صفحة الكاتب : نجاح بيعي

الرقم الخامس
نجاح بيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



ــ أو .. هل للشيعي العراقي هوية خاصة به ؟! .

لا أحد يدّعي بأن الشيعي العراقي , يختلف عمن سواه من شيعة العالم . فالجميع يشترك بمكونات خاصة , صاغت ملامح الهوية الشيعية , وأعطتها طابع مميز على الوجه العام . بحيث لو وُجِدَت هذه المكونات في مجموعة بشرية معينة وترافقت معها , في أي بقعة من الأرض , وفي أي زمن كان , لدلت دلالة واضحة على أن هذه المجموعة البشرية هم ( شيعة ).

وبإمكاننا التعرف على مكونات هذه الهوية , من خلال النقاط الأربع التالية :
( 1 ) ــ الإمامة : وهو الاعتقاد باثني عشر إماما معصوما ( أولهم علي بن أبي طالب (ع) وآخرهم الحجة بن الحسن (عج) .
( 2 ) ــ القضية المهدوية . نسبة للإمام المهديّ (عج) , وهو التاسع من ولد الأمام الحسين العسكري (ع) . وهو الذي يملأ الله به الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا .
( 3 )ــ القضية الحسينية : وهي المحور الجامع والعنصر المعبر عن وجودهم , بل هي أفضل إعلان عن الهوية المشتركة والجامعة للشيعة .
( 4 ) ــ الإرتباط بالمرجعية الدينية : وهو ارتباط مقدس , يربط القاعدة الشعبية ( الشيعية ) بالمرجعية , باعتبارها تقوم مقام النيابة عن المعصوم (ع)وبهذا تكون الرافد لديمومة هذا الارتباط مع الأمام الغائب ( عج ). فبهذه النقطة يفترق ويتميز الشيعة عن غيرها من الملل .

وقد مرت هذه المكونات بمراحل ولادة عسيرة , وسارت بدرب طويل , شاق ومرير , عُمّد بدماء زكية طاهرة , تمثلت بسيرة الأئمة الأطهار من آل بيت النبيّ ( عليهم السلام ) مع أئمة الجّور , ومن كُبراء رجالات المذهب من الصحابة والتابعين والموالين , بدءاً من حادثة ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) إلى زمان الغيبة الكبرى لصاحب العصر والزمان (عج) وما رافقها من منعطفات وتحولات قوية , عقائدية وفكرية واجتماعية , أصبحت جزء لا يتجزأ من طابع تلك الهوية التي أصبحت الدالة على الشيعة والتشيّع .
فإذا كانت هذه النقاط الأربعة تبين ( ملامح مكونات الهوية الشيعية ) على النحو العام , فهل هناك ملامح ومكونات لهوية الشيعي العراقي على النحو الخاص ؟؟ .
الشيعي العراقي يفترق ويتميز عن غيره ( بانصهار ) تلك المكونات الأربعة المذكورة جميعا داخل شخصيته , حتى توحدت بها ؟. فأصبحن لا ( يُعرَفـنَ ) إلا بـه .!؟. و لا ( يُعرَف) إلا ّبـِها .!؟. حتى صار الرقم ( الخامس ) للمكونات !.
بل يحسب نفسه بحق , المهد الحاضن لبذرة التغيير الإلهية , ومنطلق إقامة حدود الإسلام ونشره في الأقطار كافة ( ليظهره على الدين كله ) توبة 34. وبالاستطاعة القول , إن الشيعي العراقي هو الابن الشرعي , والوريث لكل تلك المكونات الأربعة , وأنه جزء لا يتجزأ من ذلك المخطط الإلهي الذي أ ُريد له أن يكون صائنا ً ـ ومدافعا ً ـ ومرابطا ًـ ومنتظرا ًـ ومضحيا ًـ للمكونات الأربعة للهوية الشيعية .
وهذا لا يأتي من فراغ , ويرجع أسباب ذلك إلى :
( 1 ) ــ عوامل داخلية : جُبلت عليها نفسية الشيعي العراقي , وقد صرح بها الأئمّة عليهم السلام في أكثر من مقام . مثلا ورد في أمالي الطوسي عن أبي عبد الله(ع) : \" ما من البلدان أكثر محبّاً لنا من أهل الكوفة \" .
وكذلك ما جاء في البحار : \" .. إن جبرئيل قال : \" يا محمد ( ص وآله ) إن أخاك ( ويقصد علي ـ ع ـ ) ... مقتول بعدك .... ببلد تكون إليه هجرته، وهو مغرس شيعته وشيعة ولده، وفيه على كل حال يكثر بلواهم، ويعظم مصابهم .. \" .
وكذلك ما ورد في بصائر الدرجات : عن أبا عبد الله(ع) يقول : \" إنّ ولايتنا عرضت على السماوات والأرض والجبال والأمصار، ما قبلها قبول أهل الكوفة \" .

( 2 )ـ عوامل خارجية .. رفدت واستوطنت شخصية الشيعي العراقي بقوة , ومَدّتها بالمَدَد الروحي الدائم , وحصّنتها لتواجه كل التحديات مثل :
ـ وجود أمير المؤمنين علي (ع) في العراق . مرقده , فضلا عن مقر دولته و إقامته ومحل استشهاده .
ـ ولادة منقذ البشرية الأمام المهدي الموعود (عج) في العراق , كما أن غيبته الأولى( الصغرى) , و الثانية ( الكبرى ) ومقر دولته الموعودة و سكناه بالعراق . ونوابه الأربعة و مقاماتهم ومراقدهم بالعراق رضوان الله تعالى .
ـ إن الحسين (ع) وكربلاء الطفّ في العراق , التي منها خرجت مبادئ وقيم الإسلام العظيمة مضرجة بدماء سيد الشهداء ( ع) , فالشيعي العراقي يندبه , ويبكيه في كل آن , حتى باهى الملائكة بالمواساة , و بات لا يُعرف أنه حسيني كربلائي , فمرقده (ع) و محل استشهاده , ومراقد أصحابه ( بقبور جماعية ومنفردة ) , فضلا عن مرقد أخيه أبا الفضل (ع) بالعراق .!؟
ـ وجود أئمة أهل البيت (ع) ولا سيما الأئمة المتأخرين منهم في العراق , كالأمام الكاظم (ع) والجواد (ع) و الهادي (ع) والعسكري (ع) , وذراريهم . وعدد غير قليل من الأنبياء (ع) والأوصياء والأولياء أيضا .
ـ وجود مغرس وانبثاق , ومقر المرجعية الدينية العليا ( القيادة ) في العراق .

لذا .. فلا غرو أن تنصبّ المؤامرات الخارجية والداخلية , مستهدفة الشيعي العراقي بشكل خاص , والعراق بشكل عام , على مدى التاريخ .
فالطواغيت وسلاطين الجور, والفتن والحروب , والاقتتال الداخلي , والنزاعات, والأزمات والانقلابات , والانحراف التوحيدي , والشلل الفكري , وجر المجتمع نحو الوثنية والإلحاد , والإنحلال , وسفك الدماء , وغيرها , سمة تاريخ العراق منذ تشكل البشرية والى اليوم . بل سيمتد إلى يوم الظهور المقدس .. بالموعود(عج) .
لذا فمحاولات ضرب وسلب وتشويه تلك المكونات , قائمة على قدم وساق . من خلال ضرب شخص الشيعي العراقي , فالأعداء ومن خلال وسائلهم الإعلامية المنحرفة , يطلقون التهم والإشاعات جزافا , من إن الشيعي العراقي شوفيني يوالي بلد آخر , وبهذا يريدون سلب الوطن (العراق) منه . أو أن أصله فارسي . وبه يريدون سلب عروبته . و أخرى يُلصقُ بإبن سبأ اليهودي الشخصية الوهمية , ويرومون من خلال ذلك سلب مذهبه السائر عليه .
بينما الشيعي العراقي , يشعر بقرارة نفسه أنّه أبنا ً لذلك العهد , الذي أدلت به العقيلة زينب الكبرى (ع) للإمام السجاد (ع) حينما رأته يجود بنفسه , بعد مصيبة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين (ع) حيث قالت :
\" لا يجزعنك ما ترى , فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله ( ص وآله ) إلى جدك وأبيك وعمك ، ولقد أخذ الله ميثاق ( أناس من هذه الأمة ) لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة وهم معروفون من أهل السماوات ، أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرجة ، وينصبون لهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام ، وليجهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهورا وأمره إلا علوا \" . / بحار الأنوار ج 28 ص 57


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/19



كتابة تعليق لموضوع : الرقم الخامس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net