الصحافة المصرية ايام زمان . استعراض كتاب سلامة موسى ( الصحافة حرفة ورسالة )
جمعة عبد الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جمعة عبد الله

يتحدث الكاتب عن الصحافة ايام الاستعماري البريطاني . واساليبه المراوغة , في تكوين صحافة منسلخة عن الروح الوطنية , تلك الداعية الى الاستقلال والحرية , ولكن بعد ثورة 1919 , بدأت تظهر الصحافة الحزبية , في التواجد في الشارع المصري , ولكن بعد انشطار حزب الوفد , وتحوله الى كتل حزبية منفصلة , لكل حزب له , جريدة ناطقة باسمه , وشاعت في هذه الفترة . الصحافة الموالية للمستعمر , وتمثل الصحافة الصفراء المدعومة من المستعمر , وتروج بتكوين الرأي العام الموالي للانكليز , واغلب كتابها ومحرريها اجانب من غير المصريين , والاقلام الغريبة عن تطلعات الشعب المصري , وما يشغل قلبه من آماني وآمال , ومن هذا التصنيف الصحفي ( الموالي والمعادي ) ظهر اتجاه ثالث , يسمى بالصحافة المحايدة , والتي لايهمها انشغال الشارع المصري السياسي , اي انها تتحدث عن كل شيء إلا المواضيع السياسية , وحتى بدون اشارة الى الواقع نظام الحكم القائم , وهي صحافة مدفوعة الثمن , حيث تتحدث عن فوائد الاحتلال البريطاني , وتستغل ثغرة الصراع السياسي وتخاصم الاحزاب , باعطاء صورة الى الرأي العام , بان الاستعمار , افضل من تشاجر الاحزاب على المناصب , وهذه الصحافة المحايدة , تحصل على حصة الاسد , من الاعلانات التجارية , ولذلك برزت ظاهرة , الصحفيون الاغنياء , والصحفيون الفقراء واغلبهم من المصريين , وهناك معوقات كثيرة وعويصة تمنع استمرارية الصحف والمجلات في الصدور المستمر , بسبب قلة الموارد المالية , وعمليات التضيق والمنع والحجب والاغلاق , ورغم هذه الظروف الصعبة , ظلت هناك قلة من الجرايد التي حافظت على خطها الوطني , والتوجه الى القارئ المصري , الذي يشعر بمصريته , في الروح والدم والمزاج , وتحاول ان تكون مرآة اليوم والغد , والحفاظ على الثوابت الوطنية , في الاستقلال والحرية , اضافة الى اهتمامها الشديد بالادب المصري الاصيل , رغم انها تواجه ظروف الغلق والحبس وفرض الغرامات , عكس الصحافة الموالية للمستعمر والصحافة المحادية , التي لا يشملها قوانين التعطيل والاغلاق والحبس وغيرها من الاجراءات المجحفة , وبذلك سيطرت هذه الصحافة على الساحة الصحفية , وانتعشت مواردها المالية , بينما الضفة الاخرى من الصحافة الوطنية , فانها تعاني من شتى المشاكل , لذا فان الصحفي المصري ذو القلم الحر , يعاني من الجوع والفقر والحرمان , وثقل الظروف الصعبة , فتلك ايام الصحافة التي ترزخ تحت وطئة الاستعمار , اصبحت مهنة الصحافة من المهن الحقيرة , في نظر عامة الناس , فكانت معرضة على الدوام بالافلاس والتعطيل والغرامة , وحبس المحررين , فكان الصحفي يشعر على الدوام بالخطر , الذي يحيطه , ويحس بان حياته يسيطر عليها الخوف والقلق على حياته اليومية على الدوام , اذ كانت تهمة التشرد جاهزة على كل صحفي بسبب او بدون سبب , وظل هذا القانون سيف مسلط على الصحافة , وكذلك قانون ( الاشتباه السياسي ) التهمة المحبوبة عند مراكز البوليس , ويعتبرها القانون , جريمة بحق كل صحفي , وكان سوط الرقابة الثقيل , فمنذ عام 1914 . كان يمنع نشر سطر واحد , غير مصدق عليه من قبل جهاز الرقابة , فكانت عقوبات السجن لصاحب الجريدة , ظاهرة شائعة , حتى لو كان صاحب المقال خارج البلاد , ومن مهازل اغلاق او حجب الجرائد , بان احدى الوزارات , طلبت من احدى الجرائد , نقل المرحاض من الجهة الشمالية الى الجهة الشرقية , وإلا تعرضت الى الاقفال . اضافة ان القانون الصحافة , يمنع نشر اخبار القصر , واخبار الملك فاروق , واخبار راقصات القصر , وفضائحهم الجنسية , وسهراتهم ولياليهم الحمراء , فكانت النظرة المريبة والعدائية , من الحكومات المتعاقبة على الصحافة بشكل دائم , فهي لاتتحمل النقد ولا تطيق النافذة البصرية , في تشخيص الاخطاء ولصوصية المسؤولين , والغش والخداع الحكومي , وكذلك في كشف فضائح رشوة المسؤولين , الذين تموت ضمائرهم امام الرشوة والمال الحرام , اضافة ان هذه الحكومات العميلة التابعة الى الاستعمار البريطاني , تكثف اجراءاتها الغاشمة والقمعية , ضد الصحف التي تطالب بالاستقلال والحرية للشعب , او التي تفضح الحكومات الرجعية المعادية لتطلعات الشعب , لكن بالمقابل عملت الحكومات المتعاقبة , على افساد الصحفي بالرشوة والمكافأة المالية , من اجل كتابة مقال يمدح او يثني على هذا الوزير او ذاك , او دفع اموال بهدف تضليل الرأي العام لصالح الحكومات المتعاقبة , وبذلك اصبحت الرشوة المالية , سلاح فعال بيد الحكومات المتعاقبة , ولكن رغم هذه الاجواء القاهرة والصعبة والشاقة , ظهرت صحف مشهود لها في دورها الكفاحي , في سبيل الاستقلال والحرية , مثل صحيفة ( اللواء ) التي اسسها ( مصطفى كامل ) الشخصية والداعية الوطنية , فقد اشرف على تحريرها , وتنشر خطبه السياسية , في الاستقلال والحرية , ورفع القيود الظالمة عن الشعب , والدعوة الحكم اليبابي , واهتمام بجوانب التعليم وتطوير البلاد , والموقف المشرف في كشف حادثة ( دنشواي ) عام 1906 , وكشف المجزرة للشعب ومسؤولية الحكم البريطاني في ارتكابها , وكذلك الدور المشرف لصحيفة ( الجريدة ) لصاحبها الشخصية الوطنية البارزة والمحبوبة عند الوسط الشعبي , السيد ( احمد لطفي السيد ) , في مواقفه الشجاعة والجريئة لصالح المجتمع , كما دعوته الى تحرير المرأة ومناصرة قضيتها المشروعة , ان بصمات السيد ( احمد لطفي السيد ) واضحة على الحركات السياسية , وبفضله اتجهت الصحافة المصرية الى شؤون الوطن واهمية الاستقلال والتحرر , وكذلك هناك صحف ومجلات ادت رسالتها الوطنية , رغم الصعاب , على افضل وجه , مثل مجلات ( المستقبل ) ومجلة ( المجلة الجديدة ) وجريدة ( المصري ) الاسبوعية , وكذلك ظهرت الصحافة الحديثة , مثل مجلة ( روز اليوسف ) ومجلة ( اخر ساعة ) وجريدة (البلاغ ) وجريدة ( السياسة ) . يستدل من هذا الاستعراض , بان كانت للصحافة , رسالة وشرف وواجب وتضحية واخلاق وشهامة وطنية وانسانية , رغم الظروف القاهرة والقاسية والصعبة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat