• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراق في قلبِ العاصِفةِ؛ كيفَ يحمِي نفسهُ؟! أَلقِسمُ الأَوَّل .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

العراق في قلبِ العاصِفةِ؛ كيفَ يحمِي نفسهُ؟! أَلقِسمُ الأَوَّل

مقدِّمة مُدير الأُمسِيةِ؛
العراقُ في قلبِ العاصِفةِ، لماذا؟!.
وهوَ يُرِيدُ أَن يلتزم الحَياد الإِيجابي، كيف؟ وهل يُمكنهُ ذلكَ؟!.
ولماذا تزامنت ضربات المَوصل والبصرة واليَوم بغداد مع بيان السيِّد القائد العام للقوَّات المسلَّحة؟! وعلى ماذا تُؤَشِّر؟!.
   وهل نجحَ السيِّد رئيس الجمهوريَّة في إِقناع الفُرقاء السياسيِّين في تبنِّي سياسةً واحدةً عمَّا يجري في المنطقةِ؟!.
                       تفاصيلُ النَّدوةِ
   في إِطار هَذِهِ الأَسئلةِ والإِثارات كانت الأُمسية بما يلي؛
   ١/ سبَبان يجعلان العراق في قلبِ العاصفة دُونَ غيرهِ من الدُّول؛
   أ/ إِنَّ بقيَّة الدُّول حسمت أَمرها واتَّخذت قرارَها النَّهائي فإِما إِلى جانب واشنطن وإِما إِلى جانب طهران، أَمَّا العراق فلم يفعل ذَلِكَ لأَنَّهُ يسعى لتبنِّي سياسة الحَياد الإِيجابي ما أَسعفتهُ الظُّروف لتحقيقِها.
   ب/ إِنَّ كِلا الطَّرفَين، واشنطن وطهران، تسعيان لتوظيفهِ لصالحِها في هذا الصِّراع لأَهميَّتهِ على المُستوى العسكري والسِّياسي والإِقتصادي.
   ٢/ صحيحٌ أَنَّ الوضع الْيَوْم حسَّاسٌ وخطيرٌ ولكنَّني لا أَعتقدُ أَنَّ حرباً تلوحُ في الأُفُق، لأَنَّ كِلا الطَّرفَين يعلمان عِلم اليقين أَنَّها ليست نُزهة وأَنَّها مُكلِفة، ولذلك فهُما يُكرِّران يوميّاً بأَنَّهما لا يُريدان الحرب.
   ٣/ طهران تُمارس سياسة الضَّرَبات الإِستباقية ضدَّ واشنطن لتُسيطر على الوضع العام وتأخذ المُبادرة بيدِها، من جانبٍ، ولإِفهامِها، وكذلكَ حلفاءها في المنطقة، بشَكلٍ واضحٍ وصريحٍ لا يقبل التَّفسير والتَّأويل، بأَنَّ أَيَّ عُدوانٍ عسكريٍّ ضدَّها سيُكلِّفها ثمناً باهضاً، وهذه السِّياسة على الرَّغمِ من أَنَّها تبدو وكأَنَّها نُذُرُ حربٍ، إِلَّا أَنَّ التَّجربة تُشيرُ إِلى عكسِ ذَلِكَ، فالضَّرباتُ الإِستباقيَّة [الدِّفاعيَّة] في أَكثر الأَحيان كانت سبباً مُباشراً في دفعِ الأُمور باتِّجاه السِّلم، لأَنَّها تُذكِّر الخصم بالثَّمن المُتوقَّع والمخاطر المُحتملة، وهذا ما أَظنُّ أَنَّهُ سيحصل، لأَنَّ توازُن الرُّعب أَداةً مُهمَّةً من أَدوات تحقيق السَّلام.
   ٤/ تراجع الرَّئيس ترامب ليلة أَمس عن خُططهِ العسكريَّة ضدَّ طهران لأَسبابٍ عدَّة أَهمَّها أَمران؛
   أ/ بعد أَن أَثبتت طهران، وبالأَدلَّة القاطِعة، أَنَّ طائرة التجسُّس التي أَسقطتها كانت تحلِّق فَوْقَ المياه الإِقليميَّة وليست في المياهِ الدوليَّة، الأَمر الذي أَسقط ذريعةً مهمَّةً كانت واشنطن تُحاول توظيفها لضربِ طهران التي سيعتبرها المُجتمع الدَّولي مصدر تهديدٍ للملاحةِ الدَّوليَّة في مياهِ الخليج الإِستراتيجيَّة للعالَم برُمَّتهِ!.
   ب/ بعد أَن لم ينجح الرَّئيس ترامب في إِستمالةِ أَيِّ حليفٍ دوليٍّ، أُوروبي أَو غيرهِ، وإِقناعهِ بصحَّة خُططهِ العسكريَّة التي ينوي التَّعامل بها مع طهران، ليأخذهُ معهُ!.
   فالمعروفُ تاريخيّاً أَنَّ واشنطن لا تذهب إِلى حربٍ، أَيَّةَ حربٍ أَكانت شاملةٍ أَو محدودةٍ، لوحدِها.
   ٥/ بقدرِ ضَعف الخاتمة التي أَنهى بها القائد العام للقوَّات المسلَّحة الدُّكتور عادل عبد المهدي بيانهُ قَبْلَ يَومَين، بنفسِ القَدر كان الردُّ قويّاً في البصرةِ والمَوصل واليَوم في العاصمةِ بغداد.
   وهو مُؤَشِّرٌ واضح على ضَعف قُدرة العراق على تبنِّي سياسة الحَياد الإِيجابي وهوَ في قلبِ العاصِفة.
   إِنَّ المُعوِّقات التي تحول دون تبنِّي بغداد لهذهِ السِّياسة كثيرةٌ إِلَّا أَنَّ أَهمَّها أَربعةٌ؛
   أ/ الإِرهاب الذي عادَ يزحف من حواضنهِ السريَّة الدَّافئة إِلى المُدن، وإِن كانَ ببُطءٍ.
   ب/ الميليشيات، وهي كلُّ سلاحٍ خارج إِطار الدَّولة يخلولُ التَّأثيرُ على سياساتِها، والتي أَثبتت مرَّةً أُخرى أَنَّها قادرةٌ على إِختيار الوقت والمكان للردِّ على كلامِ الحكومة فضلاً عن أَفعالِها.
   ج/ فوضى التَّصريحات السياسيَّة، والتي حاول السيِّد رئيس الجمهوريَّة الدُّكتور برهم صالح ضبطها من خلالِ سعيهِ المُستمر لإِقناع كلِّ الفُرقاء السياسيِّين بأَهميَّة الإِلتزام بالسِّياسات العامَّة للدَّولة في هذا الظَّرف الحسَّاس والتي لا ينبغي أَن تُعبِّر عنها غَير وزارة الخارجيَّة.
   د/ الفساد المالي والإِداري وعلى رأسهِ المُحاصصة التي باتَ واضحاً الْيَوْم أَنَّها أَساس كلَّ فسادٍ في الدَّولة لأَنَّها هي التي تغطِّي عليهِ وهي التي تحميه.
   هذه المعوِّقات أَنتجت وضعاً خطيراً للغايةِ يتمثَّل في فُقدان الدَّولة سيطرتها على الأَدوات والآليَّات التي من المُفروض أَن توظِّفها في أَيَّة عمليَّة تفاوض مع أَيَّة دَولة سَواء كانت من دُوَل الجِوار أَو الدُّوَل الإِقليميَّة أَو العالميَّة، الأَمر الذي أَضعف موقفها في المُفاوضات بعد أَن أَسقط من يدِها أَدوات هذا التَّفاوض وأَدوات الضَّغط وغير ذلك.
   ٦/ لازلتُ أَشكُّ بقُدرة العراق على أَن يكونَ وسيطاً في الأَزمة الحاليَّة بين واشنطن وطهران، لأَنَّ الأُولى لا تثقُ بهِ كونها تعتبر أَنَّ [حُلفاء] الثَّانية قادرُون على [خَربطة الغَزِل] في أَيَّة لحظةٍ يتلقُّون بها الأَوامر من طهران لتغيير مسارات الوساطةِ مثلاً، والأَخيرةُ لا تريدُ من بغداد أَن تكونَ وسيطاً لأَنَّ ذلك يعني أَنَّ عليها أَن تُحيِّدهُ في هذا النِّزاع وهذا ما لا ترغب بهِ طهران التي تريدُ بغداد خندقاً متقدِّماً في الصِّراع متى ما اقتضت الضَّرورة والحاجة.
   ٧/ الرَّئيس ترامب يعتقد بأَنَّ كلَّ الحروب التي خاضتها بلادهُ في الشَّرق الأَوسط كانت حروباً عبثيَّةً وهذا مُؤَشِّرٌ على أَنَّهُ لا ينوي خَوضَ حربٍ جديدةٍ في المنطقة، وعندما تراجعَ يوم أَمس عن خُططهِ العسكريَّة ضدَّ طهران لأَنَّهُ يعرفُ جيِّداً بأَنَّها ستكونُ حرباً عبثيَّةً جديدةً! وهي سوف لن تنتهي بإِطلاق عدَّة صواريخ وإِنَّما ستتطوَّر بشَكلٍ دراميٍّ لا يقدر هو ولا غيرهُ على السَّيطرة عليها وعلى نتائجها المُنظورة، خاصَّةً إِذا استهدفَ الردُّ اليد التي توجِعهُ!.
   ٨/ أَضف إِلى ذلك فالذي لا يجرُؤُ على تسميةِ الدَّولة التي تقف وراءَ حربِ النَّاقلات في مياهِ الخليج لا ينوي بالتَّأكيد إِشعالَ فتيل الحرب في المنطقة وإِلَّا لما ضيَّع الذَّريعة، الفُرصة، هذه تمرُّ من بينِ يدَيهِ.
   ٩/ فضلاً عن أَنَّ رفضهُ لمقترحِ وزير دفاعهِ بالوكالة لإِرسال [١٥٠] أَلف جندي إِلى المنطقة مُؤَشِّرٌ آخر على عدمِ نيَّتهِ التورُّط في مثلِ هَذِهِ الحرب.
   ١٠/ إِنَّ واحدةً من أَهم أَسباب فوضى السِّياسات التي يمارسها الرَّئيس ترامب هو أَنَّهُ لا يُصغي إِلى مراكز الأَبحاث والتي ليس لَهُ علاقةً بها أَصلاً فضلاً عن كونِها علاقة غَير وديَّة باعتبار أَنَّهُ لم يأت من المؤَسَّسة الحزبيَّة والسياسيَّة التاريخيَّة ولذلك فهوَ لم يتعامل ولا يعرف أَن يتعامل مع هَذِهِ المراكز التي عادةً ما تغذِّي المؤَسَّسات الرسميَّة بشَكلٍ واسعٍ.
   بل وصلت المرحلة إِلى أَنَّ عناصر هامَّة وبارزة في إِدارتهِ راحُوا يُدلُون بتصريحاتٍ أَقل ما يُقال عنها أَنَّها لا تدعم سياسات الرَّئيس.
   ١١/ صحيحٌ أَنَّ هناك قوىً عُظمى أَعلنت مواقفَ حاسمةٍ لصالحِ طهران في ظلِّ تصاعُد الأَزمة مع واشنطن، وعلى رأسها روسيا، إِلَّا أَنَّني لا أَعتقدُ بأَنَّ أَيٍّ منها ستتدخَّل [عسكريّاً] لصالحِ طهران إِذا ما اشتعلت نيران الحربِ في المنطقة، بل ستكتفي بالحراكِ السِّياسي والديبلوماسي الذي تنتهي مصبَّاتهِ في مجلس الأَمن.
   *يتبع...
   ٢١ حُزَيران ٢٠١٩
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=135139
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 06 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29