تحالف السعودية الاسلامي... فلسطين خارج الحسابات
رائد كشكية

إعلان الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري مناهض للإرهاب، وغرفة عمليات مشتركة للتنسيق مقرها الرياض، كان مفاجأة غير عادية.

عنصر المفاجأة ناجم عن عدم عقد أي اجتماع للدول التي انضمت أو ضُمت إلى هذا التحالف، وعددها 34 دولة، وعدم أخذ رأي دول مثل لبنان الذي فوجئ بانضمامه دون علمه إلى هذا التحالف، حيث أكد وزير الخارجية جبران باسيل أنه “لم يتم التشاور معنا لا خارجيا ولا داخليا، خلافا للأصول والدستور”.

المفاجأة من جهة أخرى، تخص الدول التي ستحارب الإرهاب، من هي؟ هل بينها سوريا التي تحارب الإرهاب الآن؟ وهل بينها الجزائر، كما يتساءل عبدالباري عطوان، والتي فقدت أكثر من 200 ألف من مواطنيها في حرب لمدة عشر سنوات ضد جماعات إرهابية؟

بالطبع لا.. فالتحالف الجديد يضم دولا، برأي محمد حسنين هيكل، داعمة لـ”داعش”.

وحسب تغريدات هيكل على صفحته الشخصية في “تويتر” “بعض الدول المشاركة في التحالف الإسلامي من أهم الداعمين لتنظيم داعش الإرهابي”، ويرى هيكل أن التحالف بلا تنسيق، وبلا رؤية، وبلا آليات محددة، وبأهداف مشتتة، وسبب تشكيله أنه الحل الوحيد للخروج من مأزق فشل “عاصفة الحزم”.

لكن يمكن الاختلاف مع هيكل حول تشتت الأهداف والرؤية بملاحظة غياب العراق وإيران وحتى عمان عن هذا التحالف، ما يثير تساؤلا، كما لدى عطوان، حول جواز أن نقول إن الحلف الجديد هو “ناتو سني”، بل نستطيع التأكيد أنه حلف طائفي.

العدد المعلن، وهو 34 دولة، لا يعني أن كل هذه الدول مشاركة، فدول الخليج عموما والسعودية خصوصا اعتادت شن الحروب الإعلامية التي تميل إلى تضخيم القوة، بينما هناك دول لا علم لها بانضمامها مثل لبنان ودول بلا التزامات عسكرية مثل ماليزيا، ودول سبق أن رفضت الحرب إلى جانب السعودية في اليمن مثل باكستان، فمن سيقاتل في هذا الحلف؟

الرياض اعتادت استقدام العمالة حتى إلى الحرب، وتستطيع بسهولة جر جنود من السودان أو بنغلادش وغيرها إلى أي حرب كانت، لكن ما الحاجة إليهم وما الهدف من هذا الحلف؟

وكان عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي، جون ماكين وليندسي غراهام، قد دعيا إلى تشكيل قوة من 100 ألف جندي أجنبي معظمهم من دول “المنطقة السنية”، إضافة إلى 10 آلاف جندي أمريكي، وقال غراهام: “في اعتقادي أن القوة التي ستبقى ستكون دولية، وسيتمكن العرب السنة من السيطرة على جزء من سوريا يلقون فيه ترحيبا” بعد خروج تنظيم داعش منه”.

حشد 100 ألف جندي “سني” واحتلال جزء من سوريا “سني”، يفضح طبيعة التحالف الجديد الطائفية، ويشي بمؤامرة كبرى لتقسيم المنطقة على أسس طائفية في إطار “سايكس – بيكو” جديدة لتوزيع جديد لمناطق النفوذ، وكان جون بولتون أكد منذ أيام حتمية إقامة “دولة سنية” في شرق سوريا وغرب العراق.

إنها ليست مغامرة سعودية أخرى، كما يقول عبدالباري عطوان، فلا السعودية ولا ماكين وبولتون يمثلون المسلمين السنة، بل هي مغامرة غربية يقوم السعوديون فيها بنفس الدور الذي قامت به إبان الحرب العالمية الأولى أسرة شريف مكة، ومثلما دخل الاستعمار الفرنسي والإنكليزي المنطقة تحت راية “الثورة العربية الكبرى” تعود دول الاستعمار ذاتها تحت شعارات متبدلة آخرها “محاربة الإرهاب”.

ليس غريبا أن التحالف الجديد المناهض للإرهاب لا يتحدث مطلقا عن الإرهاب الإسرائيلي، رغم ضم دولة فلسطين إليه، فتحرير فلسطين ليس من أهدافه، وليس غريبا مشاركة جماعات تتهم بالإرهاب في اجتماع المعارضة السورية بالرياض، فمحاربة “الإرهاب السني” حجة أكثر منها هدفا لـ”التحالف الطائفي”.

محاربة “داعش” ستتحول إلى مهزلة ينتقل الدواعش عبر فصولها إلى أراضي “الدولة السنية” الجديدة التي باركها المحافظون الجدد، لكن تنفيذ المخطط سيصطدم لا محالة بمقامة سورية عراقية إيرانية روسية، وسيكون من الصعوبة بمكان إبراز الطابع الاستعماري للحرب المقبلة في ثوب طائفي نتن.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد كشكية

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/16



كتابة تعليق لموضوع : تحالف السعودية الاسلامي... فلسطين خارج الحسابات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net