صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

الساحة العراقية وتداعياتها
رائد عبد الحسين السوداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منذ ما يقرب العامين وبالتحديد إثر يوم من (خروج) القوات الأمريكية من العراق ،والبلد يمر بعدة ظواهر أدت إلى شلل مرافقه ،وأهم هذه الظواهر التي بتجميعها تتكون لدينا أزمة ،انتقال العلاقة بين (الحاكم) السيد نوري المالكي (وأذكر مفردة الحاكم ذلك أن من يجمع السلطات والهيئات والوزارت الأمنية بيده يتحول إلى حاكم وليس إلى رئيس جهة تنفيذية على الطرز المعتادة) ،وممثلي المكون السني في العراق أو من يعدون أنفسهم يمثلون هذا المكون من زواج المصلحة الذي يقتضي التعايش بين الطرفين على الأقل بحدوده الدنيا كي تسير عمليتهم السياسية بسلاسة ويسر وتقديم ما يمكن تقديمه للمجتمع ،لكن الذي حدث أن السيد صالح المطلك نائب رئيس الوزراء الذي اختير لهذا المنصب بصفقة بعد استبعاده مع ظافر العاني من قبل هيئة المسائلة والعدالة ومديرها التنفيذي آنذاك علي فيصل اللامي (أغتيل بعد إجراءه هذا) وقد تم إلغاء قرار الهيئة بهذه الصفقة ،أشار إلى أن المالكي دكتاتور يفوق صدام حسين بدكتاتوريته ،وبعد ذلك جاءت قصة طارق الهاشمي ومن ثم قصة حماية رافع العيساوي وتداعياتها ،ومثالها ما جرى في الرمادي والفلوجة والحويجة فيما يسمى بالتظاهرات (تناولناها بعدة حلقات) وقد تزامن مع هذه الأحداث ارتفاعا في الخط البياني للتدهور الأمني في بغداد وباقي المدن العراقية بما فيها مناطق آمنة كالسماوة ،أو الكوت الآمنة نسبيا إذ تعرضت إلى سبع تفجيرات خلال مدة شهر أو تزيد قليلا وكذلك في البصرة والناصرية ولم تكن حصة ديالى وأقضيتها بأقل بل زادتها حدة من خلال عمليات التهجير في بعض مناطقها ،وأما طوزخرماتو فهي خير دليل على انهيار السلم الأهلي أو الاجتماعي في العراق فقد شهدت هذه المنطقة ذات التركيبة التركمانية – الشيعية إلى مجازر لم تتوقف أبدا في ظل عجز تام أو قل عدم مبالاة لما يحدث في هذه المدينة على الرغم من تشكيل لجنة وزارية يقودها نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني الأمر الذي أدى بمواطني المنطقة بالإعلان بأنهم في غنى عن اجراءات الحكومة وسيقومون هم بحماية أنفسهم،ولم تكن كربلاء والحلة وشمالها بمنأى عن عمليات التفجير والتي شهدت تطورا ظاهرا وملحوظا تمثل في تطوير الستراتيجية والتكتيك معا ،فبعد أن كانت ومنذ 2007تقريبا عمليات متباعدة لكنها قوية ومؤثرة وبعدد قليل من السيارات والانتحاريين ،نشهد اليوم العديد من السيارات والانتحاريين وفي العديد من الاماكن في يوم واحد أو ساعة واحدة ،وأيضا كانت ساعات الصباح هي التي تشهد  التفجيرات تحول الأمر خلال عام 2013إلى عمليات مسائية لتعطي انطباعا لدى الفرد الاعتيادي بعدم توفر الأمان طيلة ساعات النهار،وصولا إلى عملية هروب السجناء من سجن أبو غريب في عملية نوعية اعترف وزير العدل بأكثر من 800هارب ناهيك عن اقتحام مديرية مكافحة الارهاب في صيف 2012واقتحام وزارة العدل في 2013،أو عمليات القتل الفردي بالكواتم،على أن لا ننسى ماحدث في النخيب من قتل للزوار من أهالي كربلاء في  2012 وما صاحبتها من أحداث أعات للأذهان عمليات قتل المسافرين على الطريق الدولي المار بالرمادي وعمليات قتل الجنود في القطعات العاملة في الرمادي أو الموصل .أما على الجانب السياسي نجد أن العبثية المقصودة طبعا وهي ترادف الفوضى الخلاقة في تصرفات (الحاكم) هي سيدة الموقف ،فمن عداء وصل حد وضع اليد على الزناد مع المكون الكردي حتى عد السيد مقتدى الصدر خارجا عن طوق التشيع باجتماعه مع السيد مسعود البارزاني في أربيل ولقائه مع إياد علاوي وأسامة النجيفي ،وقد مزقت أسماع العراقيين بدعاوى خرق الدستور من قبل الكرد وسرقة النفط والتجاوز على أراض خارج حدود إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها ،لكن عندما اقتضت الضرورة أن يلتقي قطبا الأزمة لم يتحرج (الحاكم) في الذهاب مع طاقمه الوزاري إلى أربيل في ظل ترحيب كردي واستقبال من رئيس الإقليم الذي رد الزيارة سريعا وكأنهما لم يشغلا الرأي العام العراقي وجعله يضرب الأخماس بالأسداس من أزمة عسكرية  كانت تلوح في الأفق ،وقد يسأل سائل ألم يكن من واجب السياسي أن يطفأ النيران أو يحاول أن لا تشتعل ؟ قد يكون الجواب بنعم ،ولكن من جعل الأزمة ،أزمة،غير السياسي (الحاكم) وبادله الأزمة بأزمة رئيس الإقليم لضرورات تخص داخلهما معا ،لكن عندما اقتضت الضرورة وبدفع (أوبامي) سارت الأحداث على نسق المصالحة بين أبي أسراء وأبي مسرور كما نادى بعضهما البعض في الزيارة(الوزارية) لأربيل .في مقابل هذه الأحداث كانت هناك عملية شد وجذب بين أطراف التحالف الوطني الذي جاء ب(الحاكم) إلى سدة الحكم ،وأن الطرفين الرئيسين(الأحرار ،والمواطن) فيه تحولا إلى متهمين أمام هذا (الحاكم ) لا لشيء إلا لأنهما انتقدا وبشدة لاسيما الأحرار تصرفاته وممارساته الغير مبنية إلا على أسس الاستبداد والاستحواذ والاسئثار بالقرار،وقد أظهر اللقاء الذي أجراه مع بعض الإعلاميين يتقدمهم إبراهيم الصميدعي بؤسا حقيقيا سواء من (الحاكم) ومن الصميدي نفسه الذي ذكرنا بمن كانوا يصفون صدام حسين بصفات الأولياء فهذا الصميدي يحول حديثا شريفا لصالح (الحاكم) بقوله (صار اليوم الماسك على علاقة بنوري المالكي كالماسك على جمرة من النار) وهذا كلام خطير يوجه لحاكم منتخب لم يصل إلى الحكم بانقلاب عسكري ،وتناغما في تهمة أخرى بائسة مضحكة في حقيقة أمرها للتيار الصدري في البصرة أثناء صولة الفرسان في 2008فقد ادعى المالكي أن البريطانيين ينسقون مع الميليشيات وقد طرد ممثلهم فأجابه الصميدعي موجها كلامه للحضور أن الأمريكان لا يعرفون هذا التنسيق ،والبائس المضحك في هذا القول في هل يستطيع المالكي أن يطرد الممثل البريطاني وهو الذي كان محاصرا ويبعث المبعوثين تلو المبعوثين للنجف وقم من أجل إيجاد طريقة لوقف اطلاق النار التي وصل لهيبها إلى مقره ولطالما صرح بأنه حوصر في البصرة وهل ولماذا نسى المالكي هذه المعلومة ولم يعلنها للملأ وهو في أوج عدائه للتيار الصدري في 2008و2009وصولا الى انتخابات البرلمان ومجالس المحافظات وكيف عرف الصميدعي ولم يعرف الأمريكان وهل من المعقول ان البريطانيين يتحركون بمعزل عن الأمريكان،علما أن صولة الفرسان من تخطيط القائد الأمريكي باتريوس،وفي هذه الأيام من النصف الثاني من 2013شاع خبر اعتزال السيد مقتدى الصدر العمل السياسي ،فكيف تلقى (الحاكم) هذا الخبر هل تلقاها كما يتصرف الخصم الشريف ؟ كانت ردة فعل (الحاكم) ببشرى حرب داخلية داخل التيار وحرب أخرى بين التيار والمنشقين عنه (العصائب تحديدا) المقربين وعندما يتحدث (الحاكم) القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية وكالة من المفترض أنه يتحدث بمعلومات وليس تحليلات فكلامه موقف وليس شيء آخر مما يدل أن في الأفق أحداث من هذا النوع مخطط لها بعناية وفق الحديث المشار إليه،وأيضا أشار إلى أن أتباع السيد مقتدى الصدر لا يتسمون بالانضباط ،والسؤال إذا كان التيار بنظر السيد(الحاكم) لماذا سعى حثيثا للتحاف معه لتشكيل حكومته الحالية وذهب بنفسه لمقابلة زعيم غير المنضبطين حسب وجهة نظره ؟ ولم يكتف لهذا الحد فقد صرحت إحدى أكبر أعداء التيار الصدري من ائتلافه إذ دعت لعدم الاكتفاء باعتزال السيد مقتدى الصدر العمل السياسي وإنما دعت إلى سحب الوزراء والنواب الصدريين من العملية السياسية وهذا مؤشر خطير يضاف إلى مؤشر البشرى بالحرب الداخلية ،وكذلك يؤشر على تنصيب ائتلاف وحزب (الحاكم) أنفسهم أوصياء وقيمين على العمل السياسي في العراق ؛وأما كتلة  المواطن فلأنها قلبت ظهر المجن على كتلته في الحكومات المحلية التي كانت انتخاباتها أشرت ضعفا واضحا على جسد ائتلافه ،مما أدى به الامر إلى أن يتهم المجلس الأعلى وقيادته بشتى التهم محذرا إياها بألاّ تتصرف بشكل مماثل في الانتخابات القادمة مما يؤدي إلى كارثة حسب زعمه ،ثم اقترب وبواسطه بوقه (بديل الحاكم) في مجلس النواب النائب عزة الشابندر إلى جدار المرجعية وإن تعامل بذكاء واضح فقد تناول وكلاء المرجعية في عملية جس نبض الشارع الذي لم يتحرك وهذا مما يشجع (الحاكم) في المستقبل من التقرب من جسد المرجعية نفسها .
وبنظرة فاحصة يتبين لنا أن هذه الأحداث لم تكن إلا بنسق واضح تديره منظومة متكاملة ،إدارته في واشنطن وأدواته في العراق بما فيهم المجاميع المسلحة.والدليل على ذلك طلب الداخلية العراقية استقدام قوات من الخارج والثاني مابدر من الولايات المتحدة من تخصيص جائزة لمن يلقي القبض على زعيم القاعدة في العراق واستعدادها في المساعدة في استتباب الأمن ،وكيف يستتب الأمن بغير استقدام القوات الأمريكية إلى  العراق ،والسبب أن مصر قد اضطربت وحدث فيها الاستقطاب المجتمعي ومصر مهمة جدا في المنطقة للدول الكبرى والعظمى وسوريا طال الصراع فيها ،وأيضا سوريا بلد له أهمية كبرى لهذه الدول الكبرى والعظمى .وقد يعلق أحد المعلقين بأن أمريكا في ضائقة مالية حادة ليست في وارد النفقات الضخمة التي تتطلبها ارسال قوات ،والجواب على ذلك بأن القوات الأمريكية عندما تستقدم بطلب الحكومة العراقية حسب الاتفاقية الستراتيجية تكون على نفقة العراق .ولذلك يعتقد بأن هناك أحداث هامة ستحدث في العراق من الناحية الأمنية وهجومات شرسة هدفها قدوم القوات الأمريكية في الأيام والأسابيع القادمة 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/14



كتابة تعليق لموضوع : الساحة العراقية وتداعياتها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net