هل المصنّفات وكثرتها هي الميزان في معرفة الاجتهاد والاعلمية ؟؟ أو إنّ الميزان في ذلك هم ذوو الخبرة المأمونون ؟؟
و الجواب : لا بدّ للناس من الرجوع لأهل الخبرة المأمونين .
وذلك
أولا :
لأن المصنفات التي تدل على الاجتهاد وتدلّ متانتها على الأعلمية إنما هي تلك المصنفات التخصصية الدقيقة التي لم يكن إدراكها - فضلا عن الترجيح فيما بينها - بمتناول عامة الناس ، فلا بد من الرجوع في هذه المصنفات إلى المتخصصين في هذه العلوم ( وهم أهل الخبرة المأمونون المعروفون بالعلم والتقوى ) .
ولو قال بعضٌ من أساطين المذهب بهذا الطريق ( وهو أن معرفة الأعلم تكون من خلال المصنفات ) فإن قصده قطعا هو : إن أهل التخصص والخبرة يعرفون الشخص من خلال مصنفاته العلمية التخصصيّة الدقيقة .. لا أن العامة من الناس يعرفونه من خلال مصنفاته ، وذلك لعدم إمكان ذلك كما بينّا ( حيث لا يستطيعون إدراك مطالبها في الغالب ) .
وبل إن إرجاع العامة الى المصنفات هو نوعٌ من أنواع التضليل والتجهيل !!! كما يقال للمريض : تعرّف على الطبيب والطبيب الحاذق من خلال مصنفاته لا من خلال ذوي الاختصاص في هذا الشأن !! خصوصا وأن الكثيرين يجدون صعوبةً في فهم الرسالة العملية ! فكيف بالمباحث العليا !؟
ثانياً :
وجدنا ممن لديهم الكثير من المصنفّات في مختلف أبواب العلوم الدينية ممن لم يذُق طعم الإجتهاد وهو أبعد ما يكون عنه ، فيما وجدنا من الفقهاء الذين يُشار لهم بالبَنان ولم تجد لهم مصنفاتٍ تُذكر أو أنها قليلة جداً .
قد يُقال :
إذن لماذا عدم التأليف ؟
الجواب :
إن الفقيه حينما يشرع بكتابة موسوعة أو كتابٍ ما ، لابد أن يكون هناك مقتضي لهذه الكتابة - يعني هناك حاجة اقتضت التأليف - وليست القضية قضية سباق وتفاخر !! ..
فقد يكن رأي هذا الفقيه أو ذلك أن الكتابة لا مقتضي لها لوجود مصنفات - لغيره - تغني عن كتابته ، كما يُنقل عن آية الله الشيخ هادي آل راضي - حفظه الله تعالى - وهو الموسوعي في علم الرجال ، حين سُئل عن المانع من كتابته في علم الرجال .. فأجاب : أصلا لا مقتضي للكتابة قبل البحث عن وجود المانع ، فهناك من المصنفات ما تغني عن كتابتي .
#فتأمل_جيداً
ولو قيل :
بأن أهل الخبرة قد يميلون ميولا عاطفية ومجاملاتيّة ، وعليه فلا يمكننا الوثوق بشهاداتهم ! .
قلنا : أولا :
قد اشترطنا في أهل الخبرة أن يكونوا قد عُرِفوا بالتقوى - التي تمنعه من المجاملة واتباع العاطفة في إبداء رأيه - ولا يصح أن نعتمد قول كل شخص .
ثانياً :
إذا كنا نريد أن نعمل بمبدأ التُهَم لأهل الخبرة فلا بد ان نلاحظ أن المصنفات والكتابات لا تسلم من تلك التهم أيضا ، لاحتمال أن تكون تلك المصنفات أبحاث مسروقة من الآخرين ، كما علمنا أن بعض من يدعي الاجتهاد والأعلمية قد نسخ أبحاث بعض الأعلام ولصقها في كتبه .
فتبقى الكلمة الفصل لذوي الخبرة المعروفين بالعلم والتقوى والأمانة وهم موجودون على تعاقب الدهور .
ولا يفوتنّك متابعة الحلقة_الثالثة_عشرة للإجابة على بعض التساؤلات .
لمتابعة بقية الحلقات أضغط هنا
|