لقد أَعادت الانتصارات العظيمة الاخيرة التي تحقّقت في الحرب على الارهاب وتحرير الرّمادي، أَعادت الهيبة للقوّات المسلّحة العراقية من جانب، فيما أَعادت، من جانبٍ آخر، الثّقة بها لدى العراقيين، ولدى المجتمع الدّولي على حدٍّ سواء، كونها قادرة على إنجاز مهامّها الدّستورية في الدفاع عن العراق وعن شرف وعِرض وناموس العراقيين، بعد ان ظلّت الصّورة السّلبية عالقة في اذهان الرّاي العام عندما انسحب الجيش والشرطة ومختلف القوات الأمنية من الموصل في العام الماضي ليحتلّها الارهابيّون ويدنّسونها ويغتصبونها، بسبب حالة الفساد المالي والاداري التي استشرت في المؤسّسة العسكريّة والأمنية جرّاء سياسات الحكومة السابقة ومكتب القائد العام للقوات المسلّحة السابق الذي اطلق يد الزُّمرة الفاسدة المقرّبة منه، وبإشراف نجلهِ، لتبيع وتشتري بالمناصب القياديّة في هذه المؤسّسة الحسّاسة.
لقد أسقطت انتصارات الجيش كل الرّهانات الخائبة التي كانت تنتظر فشلهُ لتعلن عن موت المؤسسة العسكرية والأمنية لتحلّ محلّها أسماءهم ومسمّياتهم المستوردة!.
ولقد كان لفتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها المرجعيّة الدّينية العليا في النجف الأشرف الدور الأساس للوقوف بوجه الانهيار الذي أُصيب به الوضع العام؛
فمن جانب شحذت الفتوى همم الشّعب للتطوّع والانخراط في تشكيلات قوات الحشد الشعبي البطلة التي لولاها لاحتلّ الارهابيّون العاصمة بغداد الحبيبة التي وقفوا على ابوابها وأسوارها مهدّدين ومتوعّدين.
ومن جانبٍ آخر كان للفتوى فعلاً معنوياً وروحياً ضخّتهُ في صفوف المجتمع لتحوّل الانكسار النفسي والانهيار المعنوي الذي أصيب به العراقيّون بشكلٍ عام الى دافعٍ جديدٍ قاوموا به التّراجع ليتحوّل الى تقدّم والهزيمة التي تحوّلت الى انتصارات متتالية.
بالفتوى تشكّل الحشد الشّعبي المقاوِم الذي وقف امام الانهيار وملأ الفراغ الذي خلّفه انهيار القوّات المسلّحة ليحقق الانتصارات العسكرية والأمنية المتتالية خلال العام المنصرم (٢٠١٥) ويُمسك الارض المحرّرة ليمنح بذلك المؤسّسة العسكريّة والأمنيّة الفرصة الكافية لإعادة تشكيل نفسها من خلال عمليّة التّطهير الواسعة التي أَجراها السيد القائد العام للقوات المسلّحة في صفوف قياداتها الفاسدة واستبدالها بقيادات شابّة نزيهة، الى جانب اعادة النّظر في الخطط العسكرية والأمنية وتحسين التّدريب والاداء والتّسليح، لتعيد القوات المسلّحة تنظيم نفسها لتعود قادرة على اداء مهامّها بالشكل المطلوب وهذا ما تبيّن بشكلٍ واضح في عمليات تحرير مدينة الرمادي الاخيرة.
ولذلك يمكن القول وبالفم المليان انّ ما تحقّق اخيراً في الحرب على الارهاب على يد القوات المسلّحة الباسلة هو ثمرة طيّبة من ثمار المقدّمات التي حقّقتها قوات الحشد الشعبي البطلة من قبل، ومن ثمار الدّور المفصلي الذي اضطلعت به قوات الحشد الشعبي في عملّيات تحرير صلاح الدّين وديالى وغيرها والتي منحت القوات المسلّحة الفرصة الكافية لإعادة انتاج نفسها وعلى مختلف الاصعدة لتعودَ من جديد الى مواقعها في ساحات الحرب على الاٍرهاب لتؤدّي الدور الوطني المطلوب منها.
فهذه النتائج من تلك المقدّمات.
ولم يكن المطلوب، منذ اليوم الاوّل لانطلاق تشكيلات الحشد الشعبي البطل والمقاوم الذي جاء تلبيةً لفتوى الجهاد الكفائي، ان ينخرط في كلّ معارك التّحرير ضدّ الارهاب ابداً، فالحشد لم يتأسس على نظرية الاستبدال فهو ليس بديلاً عن القوات المسلّحة، كما انّهُ ليس البديل عن المؤسسة العسكرية والأمنية ابداً، انّما هو قوة شعبيّة وطنيّة رديفة ومساعدة كان الغرض منها سدّ الفراغ الأمني الذي سبّبهُ الانهيار المعنوي الذي أصيب به الجيش العراقي وما نتج عنه من تمدّد فقاعة الارهابيّين لتحتلّ نصف العراق زمن الحكومة السابقة التي أنشغل رئيسها بالثّالثة.
ولذلك يَعتبر الحشد الشّعبي نَفْسَهُ شريكاً في ايّ انتصارٍ تحقّقه القوات المسلّحة في ايّة معركة من معارك الحرب على الارهاب وَإِنْ لم يشترك فيها بشكلٍ مباشر، فهو نصرٌ له ولكلّ العراقيّين من دون استثناء، فلكلِّ مواطنٍ سهمٌ فيه، وانّ الدّماء الطّاهرة التي اريقت من نحور شهداء الحشد الشّعبي لا يختلف هدفها عن هدف الدّماء الطّاهرة التي أُريقت من نحور ابناءنا في القوّات المسلّحة، ومن نحور ايِّ شهيدٍ آخر يتسامى في ارض ايِّ معركةٍ من معارك الحرب على الارهاب وفي ايّ شبرٍ من ارض العراق الطّاهرة، وانّ الذين يبثّون الفُرقة بين المقاتلين الشجعان على أساس الهويّة والانتماء والتّسميات ويميّزون بين دمٍ وآخر انّما يبثّون سمومَهم في ساحات الجهاد لصالح الاٍرهابيّين، ولصالح اجندات مشبوهة خارج الحدود لا تريد بالعراق خيراً ابداً، لاضعاف جبهة حربنا المقدّسة على حساب تقوية جبهة الباطل، وإذا كان الارهابيّون يستهدفون المقاتل لتصفيتهِ جسدياً فان أمثال هؤلاء من أَبواق القادة الفاسدين والسّاسة الفاشلين الذين لازالوا يحلمون بالعودة الى السّلطة سواء من أيتام نظام الطّاغية الذليل صدام حسين او من أيتام القائد الضّرورة، لا فرق، يستهدفون معنويّات المقاتل لتحطيمها بالتّفرقة وبالتّباكي على الدّماء الطّاهرة وكأنّهم ليسوا هم تجّار الدّم والحروب العبثيّة.
انّ اجندات مشبوهة هي التي تتعرّض للحشد الشعبي وتُثيرهُ لإثارة النّعرات لتمزيق الصّفوف، ولذلك ينبغي الحذر من كلّ هذه الأصوات النّشاز، ولنضع نصب اعيُننا دائماً الهدف الوطني الاسمى المتمثّل بتحقيق النّصر الكامل والعاجل على الارهاب لتطهير آخر شبرٍ من دنسهِم، وليس بعد ذلك من الذي يحقّق هذا الهدف ويزف بشراهُ لأُسر الشّهداء وللأرامل والأيتام ولأرواح الشّهداء السّعداء وللجرحى والمعوّقين، فكلُّ مقاتلٍ في ساحات الجهاد في الحرب على الارهاب هو عراقي أولاً قبل ايّ شَيْءٍ آخر، وهو يفتخر بهويّتهِ الوطنيّة قبل ان يتذكر الجهة التي ينتسب اليها، ولِكُلٍّ فضلٌ، وبذلك سنُعيد الهيبة لقوّاتنا المسلّحة التي يجب ان تعود لتشكّل السور الحامي للوطن الامين على الارض والعِرض، لنساهم جميعاً ونساعد في بناء الدّولة من جديد بعيداً عن الكانتونات والجزُر المسلّحة المبعثرة والرّايات المتعدّدة التي تفرّق ولا توحّد وتشتّت ولا تجمع.
فلا عنوانَ يعلو فوق اسم العراق، ولا راية تعلو فوق رايته!.
يحلم من يتصوّر انّهُ قادر على استنساخ تجارب الآخرين على ارض العراق الطّاهرة!.
*ملخّص حديثَين منفصلَين عِبر خدمة سكايب مع القناتَين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat