يذهب أغلبُ اللغويين إلى أن لفظة الزوج والزوجة: أصلا يدل على
الاقتران والملازمة بين شيئين، كما في قوله تعالى: (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا) و (وأَنه خَـلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ والأُنثى)
ومما لا يخفى على أحد أنّ العنوان الذي هو أكثر التصاقًا بالإنسان هو مملكة العائلة، فهي الوطن الأول الذي يرى الفرد الضوء فيها، وينشأ في محيطها، ويتأثّر بحيثياتها، وبضمنها يبدأ في تلمّس القيم الأخلاقية، والالتزام، فمن المعروف أن العائلة تحترم قيم العدالة والحرية والكرامة، وكل هذا وذاك تديره المرأة، فهي علامة لكل التحولات في الأسرة، وضمن النسق الذي يتساوق مع المجتمع.
للمرأة دور كبير في حياة الرجل، ولها تأثير قوي في اختياراته وقرارته، فمن الملاحظ أن بعض الرجال ما أن يتزوج يغير طريقة حديثه أو مظهره، وبعضها يكون كشروط لقبولها به.
وهناك من يحاول أن يطور من شخصيته ودراسته من أجل إرضاء زوجته التي تحمل امتيازات خاصة.
ويلاحظ التغيير الجذري في أسلوب الحديث والسلوك لبعض الأزواج، سيما إذا كان الزوج يحب زوجته فيستجيب لها ولذوقها.
أن تأثير المرأة على زوجها تأثيرا كبيرا سيما مع بداية الزواج، فمتى ما أحب الزوج زوجته قد تغير في أسلوبه وربما الديني أيضا، إلا أن الجانب الديني يكون للزوج النصيب الأكبر في تغيير زوجته في أغلب الأحيان.
وعلى النقيض من ذلك يمكن أن تكون المرأة عامل إحباط وتثبيط لشريكها، أما لعدم ثقتها به أو إهمالها له في أي شيء يخوضه، فوجودها إلى جانب الزوج في العمل والدراسة يؤثر عليه إيجابيا في التحصيل العلمي والظهور الاجتماعي، وأن يطور من نفسه، لا في المظهر فحسب بل بالجوهر أيضاً.
فمن المعروف عقلًا أن تنشئ المرأة خلائق العرف كله لأنها تتسلم العهدة منذ نشأته في الأرحام، إلى أيام نموه بين الحجور والمهود، وتتولى حضانته البيتية إلى أيام المراهقة، فبعد أن تسلمته ابنًا متدرجًا في حياته إلى تمام هذا التكوين، كما يتم في دور المراهقة فدور الشباب.
فهو يشكل صورة حتى فيما يخصها من خلائق الحياء والحنان والدين.
حتى أن القران الكريم أشار إلى ذلك في الآية الكريمة: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21]، إذ يتبادل كل منهما الصورة النهائية بعد السكن المودة والرحمة.
بل ورد ما يدل على سمو الزوجة الفطنة الصالحة، التي تحسم الخصام، ونزعات النفس الأمارة بالسوء، وتترك العناد والمكابرة، فما تبيت ليلتها حتى تأخذ بيد زوجها، فتسأله عما يغضبه، وتتودد إليه، وتبادر في المصالحة، فما يزيدها ذلك إلا رفعة عنده، تكبر في عينه، وتتربع تاج قلبه، مما يؤثر في شخصيته التي ستظهر في المجتمع، كما تنعكس عليه في محيط الأسرة.
بعض النساء ينهضنَ بدور مهم في الكمال الإنساني، مثل العبادة وجهاد النفس والأعمال الصالحة، وبعضٌ لهنَّ دور مهم في تكوين الأسرة القوية المتماسكة، وبعضٌ لهنّ دور مهم في التضحية والفداء.
إن الجمع بين هذه الأدوار تجسّد في (فاطمة الزهراء عليها السلام) وهو أمر بالغ الصعوبة. والزهراء عليها السلام تمثّل الزوجة الصالحة والمثالية في أداء دورها الأسري، حيث تؤدي واجبات الزوج والواجبات البيتية ودورها مع أولادها، وكذلك دورها الرسالي مع علي (عليه السلام) سيد الأوصياء، وهي مدرسة التي الإمامة من خلال دورها مع ولديها الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، إضافة إلى أنها تلك المرأة الفاضلة الصالحة والمجاهدة المدافعة عن دينها وحقها ومبادئها، فضلاً عن أنّها منحت لأبيها كامل الرعاية والحنان حتّى سمّيت بـ(أمِّ أبيها).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat