صفحة الكاتب : نزار حيدر

صناعة الذٓبّاحين
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   أُمطِرتُ، على مدى اليومين الماضيين، برسائل التهاني الحارة التي تبادلتها المجموعات البريدية التابعة للسلفيين التكفيريين، بسبب ما قالوا اعتناق مواطن مسيحي للإسلام، في نفس الوقت الذي يتبادلون فيه التهاني بسبب عمليات القتل والذبح والتفجير والتلغيم التي يذهب ضحيتها الآلاف المؤلفة من المواطنين المسلمين في مختلف دول العالم العربي والإسلامي.
   أيّة أمّة، يا ترى، هذه التي أضاعت بوصلتها فلم تعد تعرف متى ولماذا وبماذا تفتخر؟ ومتى ولماذا وعلى ماذا تحزن او تنعى نفسها؟.
   يحتفلون ويتبادلون ملايين التهاني لان مسيحيا اعتنق الاسلام، على حد زعمهم، وفي نفس الوقت ينحرون أرواح المسلمين بدم بارد تحت شعار:
   الرواح الى الجنة لحضور مأدبة عشاء دسمة مع رسول الله!!.
   لقد ذكرني هذا المشهد المضحك بقولٍ لصديق يصف فيه حال الامة وتخلفها عن الركب الحضاري بما يلي:
   نحن نعيش في دبر العالم، والعالم في حالة إسهال.
   هي الحقيقة التي يجب ان نستوعبها لنبدأ التغيير، لان المكابر لا يفكر بالتغيير فضلا عن البدء به لإنجازه، والمعاند لا يستوعب خطأه ليبدأ محاولات التصحيح.
   ان تاريخنا مليء بقصص المذابح التي تحصد كل واحدة منها الآلاف المؤلفة من الأرواح التي خلقها الله تعالى، من دون ان يقف احد ويتساءل لماذا؟ بل ان كثيرين يرفضون حتى الاعتراف بها، وإذا اعترف بها فتراه يبذل كل جهوده العلمية والمعرفية وما أوتي من علم الكلام لتبريرها وإيجاد المخرج الشرعي لها.
   وفي ذكرى مولد امير المؤمنين (ع) الذي يعّده كل المسلمين، بلا استثناء، الخليفة الشرعي لرسول الله (ص) ان كان الاول او الرابع، الا يوجد لحد الان ملايين (المسلمين) من يبرر لمن قاد الجيوش ضد الامام والخليفة المفترض الطاعة، فقتل آلاف المسلمين بحجج واهية؟ انهم انفسهم الذين حوّلوا عمليات القتل والذبح تلك الى أنموذج يحتذى في حياتهم اليومية، اذا بعمليات القتل والتفجير والتفخيخ والذبح، سنّة السلف يتناقلها الخلف جيلا بعد جيل.
   لا اريد هنا ان أسبر أغوار التاريخ هنا، الا ان الذي اريد قوله، هو ان من تحول عنده وفي ذهنه وثقافته، طاغية ذبّاح مراوغ فاجر مخادع غدّار كمعاوية ابن آكلة الأكباد، رمزا (جهاديا) كيف تنتظر منه ان يكرّم النفس المحترمة التي وهبها الله تعالى الحياة، وبيده عز وجل الأجل؟.
   وان من يعتبر الطاغية الذليل صدام حسين رمزا قومياً وبطلا نموذجيا، وهو الذي قتل ملايين المسلمين، وقدم العراق ضحية سياساته الرعناء هدية متواضعة على طبق من ذهب للاحتلال والغزو الأجنبي، كيف تنتظر منه ان يقود الامة نحو الحضارة والمدنية والتقدم والرقي؟.
   يحتفلون بإسلام مواطن مسيحي، وفي الوقت نفسه يحتفلون بذكريات القتل والذبح والتدمير التي تصيب المسلمين تحديدا على يد طغاتهم وحكّامهم الجائرين.
   انظروا الى هذا التناقض الصارخ، والنفاق الواضح، والازدواج في الشخصية.
   ان الحريص على اسلام واحد، يجب ان يكون احرص على أرواح المسلمين اولا، ام ان هذا الواحد سيعوّض عن أرواح ملايين المسلمين التي تراق يوميا ومنذ أربعة عشر قرنا ولحد الان؟ ما لكم كيف تفكرون؟.
   أدر وجهك حيث شئت، فسوف لن تجد مسلما مقتولاً الا على يد مسلم، فها هو العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان وأفغانستان والباكستان، فماذا يعني ان نحتفل باعتناق مواطن للإسلام؟.
   والأدهى والأمرْ عندما تكون هذه العقلية المريضة هي التي تتحكم في مقدرات المسلمين، فنظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، لازال يُنتج هذه العقلية ويستنسخها ويوزعها في العالم، إن بفتاوى فقهاء التكفير القابعين في البلاط من الذين يبصقون فتاواهم على نعل الحاكم ساعة يشاء، او بالماكينة الدعائية التي غسلت أدمغة المغفّلين، او بأموال البترودولار التي يبيعون ويشترون بها الضمائر الميتة.
   اذا ظلت هذه العقلية حاكمة في الامة فلا ترجو خيرا ابدا ولا تنتظر تغييرا مرتقبا ابدا، فتغيير العقلية قبل تغيير الواقع، أليس كذلك؟.
   واخيرا: اخشى ان يتحوّل هذا المواطن المسيحي الذي اعتنق الاسلام، الى ذبّاح يرمق بناظريه الجنة بانتظار ان تصله الدعوة لحضور مأدبة العشاء مع الرسول الكريم!!!.
   11 مايس (أيار) 2014
                     للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/12



كتابة تعليق لموضوع : صناعة الذٓبّاحين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net