• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : شؤون عربية .
                    • الموضوع : تحديات المرحلة الانتقالية في السودان .
                          • الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب .

تحديات المرحلة الانتقالية في السودان

اثمرت قوى مرحلة ما بعد زوال نظام عمر حسن البشير التي اطاحت بحكمه بعد عقود من استبداده بالسلطة طوال ثلاثين عاماً، حيث شهد عهده اتهامات عديدة منها القضاء على الخصوم السياسيين، ومحاصرة التعددية الحزبية، والفساد، وارتفاع في مستوى الفقر، وانخفاض هائل في قيمة الجنيه السوداني، إضافة إلى تفكك وحدة السودان، ونزاع دارفور، وحاول البشير على مستوى قضية دار فور ان يتخلص منها عبر منح الاستقلال الكلي لجنوب السودان بعد سنوات من الحرب والانتهاكات التي طالت البشير نفسه واصبح مدان من قبل محكمة العدل الدولية. البشير الاتي عبر انقلاب عسكري على حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي وذلك في عام1989وبعدها استولى على منصب ما عرف بمجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطني والذي تقلد من خلاله منصب رئاسة الوزراء، ورئاسة الجمهورية السودانية، وحاول البشير من جانب ثاني ان يجد شرعية شعبية تعتمد على الانتخابات فسمح بإقامة اول انتخابات تعددية في عام2010وفاز فيها بأغلبية كبيرة طعنت بها القوى المعارضة، ومع الفشل في ادارة بعض الملفات الداخلية وتوتر علاقته مع بعض دول الخليج وبالتحديد مع الامارات لأسباب مالية واحيانا ايديولوجية تتعلق بعلاقة البشير بالإخوان، كما كان لحركة التغيير السياسي في الجوار السوداني، ودول شمال افريقيا دور في تنمية المطالبة بتنحي البشير، وفعلاً استطاعت التجمهرات الشعبية المحتجة من الاطاحة بالبشر منذ اكثر من عام بعد اصطفاف قائد الجيش مع المتظاهرين وهو السيناريو الاكثر حدوثا منذ حركة التغيير في تونس ومن ثم مصر وفي الموجة الاخيرة تكرر مع الجزائر والسودان.
وبعد مرحلتي التغيير وتسّيد الجيش والاضطراب السياسي تشهد السودان مرحلة ثانية تمثلت بالفترة الانتقالية، قد ترسم هذه الفترة افاق ديمقراطية وتداول سلمي للسلطة حيث وقّع المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير(تجمع المهنيين السودانيين، قوى الاجماع الوطني، قوى نداء السودان، التجمع الاتحادي المعارض) على وثيقة الإعلان الدستوري بحضور محلي ودولي كثيف وتجاهلت القوى المتفقه قوى اخرى كنقابات العمال، بعد أن حددت معالم المرحلة الانتقالية التي تصل إلى 39 شهراً، اتفق الفرقاء السودانيون على جدول زمني للمرحلة الانتقالية في البلاد حل المجلس العسكري الحاكم حالياً اولا وتشكيل مجلس السيادة القيادة الدولة ويترأس أحد الأعضاء العسكريين المجلس لمدة 21 شهراً، بعد التوقيع على الاتفاق مباشرةً، وتعقبه رئاسة أحد الأعضاء المدنيين لمدة 18 شهراً المتبقية، وبعد ذلك ينتهي عمل المجلس بأجراء انتخابات يحدد بموجبها الشعب قيادته، من هنا فان هذا الاعلان من حيث المبدأ يبدو انه يؤسس فعلاً لمرحلة جديدة لكن هناك بعض المخاوف المشروعة من خطط تكون مضادة لهذه المبادئ وقد تكون من احد اطراف الاتفاق، او من قوى اقليمية من هنا وهناك(الجوار السوداني او دول الخليج) لحسابات سياسية ترتبط في صراع القوى والمحاور في منطقة الشرق الاوسط والمنطقة العربية.
ومما تقدم فان التحدي الاول قد يكون من أي محاولات لإجهاض أو افشال المرحلة الانتقالية سيصب في صالح الثورة المضادة وتعاظم تدخل المحور الإقليمي في الشأن السوداني، واستمرار فاعلية حلفاؤه الاستبداديين في الداخل مما يعني إعادة إنتاج لنظام اوتوقراطي جديد، ويشكل التحدي الثاني من سطوة طرف يمتلك ادوات العنف والنفوذ، صحيح ان الاعلان الدستوري في الفترة الانتقالية قام على اساس متوازن في تولي السلطة، لكن في العالم العربي عادة ما يكون للجيش سطوة كبيرة على مؤسسات الدولة وبالتالي قادر على قلب المعادلة لصالح قيادته اذا ما افترضا وجود قيادة عسكرية طامحة في تولي السلطة بصورة دائمة على غرار التجربة المصرية، اما التحدي الثالث فيعود لمرحلة ما بعد المجلس السيادي حيث سيكون للقيادة المنتخبة دور كبير في وضع السودان اما على اعتاب مرحلة رابعة جديدة من سماتها الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ودور فاعل للشعب عبر السلطة التشريعية او توظف القيادة الجديدة السلطة لصالحها على المستوى السياسي، وتكتفي بشكليات الديمقراطية فقط حيث سيحدد الشعب من خلال قيادته التنفيذية والتشريعية والتي بدورها تحدد هوية الدولة وشكل نظام الحكم من خلال تعديل الدستور وجملة من التشريعات التي تنطوي بها مرحلة النظام الاستبدادي والتفرد في اصدار القرارات والتشريعات، وبقي ان نشير ان التحدي الرابع ويتمثل بما يعرف بحراسة القوى الشعبية المساهمة في تغيير النظام الاستبدادي وهذا يتطلب وحده الهدف بين هذه القوى والمتمثل بالإصرار على ترسيخ القيم والمبادئ التي خرج من اجلها المتظاهرين في اقامة الحكم الديمقراطي التداولي ومشاركة الشعب في اختيار من يمثله والسعي الى قامة ديمقراطية تحترم حقوق الانسان والحريات العامة، والحق في العيش الكريم وتوفير مقومات الحياة العصرية الناهضة، ووحده هذا الهدف يتوقف على وعي هذه القوى اذ انها قد تتحول بعد استلام السلطة من عقليه الحركة والرفض الى عقليه راكده تسعى وراء مغريات السلطة، والمشكلة هنا حتى الشعب صاحب الدور الاول في هذا التغيير قد ينقسم خلف هذه القوى، وبالتالي يكون التغيير ما هو الا تغيير اشخاص وليس تغيير لنظام الحكم، والعقلية التي حكمت السودان في العقود الاخيرة، ومما تقدم نجمل المرحلة الانتقالية في السودان من حيث مبادى الاعلان الدستوري، والتحديات التي قد تواجه هذه المرحلة ومخرجاتها فيما بعد بالنقاط الاتية:
1. من حيث المبدأ ان الاتفاق على ادارة مرحلة ما بعد البشير بكل التداعيات التي خلفها نظامه الاستبدادي يعد خطوه بالاتجاه السليم، اذ ان في حالة التغيير الحاصل لابد من مرحلة انتقالية واتصور لا يوجد اختلاف في هذا لكن الاهم هي المبادئ والقيم التي تقوم عليها هذه المرحلة كونها تؤسس لمرحلة دائمة.
2. ان المرحلة الانتقالية كمرحلة ثانية ما بعد التغيير السياسي الحاصل في السودان تصل فترتها الى ما يقارب الثلاث سنوات(سنتين وعشرة اشهر) اعتمدت على التوزان في تولي السلطة بين المجلس العسكرية وقوى التغيير، وربما السبب في ذلك حتى لا يتسيد المجلس العسكري على السلطة.
3. المرحلة الانتقالية اذا ما تكفل اطراف الاتفاق بادارتها بمهنية قد تنقل السودان الى مرحلة دائمة من سماتها الانتخابات التداولية بطريقة سلمية، بموجبها أي المرحلة الدائمة ستحدد شكل الدولة وطبيعة النظام السياسي والذي من المتوقع ان يبقى من حيث الشكل نظاما رئاسياً وبصلاحيات اكبر للرئيس الوزراء وربما على غرار النموذج التونسي لمرحلة ما بعد زين العابدين بن علي، كما سيكون هناك دور اكبر للمجلس النيابي على اعتبار ان من مهام المجلس انتخاب رئيس الوزراء، اضافة الى دوره التشريعي والرقابي.
4. ان من اهم التحديات التي قد تواجه المرحلة الانتقالية ومخرجاتها هي تسّيد طرف من الاطراف وتوظيف السلطة لصالح مشروعة السياسي، كما ان التحدي الاهم الاخر في سعي النخبة القيادة اما بإقامة دولة ديمقراطية مستقرة او توظف شكليات الديمقراطية من اجل البقاء في السلطة، وتمييع اهداف القوى الشعبية التي خرجت ضد كل مساؤى نظام عمر حسن البشير.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=137063
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 08 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29