فكروا بإلغاء المادة الاستثنائية
عبد الزهره زكي


كان يمكن للدورة البرلمانية الحالية أن تنهي دورتها، وهي على وشك الانقضاء، بأهم انجاز تحققه دورة برلمانية حتى الآن، وذلك حين تقدم عدد من أعضاء البرلمان، مهما كانت دوافعهم، للمحكمة الاتحادية التي أنهت جدلاً شعبياً متعاظماً بشأن تقاعد البرلمانيين ومن هم على تصنيفهم حين ألغت تلك الرواتب.
وكان يمكن لهذه الدورة أن تكون قد ختمت فترتها بإنجاز مهم يساعد أحزابها وكتلها في انتخابات هي على الأبواب ولكن كان ذلك فقط سيتم لو أن البرلمان، ولنقل بعض من فيه، لم يشترط لتمرير قانون التقاعد الموحد استثناء الدرجات الخاصة من أحكام تُركت للعوام واحتفظ البرلمان لنفسه ولمن على مقربة من تصنيف أعضائه بهذا الاستثناء.
كان هذا بمتناول أيدي البرلمانيين ليحظوا بامتياز كبير لكتلهم ولهم يكونون معه في موقع المسؤولية التي ترمم جانباً مما اعترى الصلة من شد بين الجمهور العام وبين السياسيين الذين لا يقوى أحد منهم على نفي هذه الأزمة التي يتحسب لها جميعهم وهم على بعد أسابيع من انتخابات تشريعية مهمة.
ولا أدري الآن كيف فكر السادة النواب بإمكانية صمود هذا الاستثناء وسريانه ليجد طريقه للتنفيذ والعمل به وسط هذه الأجواء المحكومة أولاً برأي عام يجد أنه انتصر للمرة الأولى حين نجح بفرض إرادته بطريقة دستورية وقضائية، والمحكومة ثانيا بظرف انتخابي حرج وحساس، والمحكومة ثالثاً بتنافس وتطاحن سياسي حاد؟
مثل هذه التساؤلات تقود إلى التفكير بطبيعة الصلة بين النواب والبرامج الفكرية والسياسية كما تعلن عنها قواهم وكتلهم السياسية، هل يعود النواب إلى أحزابهم التي صعدوا بفضل دعمها في مثل هذه الحالات؟ وإن لم يرجعوا ما جدوى الثقة التي تمنحها الناس للأحزاب ولمن تثق بهم هذه الأحزاب؟.
لا أحد كان يقول إن خدمة البرلمانيين، برغم أنها خدمة تطوعية، ينبغي أن تنطفئ بانتهاء عملهم البرلماني، وكذا الحال لسواهم من الدرجات المماثلة،فهذا ليس عدلاً بكل المعايير، ولكن ليس من العدل أيضاً أن نعتقد أننا نحيا في جزيرة منقطعة من العالم، فأمامنا الكثير من الدول الديمقراطية ذات التجارب العريقة منها والحديثة، وكان بإمكاننا الإفادة من قوانينها وتشريعاتها ذات الصلة بتنظيم الحياة الوظيفية وحقوقها والحقوق التقاعدية المترتبة عليها، ولنأخذ بأكثرها، وليس بأدناها، إفادة للبرلمانيين وسواهم عند تقاعدهم، وسيكون من غير المعقول أن نأتي بما لم يأتِ به سوانا من امتيازات تجعل الفارق بين أعلى رواتب العراقيين وأدناها مسافةً ضوئية لا تملؤها إلا الضغينة والنقمة والغضب والشعور القاتل بالظلم، وهي كلها مشاعر ليست بالبعيدة عن مسامع البرلمان والبرلمانيين سواء عبر الاتصال المباشر بالناس أو من خلال ما تعبر عنه وسائل الإعلام وما تنقله عن حراك شعبي آخذ بالتنامي وهو جزء أساس من الديمقراطية ووسيلتها لحماية نفسها من أخطاء السياسات.
لسنا من حساد العيشة، ولكننا نأمل بمعيشة عادلة وحلال لنا ولكل عراقي.. نطمح لبرلمانينا أن يكونوا الأكثر رفاهاً ونعمة بين نظرائهم في العالم ولكن حين يتوفر ناخبوهم على ما يستحقونه من عيش كريم وخدمات أساسية وشيء من رفاه.
كل ما هو عادل وحلال قابل لأن يدوم ويتطور بينما الشعور بالظلم قادر دائماً على تغيير المعادلات بحثاً عن نِصاب أكثر عدلاً وإنصافاً للجميع.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الزهره زكي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/11



كتابة تعليق لموضوع : فكروا بإلغاء المادة الاستثنائية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net