كُرسي خشَبي معمّدٌ بالسواد مُحوّطٌ بنقوش عاشوراء، يتوسط الديوان المخصص لقراءة العزاء، دخان البخور يتطاير صوبه ليملأه برائحة لا نكاد نشمّها إلا في ليالٍ عشر، نكتشف منها شذى المُحرم.
لا أجسر على الجلوس عليه، فهو مخصص لمن يُجري مدامعنا على الإمام الحسين، لذا أكتفي بإطالة النظر، حتى أتحسس فيه حُزناً يجعله محنيّا لهذا الحد.
على جانبه تجلس جدّتي، معصّبة بالأسود هي كذلك، عليها تجاعيد عاشوراء، وحزنٌ طويل، بطول دربِ السَّبي، محنيّة بانحناء الدّمعة السابغة.
فتساءلتُ وانتابتني دهشة، هل تحزن الجمادات؟ هل يشابهُ خشب الكرسي قلبَ جدّتي؟
فتذكرت خطبة الإمام علي بن الحسين في المدينة حين أحصى الباكين على الحسين قائلاً: (بكَت السبع الشداد لأجله... والأشجار بأغصانها)، في الجزع على الحسين تتشابه كل الممكنات بكمَدِها، فلم أَعجب من خشب الكرسي الذي ورث حُزن شجرةٍ ما، سالت دماً أو سقطت أرضاً في ظُهر عام ٦٢ للهجرة.
جلست "الملاية" على الكرسي وابتدأت قائلة: ويلاه عليك يا حسين.
فبكت جدتي وأعادت ما قالته الملاية.
فبكى الكرسي.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat