مقرِّ بعض البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق

 لقد أثارت بعثة الاتحاد الأوروبي جدلاً واسعًا في العراق ، بعد رفعها ، بالاشتراك مع سفارتي كندا وبريطانيا ، علم الشواذ على مقر البعثة ، للاحتفال بما يُعرف بـ(اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي).

وبغية تسليط الضوء على الجوانب الدستورية والقانونية والدولية الكامنة وراء هذا الفعل ، سنُبيّن الموقف بإيجازٍ ، عبر أبعادٍ ثلاثةٍ ، دستوريةٍ وقانونيةٍ ودوليةٍ . وسنتطرقُ بدايةً إلى البعدين الدستوري والقانوني لما لهما من تأثيرٍ في إثبات مخالفة البعثات الدبلوماسية المشار اليها آنفاً للمنظومتين الدستورية والقانونية في العراق ؛ ما يُثبت بالمحصِّلة خرقها الالتزامات الدولية ، التي سنشير إليها لاحقاً .

أولاً : البعد الدستوري  :
١- يُعدُّ الدستورُ القانونَ الأعلى والأسمى في البلاد ، وكلُّ تجاوزٍ له يعدُّ خرقاً دستورياً يتسبّبُ في بطلانِ الفعل ، ويُنزلهُ منزلة العدم !!
٢- إنَّ حرية التعبير مكفولةٌ دستورياً ، ما لم تتعدَّ النظامَ العام والآدابَ العامة ، فإذا تعدَّّتها حُظِرتْ ، وتحولَّت  إلى جريمةٍ . وهذا ما سار عليه الدستور العراقي ، وكذا الدساتير العربية والإسلامية ، بل وبعض الدساتير الأجنبية أيضاً . فالحرية مقيدةٌ دستورياً لا مطلقةٌ . وعليه لا يمكن التسليم من الناحية الدستورية بشرعية حركة الشواذ -المثليِّين- مطلقاً ، ولا بأفعالهم وسلوكياتهم قط .

٣- لقد أوجبَ الدستورُ الحفاظَ على هوية العراقيّين الإسلامية ؛ كونها تمثل هوية الأغلبية الساحقة . ومعلومٌ كم تتنافى تلك الأفعال الشاذة مع هذه الهوية ، وكم تخرق المنظومتين الدستورية والقيمية !!

٤- وليس بخافٍ القولُ إنَّ المادة الثانية من الدستور التي أعقبت المادة الأولى المخصصة لاسم الدولة قد جعلت الاسلامَ ديناً للدولة ، جرياً على عرف الدساتير العراقية والعربية والاسلامية؛وهو -الإسلام- مصدرٌ أساسٌ للتشريع. فكيف يُرفعُ علمٌ للشواذ في دولةٍ دينها الإسلام ، وهو مصدر تشريعها الأساس !!

ثانياً : البعد القانوني :
وليس القانون ببعيدٍ عن الدستور في حظر هذه الأفعال ، إذ تعدُّ أفعالاً مُحرّمةً ، بل مُجرَّمةٌ ، ويمكن أنْ تُصنّفَ من وجهة نظر قانون العقوبات -من حيث المبدأ- بكونها جرائمَ مخلةً بالأخلاق والآداب العامة ، بل ومن الجرائم الماسة بالشعور الديني ، كونها تتنافى مع منظومة المجتمع الدينية والقيمية ، وتضربها بالصميم .

ثالثاً : البعد الدولي :
وهذا البعد هو المهم فيما يتعلق بالفعل الذي قامت به البعثات الدبلوماسية . فبعد أن تجلَّى أنَّ كلاً من الدستور والقانون في العراق يحظران حركة الشواذ ، ويعدّانها غير دستوريةٍ وغير قانونيةٍ ، سنوضح الآن موقف القانون الدولي العام من الفعل الذي قامت به تلك البعثات ، وبحسب الآتي :
 ١- بمقتضى المادة الثالثة من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام ١٩٦١-وهي الاتفاقية الدولية المعنيَّة بتحديد الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وبيان الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية- فإنَّ البعثة الدبلوماسية ترمي إلى تمثيل الدولة المُعتمدة-الموفِدة- لدى الدولة المُعتمد لديها-المُستقبِلة-، وحماية مصالحها ، وتعزيز علاقات الصداقة والمصالح المشتركة بين الطرفين ، وليس من شأنها التدخل في شؤون الدولة المُعتمد لديها ، ولا القيام بأي عملٍ استفزازي ضدها .

 ٢- إنَّ على البعثات الدبلوماسية الأجنبية احترام ومراعاة المنظومة الدستورية والقانونية والقيمية في الدولة المُعتمد لديها -التي تتواجد فيها-. وهذا ما نصت عليه المادة الحادية والأربعون من اتفاقية فيينا ، فلقد ورد فيها الآتي :
((١-يجب على جميع المتمتعين بالامتيازات والحصانات ، مع عدم الاخلال بها ، احترام قوانين الدولة المعتمد لديها وانظمتها . ويجب عليهم كذلك عدم التدخل في شؤونها الداخلية...٣-يجب أنْ لا تُستخدم دار البعثة بأية بطريقةٍ تتنافى مع وظائف البعثة كما هي مبينة في هذه الاتفاقية أو في غيرها من قواعد القانون الدولي العام أو في اية اتفاقاتٍ خاصة نافذة بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها)). 
وأيُّ عملٍ متنافٍ مع عمل ووظيفة البعثة أكثر من استفزاز مشاعر العراقيين في شهر الصيام برفع علم الشواذ !!؟؟
 وإذْ كان الدستورُ والقانونُ في العراق لا يُقرّان حركة الشواذ ويحظرانها ، فمؤدى ذلك أنَّ هذه البعثات قد قامت بفعلٍ يُمثِّلُ خرقاً واضحاً وفاضحاً للمنظومتين الدستورية والقانونية ، فضلاً عن القيمية ، وهو ما يعني بالمحصِّلة أنَّ هذه البعثات قد خرقت الالتزام الدولي الوارد في الاتفاقية ، القاضي بوجوب مراعاة الدستور والقانون في الدولة المُعتمد لديها !!!

٣- أما ما يتعلق بالوضع القانوني الدولي لرفع الأعلام على مقر البعثة الدبلوماسية ، فقد كانت المادة العشرون من اتفاقية فيينا واضحةً بهذا الصدد ، إذْ أجازت للبعثة رفع علم  وشعار دولتها الوطني لا غير ، إذْ ورد في المادة الآتي :
(للبعثة ولرئيسها الحق في رفع العلم الوطني وشعار الدولة المعتمدة على مباني البعثة، ومنها مقر رئيس البعثة وكذلك على وسائل تنقلاته) . وهو ما يعني صراحةً عدم جواز رفع أيّ علمٍ يُسبِّب استفزازاً أو تعدياً على ثوابت وقيم الدولة المُعتمد لديها !!! وللدليل على ذلك نسأل هذه البعثات :
هل تقبلون برفع علم النازية في البعثات الدبلوماسية الأجنبية العاملة في بلدكم !!؟؟ مع أنه يُمثل علماً لدولةٍ كانت تسيطر على مساحاتٍ شاسعةٍ في أوربا ، وليس علماً لمجموعة أفرادٍ شاذين !!

٤- لا علاقة لموضوع الحصانة الدبلوماسية بمخالفة البعثات الدبلوماسية لالتزاماتها الدولية ، فالحصانةُ شيءٌ ، وخرق الالتزامات الدولية شيءٌ آخر ؛ ولا يمكن التذرُّعُ بالحصانةِ للتحلُّلِ من الالتزامات الدولية ، إذْ ما وُجِدت الحصانةُ  إلا لتيسير عمل ووظائف البعثة وطواقمها -الدبلوماسية وغير الدبلوماسية- ، وغايةُ الأمر أنَّ الحصانة الدبلوماسية مانعةٌ من تطبيق القوانين الوطنية ، دون الإجراءات الدبلوماسية المعتمدة ، والمترتبة على خرقِ الالتزامات الدولية !! 
٥- وتأسيساً  على ما قد سبق في الفقرة أعلاه ؛ يعدُّ أيّ تجاوزٍ من هذه البعثات على المنظومة الدستورية والقانونية والقيمية في الدولة المُعتمد لديها مُسوِّغاً لعدِّ رئيس البعثة شخصاً غير مقبولٍ بمقتضى الاتفاقيات والقواعد الدولية ، ما قد يتسبّبُ في إنهاء عملهِ الدبلوماسي في الدولة المُعتمد لديها.

٦- إنَّ العراق لا شأن له بالمركز القانوني للشواذ في كندا وبريطانيا وغيرهما من دول الاتحاد الأوربي ، فذلك شأنٌ داخلي.بيد أنه لا يجوز للبعثات الدبلوماسية أن تنشرَ أو تروِّجَ ، بأية صورةٍ كانت ، في العراق وغيره من الدول المشابهة ، لما تراه جائزاً عندها ، ما دام النظام العام والآداب العامة في العراق لا يُقِرّان ذلك ، كما أنَّ العراق ليس بوسعهِ الترويج ، لما يراه جائزاً ضمن حدود الدستور والقانون العراقيَّين ، في دولهم ، متى كان النظام العام والآداب العامة عندهم لا يُقِرّانهِ .

٧- لا ريب في أنَّ تطاول البعثات الدبلوماسية المتكرر منذ سنين ، يعكس ضعف المنظومة الرسمية العراقية وخارجيتها ؛ ولا أدلّ على ذلك من توجيه السؤال الآتي للحكومتين الكندية والبريطانية وبعثة الاتحاد الأوروبي :
هل تجرؤون على رفع علم شواذكم في بعثاتكم الدبلوماسية في إيران أو السعودية !!؟؟ بل هل تجرؤون على فعل ذلك في ماليزيا وباكستان  !!؟؟؟

٨- إنَّ بيان الشجب الصحفي الذي أدلت به وزارة الخارجية لم يكُ متناسباً مع حجم الفعل القبيح ، ولا كافياً لردع هذه الانتهاكات ، ولا بدّ من موقفٍ شجاعٍ وحازمٍ ؛ لئلا تتكرر ، بعيداً عن المواقف الانفعالية .
 وفي هذا السياق نحن نحتكم إلى القانون الدولي العام وإلى الاتفاقية الدولية المعنية بهذا الشأن المشار إليها آنفاً ؛وتأسيساً على ذلك للعراق أنْ يعدَّ رؤساء البعثات الذين تورطوا في هذا الفعل القبيح أشخاصاً غير مقبولين وغير مرغوبٍ فيهم في العراق ، وتحديد أمدٍ زمنيٍ قصيرٍ لمغادرتهم البلاد ، ومجيء من يحلُّ محلَّهم ؛ لكي لا يتطاول أحدٌ غيرهم في المستقبل ، فإنْ لم تستطعْ الخارجية فِعلَ ذلك ، ولن تستطيع ، فلا أقلَّ مِن القبول باعتذارٍ رسميٍ تحريريٍ ، مذيَّلاً بإمضاءِ رئيسِ البعثة المعنية ، وموجهاً إلى الشعب العراقي وحكومته ؛ وبخلافه لن ننالَ سوى الخيبة والخسران .
[22:54, 5/20/2020] حسن الياسري2: ولا أدلّ على ذلك من توجيه السؤال الآتي للحكومتين الكندية والبريطانية وبعثة الاتحاد الأوروبي :
هل تجرؤون على رفع علم شواذكم في بعثاتكم الدبلوماسية في إيران أو السعودية !!؟؟ 
بل هل تجرؤون على فعل ذلك في ماليزيا وباكستان  !!؟؟؟

٨- إنَّ بيان الشجب الصحفي الذي أدلت به وزارة الخارجية لم يكُ متناسباً مع حجم الفعل القبيح ، ولا كافياً لردع هذه الانتهاكات ، ولا بدّ من موقفٍ شجاعٍ وحازمٍ ؛ لئلا تتكرر ، بعيداً عن المواقف الانفعالية .
 وفي هذا السياق نحن نحتكم إلى القانون الدولي العام وإلى الاتفاقية الدولية المعنية بهذا الشأن المشار إليها آنفاً ؛وتأسيساً على ذلك للعراق أنْ يعدَّ رؤساء البعثات الذين تورطوا في هذا الفعل القبيح أشخاصاً غير مقبولين وغير مرغوبٍ فيهم في العراق ، وتحديد أمدٍ زمنيٍ قصيرٍ لمغادرتهم البلاد ، ومجيء من يحلُّ محلَّهم ؛ لكي لا يتطاول أحدٌ غيرهم في المستقبل ، فإنْ لم تستطعْ الخارجية فِعلَ ذلك ، ولن تستطيع ، فلا أقلَّ مِن القبول باعتذارٍ رسميٍ تحريريٍ ، مذيَّلاً بإمضاءِ رئيسِ البعثة المعنية ، وموجهاً إلى الشعب العراقي وحكومته ؛ وبخلافه لن ننالَ سوى الخيبة والخسران .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144668
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28