لاعصمةَ إلّا للمعصوم (ع)
كريم الانصاري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كريم الانصاري

ننزعج أحياناً كثيرةً حتى لأدنى موارد النقد والملاحظة والاستشكال .. فمصداقيّتنا تحت المحكّ حين ندّعي شعاريّاً عكس مانفعل ميدانيّاً ..
ندّعي الحوارالبنّاء وحرّيّة التعبير واحترام الرأي الآخر .. لكنّا نتضايق لأدنى مكتوبةٍ ومسموعةٍ ومرئيّةٍ تنالنا بالإيراد والتضعيف والاعتراض ، ناهيك عمّا سواها .. ونقابلها أحياناً بماأُوتينا من قدرةٍ ونفوذ واختيارات كي نشفي الغليل ونكبح جماح المناوىء المُدين ، سواء كان مُحقّاً أو غير مُحقّ في الانتقاد .. وكأنّنا قد صاننا الباري تبارك وتعالى من الخطأ والزلل والإثم والغفلة والنسيان .. كأنّنا معصومون ولايصدق فينا إلّا التقديس والإطراء والمديح والثناء ..
ننسى أنّنا كلّما نواجه الناقد بغضبٍ وتوتّر نخسر الكثير ، وكلّما نقابله بسعة صدرٍ وتروٍّ نربح الكثير .
على تصرّفاتنا أن تكون موزونة وحساباتنا دقيقة وإقداماتنا مدروسة، علينا مراجعة حركاتنا وسكناتنا ؛ إذ السماء والناس بالمرصاد .. علينا قبول أنّنا كسائر الناس خطّاءُون ، مع تفاوتٍ في الشدّة والضعف ..
من أساليبنا وأعمالنا ما كانت ولازالت خاطئة وتترك آثاراً غير محمودة ، تستدعي النقد والمراجعة والعلاج والتصحيح طبق الأدوات المنهجية والآليات المعرفية . ومنها ما كانت ولازالت صائبة وتترك آثاراً محمودة ، تستدعي أيضاً ذات السبل لصونها وتعزيزها ونشرها خدمةً للقيم والمبادىء الإنسانية النبيلة .
ليس كلّ مَن نالنا بالنقد مغرضاً هدّاماً ، فهناك الحريص الواعي الساعي عبر القواسم المشتركة إلى ردم الهوّة وجَسر الفجوة وملء مناطق الفراغ الخطِرةالآخذة بالاتّساع يوماً بعد آخر .
شئنا أم أبينا ، فنحن راحلون ولن يبق منّا سوى أعمالنا التي نُذكَر بها ويحاسبنا الربّ المتعال على ضوئها .. فحريٌّ بنا أن نحدّ البصر والبصيرة وننظر بعيداً ونُوجِب على ذواتنا المراجعة والمحاسبة، وأن نضع رضا السماء فوق كلّ اعتبارٍ ومصلحةٍ ورغبة ، فلاعبادة ولاتزلّف ولاتقرّب إلّا له تبارك وتعالى ، ولاعصمة إلّا لمَن عصمهم عزّوجلّ من الخطأ والنسيان .
ولاننسى أنّ لكلّ مقامٍ مقال ، فالنخب والرموز رغم إمكانية صدورالخطأ منها فإنّ لها من العزّ والكرامة والحقّ ماينبغي أن تُحفَظ وتُصان بلاتنافٍ - في ذات الوقت - مع إبداء الرأي وإيصال الملاحظة بما يناسب الشأن والأخلاق .
إنّ حركة الأحاسيس وردود الفعل المتسرّعة إزاءالنقدوالاستشكال نتائجها ضارّة .. على خلاف حركة العقل حيث ثمارها نافعة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat