صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

"إنّا رفعناه" .... لطمية كلماتها منحرفة عقائدياً ومنهجياً
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)).
إنَّ للامر بالمعروف والنهي عن المنكر دور مفصلي وحيوي في الاسلام ، يُعرَف ذلك من الاهتمام الكبير بهذه الفريضة في القرآن الكريم والروايات الشريفة عن آل البيت الأطهار الهُداة الميامين (صلوات الله عليهم). فيتوجب على كل مؤمن يرى معروفاً مهملاً ان يرشد له ويحث عليه ، او منكراً معمولاً به ان يستنكره ويُنفّر منه ويحث على تجنبه.
ويلاحظ في الفترة الاخيرة الماضية ان هناك عدة مخالفات تصدر عن شعراء اللطميات والرواديد وحتى بعض الخطباء دون ان يصدر نكير عليهم من عموم المجتمع الشيعي يرقى الى نفس حجم مخالفتهم ، بل ان ردود الافعال تجاههم تكاد تكون صغيرة ومتواضعة ! وكمثال يمكن ان نذكر ما هو ربما احدى اكبر المصائب ، وهي قول احد الخطباء: (لو تجيبلي جبار السماوات هسة ابجيلكياه) ، استغفر الله العليِّ العظيم من هذا الكفر والهُراء. ورغم ان الخطيب المذكور تبرأ فيما بعد من كلامه وادعى ان عملية مونتاج دخلت عليه غير انه عجز فيما يبدو عن ابراز النص الاصلي لمحاضرته قبل المونتاج المزعوم ، ومع ذلك فما زال ذلك الخطيب (المتتبع للموضوع يعرف انه الشيخ علي السماوي ، فليس ذلك بسرّ) ما زال ذلك الخطيب يحضى بالاحترام من قبل بعض الجهات الدينية الشيعية ، كقناة كربلاء الفضائية التي تستضيفه وتنقل محاضراته ، وغيرها من الجهات وكأن شيئاً لم يكن !! 
واليوم في هذه السنة (1437هـ) تفاجأ بعض المؤمنين في ليلة 21 رمضان الماضي بظهور لطمية للرادود باسم الكربلائي عنوانها (انا رفعناه) وهي من كلمات ميرزا عادل اشكناني ، هذه اللطمية مليئة بالمخالفات العقائدية والكذب والقول بغير علم ، والظاهر ان القصيدة كلها هي حكاية على لسان رب العزّة تعالى عما يصفون علواً كبيراً.
واذا اردنا تتبع ومناقشة كل ما جاء فيها من مخالفات لربما احتجنا الى اكثر من مقال ، ولكن نوجز التالي من المخالفات ونشير اليها اشارة سريعة وهي مخالفات تنقل المؤمن من عالم التوحيد الى عالم الشرك ، والى عالم الافتراءات والكذب ، والى عالم القول بغير علم. منها:
ـ ابتدأت القصيدة بكذبة تقول: (قد قالها الله انا رفعناه في ليلة القدر) ، فاين قال الله تعالى ذلك ؟ في اي آية او رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) أو رواية عن الائمة الهداة (صلوات الله عليهم) عنه سبحانه وتعالى ؟ اما هو افتراء على الله ؟! اما هو قول بغير علم ! وقد قال تعالى: ((قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ)) ، وقال تبارك اسمه: ((وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) ، وقال عزَّ وجلَّ: ((وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
ـ وزعم في القصيدة: انَّ السبع سماوات لا تقع لانها مرفوعة بيمين امير المؤمنين (عليه السلام) !
ـ وزعم في القصيدة: أنَّ الامام علي بن ابي طالب (عليهما السلام) هو الذي شق البحر للنبي موسى (عليه السلام) وهو الذي جعل العصا ثعبان !!
ـ وزعم في القصيدة: حينما اندك الجبل كان الامام علي (عليه السلام) على الجبل !! وان الامام علي (عليه السلام) هو الذي تجلى للجبل بنور الله !! وهو بذلك يشير لما يرويه القرآن الكريم لنا بقوله تعالى على لسان النبي موسى (عليه السلام): ((قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً)). وهؤلاء يقولون ان امير المؤمنين (صلوات الله عليه) هو الذي تجلّى للجبل وليس رب العزّة تعالى عما يصفون !
ـ وزعموا كذباً وافتراءاً عبارة خطيرة نسبوها لرب العزّة جلَّ جلاله وتعالى شأنه انه قال عن الامام علي بن ابي طالب (عليهما السلام): (كفواً وجدناه ، انا رفعناه) وهو خلاف صريح لقوله تعالى في سورة الاخلاص: ((وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)).
ـ وزعم في القصيدة: ان الله تبارك وتعالى قال للامام علي (عليه السلام): اعمل ما على هواك ! و"بكيفك" رتب الافلاك ، ضع الشمس والقمر حيث تريد !!!!!!
ـ وزعم في القصيدة: ان الامام علي (عليه السلام) هو جاعل الارض مهاداً ، وهو بخلاف قوله تعالى: ((أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا)).
ـ وزعم في القصيدة: ان الامام علي (عليه السلام) هو الذي بنى السبع الشداد اي السماوات السبع !!!! وهو بخلاف قوله تعالى: ((وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا)).
ـ وزعم في القصيدة: ان الامام علي (عليه السلام) هو الذي رفع النبي ادريس (عليه السلام) ، وهوبخلاف قوله تعالى : ((وَاذْكُرْ‌ فِي الْكِتَابِ إِدْرِ‌يسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ، وَرَ‌فَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)).
ـ وزعم في القصيدة: ان النبي يونس (عليه السلام) عندما غرق نادى يا علي ، وهو بخلاف قوله تعالى: ((وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)).
ان هذه المفاهيم المذكورة في القصيدة بما تحمله من مخالفات عقائدية ومنهجية وافتراء وكذب وقول بغير علم هي مفاهيم غريبة على الواقع الشيعي الامامي وعلى الثقافة الشيعية الاثناعشرية الامامية المستندة في داخلها وفي واقع مجابهتها لخصومها على حقيقة انها ثقافة الدليل والحجة الصحيحة ، وانها ثقافة مبنية على التوحيد الصحيح ونبذ الشرك جليّه وخفيّه والانتقال بالمؤمن الى ساحة التوحيد الحنيف ، توحيد الاسلام المحمدي الاصيل.
إنَّ المؤمنين جميعاً مطالبون بإظهار الاستنكار والامتعاض تجاه مؤلف تلك القصيدة ورادودها وإرشادهما الى خطورة المخالفات التي ارتكباها بترويجهما للباطل ونشرهما لثقافة مخالفة لمذهب الائمة المعصومين الاطهار (عليهم السلام) ومشوّهة للوجه الناصع لمذهب الشيعة الامامية. وإنَّ مذهب آل البيت الهداة الاطهار (صلوات الله عليهم) أسمى وأطهر وانقى من أن تحيطه غيوم الباطل بسبب تصرفات بعض اتباعه المبنية على غلبة الهوى والقول بغير علم.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/22



كتابة تعليق لموضوع : "إنّا رفعناه" .... لطمية كلماتها منحرفة عقائدياً ومنهجياً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 4)


• (1) - كتب : علي البصري ، في 2022/05/27 .

مقال رائع ويحدد المشكلة بدقة الا اني اضيف ان جميع من يتفوه بهذه العقائد والافكار له منشأ واحد او متأثر به وهو كتب النصيرية فان في الهند وباكستان وايران لها رواج ويريد ان يروج لها في العراق تحت راية الشيعة الإمامية مع انه لم تثبت مثل هذه الافكار بروايات معتبرة

• (2) - كتب : محمد ، في 2022/05/15 .

سبحانك يارب لا تفقهون في الشعر ولا في فضل اهل البيت , قصيدة باسم لا يوجد فيها شرك ف اذهبوا لشاعر ليفسر لكم وليكن يفقه في علوم اهل البيت , ف اذا قلت ان نبي الله عيسى يخلق الطير , وقلت انه يحيي الموتى , هل كفرت ؟

• (3) - كتب : ابو محمد كاظم ، في 2022/04/19 .

السلام عليكم
ما نستبعد من هؤولاء الرواديد ومن يكتب من الشعراء
ان يملوا عليهم الوهابية من الغلوا والكفر ويعطوهم عليه الاف الدولارات ليعيبوا على الشيعة
فيجب ردعهم وفتوى بترك السماع لهم
هم يقبضون البيزات والناس تردد معهم بلا علم

• (4) - كتب : احمد هاشم حسن ، في 2020/09/11 .

احسنتم استاذ نبيل فقد تداخلت على مذهبنا الكثير من امثال هذه الشبهات والافكار البعيده كل البعد عن مفاهيم المذهب فضلا عن مفاهيم الاسلام الحقه ومنهج القرآن الكريم حتى صارت محوراً للتشيع وارضية خصبة لاعداء المذهب وخصومه والنواصب لتشويه صورته امام العالم وبسببها تلقى المذهب الطعنات تلو الطعنات من غير العارفين به فضلا عن الخصوم وفتحت بابا واسعاً للنقد والتجريح والطعن والتسقيط باتباع مدرسة اهل البيت سلام الله عليهم




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net