صفحة الكاتب : حسين فرحان

كاميرات الغرامات المرورية.. إنجاز أم انتكاسة؟
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لو كانت مشروعا ينقذ المواطن من ضنك العيش أو المرض، هل كانت الحكومة ستسرع بإنجازه كما فعلت مع نظام تدعي أنها تواكب التقدم في العمل به؟
على الحكومة  والبرلمان الذي انتخبه الشعب المستهدف بالغرامات المرورية والجبايات المليونية والملاحقات القانونية أن يتذكر جيدا أن هذا الشعب لم يذق طعم الراحة في بلده منذ عقود طويلة.. فرفقا بمن قدم الشهيد تلو الشهيد والجريح تلو الجريح وذاق طعم الحرب بكل مآسيها والحصار بكل قحطه وتحمل فضائع الديكتاتورية وتحمل سنوات الاحتلال وتحمل فشل الساسة وأنانيتهم وتحمل انقطاعه عن العالم وعاش عزلة عجيبة غريبة حتى إذا انفرجت الأمور بعض الشيء انهالت عليه حكومته المنتخبة بسيل جارف من القرارات المجحفة الظالمة تدعي بها أنها تواكب التقدم والتطور في العالم!! ولست أعلم كيف تكون مواكبة ما يدعون دون اتمام قواعده واركانه؟ 
من المفارقات الغريبة ظهور بعض الضباط وهم يتحدثون بفرح كبير والابتسامة تعلو محياهم عن مميزات هذه الكاميرات وكيف تقوم باصطياد المخالفين و الاليات التي يوصلون بها الاشعارات اليهم ليعلموهم عبر التطبيقات أنهم مدعوون للحضور لدفع الجزية.. مع كل تصريح ينتابني شعور ورغبة بمغادرة هذا البلد الى جزيرة نائية أو الى عالم البرزخ.. 
والحق الحق أقول لكم (مع بركان غضب يسري في العروق): أن حكوماتكم وبرلماناتكم يسيرون بكم الى الخصخصة ويزجون بكم الى هاوية الشركات التي ستستثمر حتى الهواء لتبيعه عليكم في زجاجات أنيقة.. وما كاميراتهم الا جزء من مشروع كبير لبيعكم.
أخذوا بصمة عين والد الشهيد وأمه وأخته وأخيه..
أخذوا بصمات أصابع الفقراء.. أخذوا بصماتهم الصوتية.. أخذوا وثائقهم وكل ما يشير ويرمز إليهم لكي لا يهرب أحد منهم من سداد الغرامة المرورية  الالكترونية، والقسط المصرفي الربوي الحكومي الظالم والحراك البلدي لاقتلاع بسطات الفقراء ببركات الحكومة الناسية أو المتناسية لتضحيات هذا الشعب وللدماء التي أريقت من أجل أن يحل جناب الدكتور وحضرة النائب وسيادة الوزير على كرسي القرار لينفذ أجندات أعدتها له المنظمات الدولية لا تلك التي أعدتها له احتياجات شعبه.. تلك إذن قسمة ضيزى أن يكون القرار بيد من (لا حرقة في قلبه على هذا الشعب المظلوم).. فالطبقة السياسية -كما أشارت مرجعية النجف في واحدة من خطبها- هي السبب في خلق حالة التأزم النفسي للمواطن... وماتزال كذلك و خير شاهد ما نراه اليوم من عبث في مقدرات الناس وضحك على الذقون واستهتار في صناعة حياة الناس بطريقة مفجعة ومؤلمة حين تجعلهم بين مطرقة شركات الاستثمار وسندان جباية الضرائب ولو بطرق معيبة مخزية تأكل مقدراتهم ورزق عيالهم وتدفعهم الى اليأس من العيش في وطنهم.. 
قد يأتي من خدعته الدولة بشعاراتها ليقول: (يجب مواكبة العالم المتقدم) فنقول له: (إن العالم المتقدم الذي تتبجح به ما هو الا منظومة جميلة منمقة تحول الانسان فيها الى آلة تستلم معاشها باليد اليمنى وتعطيه باليد اليسرى).. 
العراق أكبر وأسمى من أن تنطلي عليه قرارات المنظمات الدولية التي يقوم بتنفيذها برلمانه وحكومته بدقة متناهية لزجه في طامورة الرأسمالية العالمية الظالمة المجحفة وظلمات مشاريع طمس الهوية الدينية والثقافية، فهو اليوم يعيش وبالتدريج ودون أن يشعر ذلك المنعطف الخطير الذي يودي به في نهاية المطاف الى أن يتحول الى إنسان آلي بلا قيم ولا تاريخ ولا شيء يذكر.. فإذا وصل الى تلك المرحلة فاقرأوا عليه السلام..
علينا أن نُذكرك مرة أخرى أيها البرلماني أننا انتخبناك لتكون لنا عونا ولم ننتخبك لتغض طرفك عن القرارات الظالمة المجحفة.. انتخبناك ونحن أسياد هذه الأرض فلا أنت ولا حكومتك تمتلكون الحق في تحطيمنا.. 
انتخبناك ونحن نحمل إرثا كبيرا من التضحيات ونحمل من الهموم ما يكفي لهد الجبال..
لا تُخرجونا من طور السكينة والرضا الى طور اقتلاعكم من جذوركم.. 
لا تتحدثوا معنا بفوقية السلطة وكرسي السنوات الأربع.. فنحن أسمى من أن نأتمر بكل ما تملون وتقررون.. تذكروا جيدا أنكم في خدمتنا وحين نشعر بذلك سنشكركم وندعو لكم.. وتذكروا جيدا أننا شعب له باع طويل في مقارعة الظالم..
عليكم إعادة النظر بكل قرارات الجباية الظالمة والرسوم المجحفة ليصدق عليكم أنكم العون لنا.. وكفى فرحا بمنجزكم التاريخي (الكاميرات)!! أن كانت لكم ذرة من شعور بمعاناة الناس.

نحتاج الى تحرير وطننا وأنفسنا من أمر دُبر بليل..
ولا أُلقي باللوم على من يسيء الظن بالحكومة والبرلمان فالضحك على الذقون مستمر والضغط الدولي مستمر وهذا ما أثبتته الوقائع والتجارب حتى يدرك هذا الشعب أن الوعي للمخططات القادمة بحاجة الى همة عالية لإيقاف مهزلة بيع الوطن.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/03/17



كتابة تعليق لموضوع : كاميرات الغرامات المرورية.. إنجاز أم انتكاسة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : حسين فرحان ، في 2024/05/12 .

جزيل الشكر والامتنان استاذنا الفاضل على هذا المرور الكريم.

• (2) - كتب : مصطفى الهادي ، في 2024/03/19 .

ونحن نعيش في أوربا منذ عقود على أمل العودة إلى بلدنا معززين مكرمين بعد أن رفضنا الخنوع لسلطة البعث وغطرسة ابن العوجة. وما ان أزيح هذا الكابوس عن كاهل العراق حتى انفرجت اساريرنا بعد طول يأس وقطوب. وانتظرنا أن يتحقق حلمنا بالعيش في وطن فيه كرامة ، ولكن خابت آمالنا مرة أخرى لا بل صُدمنا لأن من يسومونا سوء العذاب هم ممن ينتمي إلينا مذهبيا ولغويا وتراثيا. في كل رحلة نزور فيها بلدنا لا نشعر أن هناك تغييرا حصل ، فحينما نطأ أرض المطار ، نتهيأ للبلاء والمحن والاذلال. لقد رأينا من ضروب الاستغلال والفوقية والتكبر ما لم نره في الأزمنة السابقة. وفي كل مرة نقول : عدنا يا ليتنا ما عدنا. كردستان تنهب من أجل مواطنيها وتحتال وتكذب وتغدر وتتكبر ، المنطقة الغربية انظر لهم كيف يستغلون ادنى الفرص لتوزيع الأراضي بألوف القطع وكيف تعطي القروض الهائلة لمواطنيها ثم بعد فترة يقوم البرلمانيين بإطفاء هذه القروض ، وارغام الدولة على منح القطع المسروقة لمحتليها. اما في جنوب الخير والتشيع فتعال وانظر إلى حال بسطاء الناس الذين اوشكت جيوبهم على الفراغ / حتى أن البعض منهم عاد كأنه في زمن الحصار حيث اخذ يبيع مقتنياته وآثاثه وبدأت صفحات الانترنت تمتليء بمواقع بيع الاثاث المستعمل، ناهيك إلى رجوع هذا الشعب إلى أسواق البالة.
لقد أصبح العراق يخلو من ثلاث أشياء .
الأول الدين . نعم الدين فلا تستغرب لأن الحرامي عندما تطلب منه القسم يقول : جاك الفرج.
القانون . نعم القانون الذي برشوة صغيرة يحول المجرم إلى بريء والبريء إلى مجرم واصعب القضايا تُغلق بالمحسوبيات.
العشائرية . التي كنا نأمل أن تكون آخر من ينحرف وينجرف، وإذا بها اصبحت تجارة رابحة تخترع الاساليب في انتزاع الفصول العشائرية.
السلطة اليوم هي للعصابات . مقابل أي مبلغ تقوم هذه العصابات بانتزاع حقك . فلا ألومكم استاذنا على قولكم : (مع كل تصريح ينتابني شعور ورغبة بمغادرة هذا البلد الى جزيرة نائية أو الى عالم البرزخ.. )




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net