صفحة الكاتب : صالح المحنه

الناخب العراقي ومسؤولية الإختيار
صالح المحنه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 مع بدء العد التنازلي للإنتخابات البرلمانية العراقية بدأت معها دعوات صادقة من مصلحين وناصحين وطنيين... ومِنْ مراجع دين مخلصين ... ينصحون الناخب العراقي بالتصويت للمرشح الكفوء والحريص على مصلحة الوطن والمواطن ، وتلك هي إمنياتنا وأملنا جميعاً ، بأن يلتزم الناخب العراقي  بهذه النصائح والوصايا ...ولكن السؤال المهم هو : هل الناخب العراقي في حِلٍ مِنْ أمره حتى يرى ويسمع ويستمع لصوت ونصائح الآخرين ؟ لا أظن أن هذه الدعوات مهما كانت أهميتها وأهمية من أطلقها ستجد لها مساحة من القبول والتأثير في الوسط الشعبي إلا بقدرٍ محدود ! وقبل أن نتهم الناخب بالتقصير لابد أن نتعرّف على الأسباب الموضوعية لهذا التقصير ومصادر الضغط التي يعاني منها الناخب ومواطن الضَعَف العاطفية لديه التي تخترقها المواقف الإستعراضية أولاً...
حيثُ لم يتعرّض شعبٌ في المنطقة العربية مثلما تعرّض ويتعرّض له الشعبُ العراقي من تضليلٍ وتشتيت للأفكار وعلى جميع المستويات ! خلافاتٌ دينية - دينية وسياسية - حزبية ، وأعرافٌ عشائرية ، وثقافةٌ تجهيلية ، وهجماتٌ إرهابية ، ومخلّفاتُ الدكتاتورية ،كلُّها مجتمعة ألقت بضلالها على مكونات الشعب العراقي بكل إنتماءاته وتوجهاته ، فتقسّمَ وفق هذه المعطيات الخلافية الى كتلٍ متنافرةٍ لايقبل بعضها بعضاً ، ولايثق بعضها بالبعض الآخر ، وإنسحبت هذه الخلافات والفوضى في تلقّي الوصايا وتمذّهب الأفكارالى  أبناء المدينة الواحدة والدين الواحد والمذهب الواحد والشارع الواحد وحتى العائلة الواحدة! وبالتالي فإنَّ هذه الثقافة المفروضة على الناخب العراقي والتي هي في أغلبها ثقافة مُضلّلة لعقليته ومُشتتة لمفاهيمه ومشوّشة لإختياراته ، مع غيابٍ كاملٍ للمؤسسات التثقيفية والتوعوية الوطنية المستقلّة ، قد جعلت  منه نموذجاً سلبياً متحيّزا الى فئة دون أخرى ومستسلماً لإرادة غيره دون إعطاء نفسه فرصة التفكير أو مناقشة سلبيات مَنْ ينتمي إليه ، بل مِنْ فرطِ حبه وولاءهِ  إلى سيده يرى جميع أخطاءه وسيئاته حسنات ، إلى أن توهّم ذلك (الرمز) أنه نصفَ إله ...لايطاله دستورٌ ولا يخضع لنظام أو قانون ! وهذا غيضٌ من فيض الديمقراطية العشوائية التي وجد المواطن العراقي نفسه يعوم فيها بلا دليل وبلاهدف تتقاذفه أمواجها ذات اليمين وذات الشمال ، فمع هذه التناقضات والإزدواجية في المواقف ، لا أملَ يلوحُ في الإفق القريب أنَّ تغييراً مهمّاً سيطرأ على شكل النتائج الإنتخابية القادمة وأنها ستتمخض لنا عن رجالٍ بمستوى العراق وبحجم المسؤولية الوطنية إلا مارحم ربي، وقد لايُلامُ المواطنُ كثيراً إذا ما أساء الإختيار ، لأن مهمّة الإختيار السليم  ليست مهّمة سهلة ، بل لها أسسها وقواعدها ومبرراتها وأصولها التي تستند عليها ، وهي مسؤولية أخلاقية ووطنية وسلاح ذو حدّين ، ولن تتحقق مع هذه الفوضى الطائفية والتكالب بين الأحزاب والكتل على غنيمة الإستحواذ على المناصب السيادية ! وكان يمكن أن يكون هذا التنافس بين الفرقاء مقبولاً ومُبررا ... لو كان في البلد دستورٌ فاعلٌ يحترمُه الجميع ويطال الجميع ، خصوصا قادة الكتل والأحزاب... وقانونٌ ثابتٌ يحفظ للدولة هيبتها وللمواطن حقّه بغض النظر عن من يحكم ، كما في بلدان العالم المتحضّر ، تأتي وجوهٌ وتغادرُ أخرى دون أن يتأثّر شكل الدولة الخارجي أوالداخلي بوجودهم وعدم وجودهم ، هذا الأمل يبدو بعيدُ المنالِ في وطننا بسبب تعدد الآلهة السياسية والحزبية !!! بعيدٌ وليس مستحيلاً ... ليس مستحيلا إذا ما أستطاع الفرد العراقيّ ولو تدريجياً أن يعتقَ نفسه ويُحررَ عقلَهُ من ذاته التي تدفع به نحو الإستسلام للآخر الذي يمثّل له الرمزية المزيّفة هذا أولاً، ومن ضغط العقلِ الجمعي الذي يسوقه من حيث يدري أو لايدري الى حيث تقتضي مصلحة غيرهِ على حساب المصلحة العامّة ثانياً . وبدون ذلك سيبقى الأملُ والأمنيات ودعوات المصلحين ونصائح العقلاء والوطنيين في عالم اللامعقول ...
23/1/2014

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح المحنه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/24



كتابة تعليق لموضوع : الناخب العراقي ومسؤولية الإختيار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net