سماحة آية الله السيّد منير الخبّاز (دامت بركاته) أصبح عند كثير من عامة الناس مطلوباً التعريف به بعد الإساءة الأخيرة له - التي لن أنشغل بالكلام عنها، قال تعالى: { فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤءࣰۖ } -، ومن هنا أحببت أن أنشر شيئاً خاصاً معرّفاً به، ملّخصاً ما أعرفه عنه من الجهات العلمية والثقافية والاجتماعية.
أما من الجهة العلمية، فالعلاّمة الخبّاز من العلماء الفضلاء الذين تشهد لهم حلقات الحوزات العلمية، وقد تتلمذ عن قرب على يدّ اثنين من أعظم المحققين من طلبة السيّد الخوئي (قده) أي سماحة المرجع الأعلى للطائفة السيّد السيستاني (دام ظله) والمرجع الراحل الميرزا التبريزي (قده)، مما لا يشكك أحد في فضله العلمي، مضافاً لتدريسه لبحث الخارج لأكثر من 15 سنة مع حضور أفاضل وألباب طلبة العلوم الدينية العرب في ذلك الدرس، مما ينبئ بعمقه ودقته، وقد صدر نتاجاً عن هذه الحلقات كتابٌ له في فروع العلم الإجمالي من العروة الوثقى يُظهر - كما نقل لي بعض الفضلاء - ذائقة علمية وفقاهة عالية، كما ان له بياناً فارعاً يُذكرنا بأعاظم الأصوليين، وقد أشار لبيانه العلمي الجزل سماحة المرجع الأعلى (دام ظله) في تقريظه لكتابه (المقرر في علم الأصول).
أما من وجهة النظر الثقافية، فالسيّد الخبّاز وجهٌ مألوف عند الشباب المؤمن المثقف، خصوصاً في القطيف والإحساء والعراق، ذلك لأن محاضراته التبليغية دائماً ما تناقش المشاكل الساخنة في المجتمع، وتكون منطلقاتها علميةً وقوية، ومن هنا أوفدته المرجعية العليا - والعهدة على ثقات من طرق مختلفة - عدّة مرات إلى البلاد الأوروبية وأمريكا لأجل إجراء الحوارات مع علمائها ومفكريها وتقييم الشؤون الثقافية للمغتربين الشيعة في تلك البلدان، لثقة المرجع الأعلى (دام ظله) بعلمية السيّد الخبّاز (دامت بركاته) وقدرته الفكرية والثقافية، ولا يخفى ان مثل هذه التحديات القادمة من الغرب، هي التي نحتاج اليوم العلماء الروحانيين خصوصاً الطبقة العالية منهم لمواجهتها.
وقد كان قدوم السيّد الخبّاز الى النجف الأشرف فرصة لي للقاءه عدة مرات بصورة خاصة وعامة، ومناقشة شؤون الثقافة والفكر، فكُنا دائماً ما نجده مطلعاً عارفاً بدهاليز الحداثة وما بعدها، يمتلك مواقفاً مختمرةً في شأنها وناظرة الى الجهات المتعددة الدخيلة في موضوعاتها، وهو أمرٌ أندر من الكبريت الأحمر في أوساطنا الثقافية، كما أنصطدمت في أحد الجلسات معه بإطلاعه الجيّد على النظريات الحديثة في علم النفس والطب النفسي، ومعرفته بطرائق العلاج النفسي، وذكر لقاءاتٍ له مع أساتذة الفنّ الذي أتخصص به خلال رحلاته الأوروبية والأمريكية، وهذا كله كاشف عن ملكة ثقافية عالية، علاوةً على فقاهته وعلميته التخصصية، ويذكرنا في ذلك بشخصية السيّد السيستاني (دام ظله) التي تجمع بين التخصص المتين والإطلاع الثقافي المنفتح.
وأخيراً من وجهة النظر الاجتماعية، فإن العلاّمة الخبّاز ممن يشهد لعدالته وتقواه العلماء الأعلام، وقد شارك في مجلس استفتاء الشيخ التبريزي (قده)، كما لا يخفى انه قد أتخذه السيّد السيستاني (دام ظله) سبباً في إيصال بعض المعضلات الفكرية للمجتمع، كما حصل في أزمة السيّد كمال الحيدري حول تكفير المخالفين، مما يكشف عن إيمانه وثقته به في التعامل مع مثل تلك المعضلات الخطيرة، وقد ذكر (دام ظله) في وكالته قبل أكثر من عقودٍ ثلاثة: "فالمأمول من إخواننا المؤمنين - أيدهم الله تعالى - تبجيله وتكريمه والإصغاء إلى نصائحه وإرشاداته الدينية".
وقد لاحظت شخصياً في الأوقات التي رأيته فيها، أنه يصدق عليه ما نُقل عن الميرزا الشيرازي (قده) مفجّر ثورة العشرين: "إن الله لم يخلق القوة الغضبية فيه أبداً"، وهذا مشهودٌ معروف لمن تابع سيرته الشخصية، وينبؤك عن مصير هذه الفتنة.
فهنيئاً لنا وجود مثل هذا العالم بين ظهرانينا في العراق، ونسأل الله أن يبعد جميع شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) من الفتن .
* عنوان المقال لموقع كتابات في الميزان .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat