صفحة الكاتب : نزار حيدر

لموقع (كتابات في الميزان) الاليكتروني : عَنِ الارْهابِ والسّياسَةِ! ( 5 )
نزار حيدر
  السّؤال الثّامن؛ طُرفةٌ سِياسِيَّةٌ تقول ان صُنّاع الارهاب هُمُ الذين سيواجهونهُ؟ رأيكم؟!.
   الجواب؛ هذه حقيقة وليست طُرفة، فكلّ من رعى الارهاب وأيّده ودعمهُ واحتضنهُ، سيرى نَفْسَهُ في يومٍ من الأيّام في مواجهةٍ مباشرةٍ معهُ.
   انّ الارهاب هو أقذر أدوات العمل السّياسي، يلجأ اليه كلّ من تعوزهُ الحيلة، في مسعىً منه لفرض أجنداتهِ السّياسية على الآخر في صراعِ الإرادات.
   وليس المقصود هنا نوعاً محدّداً من الارهاب وان كان أسوأها الارهاب الدّموي، الا ان الذي يوظّف الارهاب الفكري في صراع الإرادات مع الاخر كذلك سيجد نَفْسَهُ في مواجهتهِ ان عاجلاً ام اجلاً.
   لقد انفقت الولايات المتحدة الأميركية وعدد من حليفاتها الغربيات الكثير من الجهد وعلى مختلف الاصعدة، والذي غطتهُ أموال البترودولار لنُظم القبائل الفاسدة الحاكمة في دول الخليج، لصناعة تنظيمات ارهابيّة في أفغانستان والباكستان كالقاعدة وطالبان وغيرها من التنظيمات الارهابيّة، بذريعة (الجهاد) ضدّ الرّوس، ولم يمرّ الوقت طويلاً حتى وجدت نفسها في مواجهةِ هذه التّنظيمات المتطرّفة والمتشدّدة التي ضربت في نيويورك ولندن ومدريد وغيرها، ثم تعاونت على صناعة تنظيمات أُخرى في سوريا لتجد نفسها في مواجهتها فيما بعد، وما جرائم الارهابيّين في باريس ولوس أنجلس وصور حزّ رقاب الأميركييّن والاوربيّين عنّا ببعيدةٍ.
   امّا المكوّن السُّني في العراق فهو الاخر احتضن التنظيمات الارهابيّة في مناطقهِ بذريعة ما وصفهُ البعض بثورة  الحقوق والتّهميش، او بذريعة البديل عن سلطة (الفرس المجوس الصفوييّن) ليرى نَفْسَهُ في مواجهتِها بعد حين، ولقد رأينا ماذا فعل الارهابيّون في الموصل تحديداً بعد ان حاولت حواضنهم تسويقهم كقوى ثوريّة منتفِضة ضدّ هيمنة (الفرس المجوس) لتتعالى اصواتهم ضدّهم بعد ان أهلكوا الحرث والنّسل ودمّروا كل شيء بما في ذلك الحضارة والمدنيّة والتّراث والتّاريخ!.
   ان الارهاب نارٌ قد تدمّر الاخر ثم تلتفّ لتحرق نفسها (صاحبها وحاضنتها) ويخطئ من يظنّ انّ بامكانهِ ان يوجّه اتجاهاتها كيفما يشاء وانّى يَشَاءُ وضدّ من يَشَاءُ، ابداً، فاذا كانت البداية تحت السّيطرة يمكن توجيهها فإنّ استمرارها ونهايتها ليست تحت السّيطرة ابداً.
   تأسيساً على هذه الحقائق يمكن تصديق العبارة التي وردت في السّؤال، فمن عشعشَ الارْهابُ عنده وبيّض وفقّس وفرّخ ونما وترعرع، سيدفع ثمنُ الارْهابِ أولاً ومن ثم سيضطرّ مُرغماً على محاربتهِ بعد ان يكتوي بنيرانهِ!.
   ليتعلّم من وظّف الارهاب لخدمة سياساتهِ الدّولية والاقليميّة، فلا يظلّ يحتضنهُ ويدعم الارهابيّين فعمّا قريب ستلتهم نيرانهُ مخادعكُم.
   على صعيد الارهاب الفكري، كذلك، فلقد رأينا كيف وظّفتهُ بعض الاطراف السّياسيّة في علاقاتها مع الاخرين، وهي في السّلطة، لتكتوي بنارهِ اليوم وهي خارج السّلطة، وصدق الله العلي العظيم الذي قال في محكم كتابه الكريم {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.
   ومن الطّرائف بهذا الصّدد، ان رئيس المحاكم الثّورية بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، الشيخ صادق خلخالي، زار رئيس الوزراء في عهد الشّاه المقبور المدعو أمير عبّاس هويدا، في السّجن المركزي والذي كان الشّعب قد ألقى القبض عليه وأودعهُ فيه، فشكى هويدا للشيخ ضيق السجن وصِغَرِ مساحتهِ التي لا تمكّنهُ من الحركة البسيطة، وانّهُ شديد الرّطوبة لظلمتهِ اذ لا تدخل اليه أَشعَّة الشّمس، طالباً منه نقلهُ الى سجنٍ آخر اكبرُ واوسعُ مساحةً تدخلُ اليهِ أَشعَّة الشّمس! فرد عليه الشيخ بالقول؛
   أوَلستَ انت الذي بنيتَ هذا السّجن؟ لماذا نسيتَ ان توسّع مساحتهُ قليلاً وتبنيه في واجهة الشّمس لترتاحَ به اليوم؟ انّهُ تقصيرُك وليس تقصير الشّعب او الثّورة!.
   لا يظُنَّنَّ احدٌ انّ الفلك يتوقّف اذا تمكّن في يومٍ من الأيّام، ابداً، فالفلكُ دوّارٌ، فمن يُوظَّف الارهاب في العمل السّياسي سيكتوي به يوماً ما، ومن يُوظَّف سياسات التّسقيط والدعاية السّوداء واغتيال الشّخصيّة في العلاقة مع الآخر، سيبتلي بها كلّها إِن عاجلاً ام آجلاً، فتلك هي سنّة الحياة.
   وبهذه المناسبة، فأنا انصحُ كلّ الاطراف السياسيّة في العراق الى ان تطهّر أدواتها في التّعامل مع بعضِها، خاصةً أولئك الذين ظلّوا يوظّفون الارهاب، بشِقَّيه الدّموي والفكري، لفرض أجنداتهم السياسيّة على الشركاء الآخرين، انّ عليهم ان يُعيدوا النّظر في أدواتهم بسرعةٍ ويُعيدوا حساباتهم جيّداً، فهذه السّياسة لن توصلَهم الى مبتغاهم، وصدق أمير المؤمنين عليه السلام الذي يقول {مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الاِْثْمُ بِهِ، وَالْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ}.
   يتبع
   ٢٢ شباط ٢٠١٦ 
                       للتواصل؛
‏E-mail: nhaidar@ho

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/23



كتابة تعليق لموضوع : لموقع (كتابات في الميزان) الاليكتروني : عَنِ الارْهابِ والسّياسَةِ! ( 5 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net