نُقل لي أن المجتهد المجاهد آية الله العظمى الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (قده) كان يقول: إنّ معرفة العالم بي أكثر من معرفة العرب بي، ومعرفة العرب بي أكثر من معرفة أهل العراق بي، ومعرفة أهل العراق بي أكثر من معرفة أهل النجف بي، ومعرفة أهل النجف بي أكثر من معرفة أهل بيتي بي.
ورأيت بأم عيني في قديم السنوات وأظن سنة ٢٠٠٧م في قناة الغدير، لقاء لقائد القوات الأوكرانية بمناسبة مغادرتهم النجف الأشرف بعد إتمام مهمتهم، سأله المذيع: هل مرّ عليكم أمر محرج أزعجكم؟
قال: نعم، في يوم من الأيام كنا في محلّ إقامتنا (جامعة الكوفة اليوم) وأذّن الأذان ليلاً في غير محلّه، فأخذنا أهبة الاستعداد، وهيئنا سلاح الدفاع عن أنفسنا، وقلنا قد حدث الجهاد ضدنا، وهذا التكبير له، فاتصلنا بأحد الأصدقاء للسؤال عن علّة الأذان؟! فقال: هذا الأذان لصلاة الآيات الواجبة عند الشيعة، يقام لخسوف القمر هذه الليلة، فاطمئنت قلوبنا بعد سماع علّة الأذان.
وفي ليلة ١٢ ربيع الأول سنة ١٤٢٧هـ/ ٢٠٠٧م وفقت لشراء مكتبة مخطوطات في بغداد وكان عددها ٣٦٠ نسخة، وكانت الأمور الطائفية في أوجها، والقتل والذبح في اللطيفية وبغداد على الهوية، والقتل محتم لامحال، أو قل قلّ من ينجو منه، والمكتبة في منطقة ساخنة وقتئذ، ولم يأت النوم لعيني، خوف الطريق والغد، فأخذت أقلب أوراق مضيفي الذي تركني في مكانه لاستريح، وكان من الشخصيات العالية والثقات وليومك هذا، فرأيت في أوراقه محضرا أقيم في الكونكرس، وفيه أسماء المتكلمين، وهو مترجم للعربية، والحديث فيه عن المثلث السني( بغداد اللطيفية الفلوجة)، فقرأت آخره وإذا فيه( نحن لانستطيع أن نمس السيد السيستاني قلامة ظفر، وإذا فعلنا ذلك فستكون نهايتنا في العراق، كما فُعل بالبريطانيين في ثورة العشرين).
وذهبت الصبح لبغداد، وحفظني الله ومن معي، واشتريت المكتبة في تلك الظروف العصيبة.
وبعد قراءة ما ذكرت في الليل تعجبت من معرفة الغرب لمقام المرجع الأعلى ولفتواه، وتأسفت وتألمت كثيراً لعدم معرفة هذا المقام من بعض أهل هذا البلد، وتوالت سنوات العمر، ورأيتم بأعينكم ما فعلت فتوى الدفاع الكفائي بالدواعش والأوغاد.
سيدي نحييك من قلوبنا وأرواحنا وأجسادنا، ونعلم أن تصريحات فلان وفلان لا تقلل من شأنك ومقامك العالي عند محبيك وعارفي فضلك، وهذا هو سبيل السلف الصالح من أجدادك الكرام، فالتاريخ سجّل الاعتداء عليهم، وسجّل ذكرهم وخلودهم إلى يوم الناس هذا.
نحييك سيدي، ونعترف بعدم مقدرتنا على جزائك، ولعلّ أكف الدعاء منّا تؤدي قطرة من بحر فيضك وكرمك.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat