صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

واحسرتاه على العراق
جمعة عبد الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اصاب الضمير العراقي بطعنة قاتلة , وهو يشاهد وطن يتمزق ويتهرى نحو الضمور والانحلال , ويستهزى بنا العالم ويتهكم علينا , لاننا لم نحفظ العراق من دنس الافاعي السامة وخفافيش الظلام الوحشية , ولاننا احفاد عقوق , نتنكر ونكفر بقدسيات الوطن والاجداد  , ونخون الامانة والتاريخ والارث الحضاري والثقافي , وكنوز الاثار النفيسة . هكذا يتفرج علينا العالم ويضحك علينا بالاستهزاء والسخرية والمسخرة , لاننا سمحنا ان نودع الامانة  ونمنح الثقة والعهد , الى زعماء صعاليك يتاجرون بنا في وضوح النهار , في سوق العهر والسبي والسمسرة , فصارت ابواب العراق مفتوحة ومشرعة  , لمن هب ودب من داعش والدواعش والفواحش والنواجس  . وتركونا  قادتنا السياسيين , وهبوا فرحين  في مهرجان الفرهدة والنهب واللصوصية , بعيون جائعة لاترتوي ولا تشبع , ولطخونا بعار الهزائم والخذلان . ومرغونا في المياه الآسنة العفنة والكريهة , لنتلقى طعنات الموت المسمومة , من اجل ان يعيشوا هؤلاء الصعالكة , بالنعيم والترف والجنة , على حساب الوطن الذي فتحت له ابواب جهنم  . فكان زمن العهر والسمسرة , نتلقى الطعنات تلو الطعنات , ونصاب بالكوارث تلو الكوارث , ونتجرع كأس الهوان بمرارة العلقم والحنظل . وهم شهود زور على وطن يتحطم ويتهدم ويتفتت . بالامس اقدمت عصابات داعش  الوحوش السائبة من فضلات العصور الوحشية . في حرق الآف الكتب الثقافية والعلمية والفكرية , وبعضها يعتبر من الكنوز الثقافية والحضارية  النادرة والنفيسة  التي لاتعوض بقيمتها الثمينة . واليوم هبت قريحة المشعوذين والمعتوهين من مواخير الفساد والزنى  من هذه الحثالات السرطانية , في هدم كنوز الاثار , ليصيبوا العراق بطعنة الكارثة الثقافية , فقد دمروا  متحف الموصل التاريخي , الذي يضم مجموعة كبيرة من التماثيل والمنحوتات النفيسة , التي تعود الى الحضارة الاشورية , قبل الآف السنين , ولم يشبع من شهوتهم الانتقامية , بتحطيم كل الاثار الموجودة في المتحف , التي تمثل روائع الحضارة الاشورية والسومرية . حطموا الثور المجنح الذي يعود تاريخه الى القرن التاسع قبل الميلاد , وكذلك بقية الكنوز التاريخية النفيسة , التي كانت مفخرة العراق ومفخرة تاريخ  حضارة وادي الرافدين , هذه الجريمة الوحشية الشنعاء , هدمت صرح العراق الشامخ , حطمت روح العراق والانسانية جمعاء , ووصموا الضمير الانسانية بوصمة العار الشنيع , حين تسفك دماء حضارته الانسانية وكنوزه الخالدة  , حيث يؤكد بان هذه الحثالات البشرية , لا تقيم وزرناً ومعياراً للقيم الشرف والاخلاق والدين , وانما هي جراثيم وحشية , تنتمي الى عصور الظلام والتوحش . لقد حطموا كل شيء يرمز الى الانسانية وحضارتها الشامخة  , ان هذه المجاميع الظلامية والهمجية , هي كارثة العراق الحقيقية , ويبقى العراق مريضاً ومشولاً وكسيحاً  حتى فناء هذه الجراثيم السرطانية . انهم كبدوا العراق خسائر فادحة لاتعوض بالثمن , واصابوا العراق بالحداد الحزين , ولا يمكن انقاذ العراق ودحر وحوش داعش , إلا بالقضاء على نظام المحاصصة الطائفية , لايمكن ان يصل العراق الى بر الامان والسلامة , إلا باعادة هوية الوطن المفقودة وطمر الطائفية في مجاري الصرف الصحي  , وسيظل الظلام يلف مستقبل العراق المجهول , وسيسير في درب الخراب والهلاك , إلا اذا اكتسب قادة يعرفون قيمة الواجب والمسؤولية , يقدرون قيمة الوطن والمصالح الوطنية , ويضعونها فوق اي اعتبار , لا يمكن للعراق ان يتجاوز الكوارث والمحن , إلا برجال يؤمنون بقيمة الشعب والحق والعدل والقانون , رجال يؤمنون بالوطن قبل المناصب , وخدمة الشعب , قبل امتيازاتهم , ان انهار الدماء لن تتوقف عن الجريان  , ومعاول الهدم لن تصمت ضجيجها  , إلا اذا اتحدوا  شرفاء الوطن على خلاص العراق من شرور الارهاب الدموي , والفساد المالي , إلا بارسال الفاسدين الى المحاكم والسجون , إلا بعودة الاموال المنهوبة , واعتدال الميزان . عدا ذلك فتظل الخفافيش الوحشية تحطم العراق بشهوة الانتقام الاعمى 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/27



كتابة تعليق لموضوع : واحسرتاه على العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net