فشل سيناريو ما بعد إحتلال الموصل
جعفر المزهر



تحاول أمريكا -وبعد دخول روسيا وإيران على خط دعم العراق في القضاء على سيناريو ما بعد إحتلال الموصل- أن تستعيد المبادرة، فبتصريح رئيس هيئة الأركان الأمريكية مارتن ديمبسي الأخير والذي أعلن فيه عن استعداد الطيران الامريكي لضرب الأهداف الإرهابية، وهذا الاستعداد جاء هذه المرة بدون شرط أمريكا التعجيزي السابق والذي طلب إتفاق المكونات السياسية العراقية على حل مرضي للجميع عندما بدأت أزمة الموصل؛ وهذا الشرط كان في حقيقته تشويشا للحفاظ على سرية سيناريو مبيت أشتركت به أطراف ثلاث مع أمريكا هي كل من: تركيا التي تريد إسقاط النظام السوري بأي شكل كان وتعمل في ذات الوقت على تطويع أكراد العراق ليكونوا أنبوب النفط الدائم لتركيا ليدر عليها نفطا بأسعار زهيدة جدا لأنهم يعرفون أن النفط الكردي المستقبلي لا يمر إلا عبرها، وكذلك أشتركت في هذا السيناريو جماعة مسعود البرزاني الذي يمني النفس بسهل نينوى المنفتح على الحسكة/قامشلي والتي يحكمها الاكراد السوريون اليوم والذي يسعى مسعود البرزاني لإحتوائهم تحت أبطه ليصبح بعدها البرزاني على مرمى حجر من البحر الأبيض المتنفس الحقيقي للدولة التي يحلم بها الاكراد، وكذلك السعودية التي تسعى من خلال هذا السيناريو لإنهاء النظام السوري وكذلك لإخماد هاجسها الأكبر المسمى شيعة العراق والعمل على تحجيم نفوذهم بالدولة العراقية، حتى ولو كان هذا على حساب تدمير وحدة العراق وعروبته.
هذا السيناريو وهذا المشروع كانت روسيا واعية به ولهذا بادرت وبسرعة فائقة ومن خلال رئيسها بوتين أن تتصل بالمالكي لتبلغه استعداد روسيا بفتح خط مباشر لدعم العراق لوجستيا لإفشال هذا المشروع.
هذا الدخول الروسي جعل أمريكا تستدرك أن روسيا فهمت لعبة أمريكا الساعية لسد منافذ الخاصرة الشمالية الشرقية لسورية وحرمانها من المعونات المقدمة لها من العراق وجعل البحر المراقب هو منفذها الوحيد لحصولها على المساعدات العسكرية.
أن فشل المشروع الرباعي هذا أخذ يتكرس من خلال عدة معطيات تحققت على الأرض:
أولها، فتوى المرجع السيستاني التي لم تكن متوقعة من هذه الأطراف الأربعة، وهذه الفتوى أعطت زخما كبيرا للدولة العراقية ولجيشها الذي كان في قمة انهياره.
ثانيها، الجسر الجوي اللوجستي الروسي-الإيراني والذي غطى كثيرا من النقص الذي حصل في المعدات والأعتدة نتيجة استيلاء قوات البرزاني والمجموعات الإرهابية على هذه المعدات والأعتدة.
ثالثها، الانتصارات السريعة التي بدأ الجيش العراقي يحققها ويعيد من خلالها سيطرته على كثير من المناطق التي سقطت بيد الإرهابيين.
رابعها، التراجع الأمريكي عن الاستمرار في دعم هذا السيناريو الذي كان مقدرا له أن يمتد إلى كل الحدود السورية العراقية، وما لعبة بيانات داعش في سعيها للوصول لبغداد إلا للتغطية على هذا المشروع ولأنها في الحقيقة غير قادرة على تحقيقيه بسبب قلة أعدادها، ولقد ساهمتا روسيا وإيران بإفشاله بشكل غير معلن عندما أبرقت للحكومة باللعبة الحقيقية من وراء إحتلال الموصل، وأمريكا فهمت هذه الإشارة، ولهذا توقفت عن دعم هذا المشروع حتى لا تُجر لمناطق لا تعرف نهاياتها بشكل تفصيلي.
خامسها، تصريحات مسعود البرزاني الأخيرة حول كركوك والتي تراجع فيها عن تصريحاته السابقة التي أعلن فيها عن ضم كركوك لكردستان من خلال سيطرة قواته عليها، لكنه تراجع اليوم وجعل الاستفتاء هو الحكم في وضع كركوك ولهذا عاد للمادة 140 بشكل وآخر بعدما أدعى أنه طبق هذه المادة من خلال انتشار قوته على أرض كركوك، وهذا التراجع من قبل البرزاني تشكل بعد أن عرف أيضا أن القضية بدأت تأخذ أبعادا أكثر مما رسم لها وخصوصا التهديد المباشر الذي تلقاه صهره نيجرفان برزاني في طهران وتحذيره بعدم التمادي أكثر بهذا المشروع الرباعي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر المزهر

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/04



كتابة تعليق لموضوع : فشل سيناريو ما بعد إحتلال الموصل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net