صفحة الكاتب : ايمان صاحب

سيدُ القراء برير بن خضير  -رضوان الله عليه
ايمان صاحب

 هي من ابرزِ الصفات التي امتاز بها البطل برير بن خضير الهمداني ، عن غيره من الشهداء ، والتي أشاد بها الأعداء قبل الأصدقاء،كما جاءَ على لسانِ أحدهما وهو يخاطب الآخر لاتقتله إنه كان يقرؤنا القرآن بالكوفة، بالإضافة إلى هذا ماروي عن زوجة القاتل كعب بن جابر، الذي شارك في قتلِ برير، أنه لما رجع إلى الكوفة قالت:له أعنت على الحسين وقتلت سيد القراء برير بن خضير ،والله لا اكلمك من رأسي كلمة واحدة ،فلو جمعنا هذا الوصف مع مواقف برير المشرفة، في كربلاء قبل بدء المعركة وبعدها،وتاملنا مافيها من خطب، وتوجه ، ونصح ،  لوجدناها تجسد تعاليم القرآن الأساسية المتينة، التي تستحق ألوقوف عندها، للتعرفِ على بعض الجوانب البارزة في حياةِ أحد الأصحاب الذين قال :عنهم الإمام الحسين _عليه السلام -(فأني لاأعلم أصحاباً أوفى ولاخيراً من أصحابي) والاقتداء بها في كلِ زمان شابهت ظروفه لظرفِ زمان الإمام الحسين -عليه السلام _أهم هذه المواقف

أولاً: الجهاد في سبيلِ الله.
قال:جل شأنه (....وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيل الله لعلكم تفلحون )(١) المراد بالوسيلةِ هنا مايقرب إلى الله تعالى وهم  أهل البيت العصمة -صلوات ربي عليهم- والحسين _عليه السلام _هو من هذا البيت الذي أذهبَ الله عنه الرجس وطهره تطهيراً وسفينة النجاة ، ولهذا قال: بريرللإمام الحسين -عليه السلام- (لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك فتقطع فيك أعضائنا حتى يكون جدك بين أيدينا يوم القيامة شفيعنا.....)

ثانياً:مودة أهل البيت -عليهم السلام-
وهذا المعنى كان واضح في كلامِ  برير مع الجيش الأموي ، حيث قال:.....هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه وقد حيل بينه وبين بن بنت رسول الله افجزاءُ محمد هذا.؟. مشيراً لقوله :تعالى (قل لا أسئلكم عليه أجرأ إلا المودة في القربى)(٢) لما جاء الأنصار والأصحاب  إلى النبي _صلى الله عليه وآله_ بالهدايا والأموال قائلين: له هذا جزاء تعبك فقال :_ صلى الله عليه وآله _ليس لي أجر إلا أن تحبوا عترتي ، 
٦١ثالثاً: النصيحة بالقول: الحسن.

وهذا ماقام به  برير في ليلةِ العاشر حين كان هو والضحك بن عبيدة المشرفي يحرسان خيمة الإمام الحسين-عليه السلام-من الخارج و من جملتهم برير بن خضير وكذلك  الضحاك بن عبيد الله المشرقي، وفي هذه الأثناء كان  الإمام الحسين عليه السلام يتلو  هذه الآية التي توّجنا بها حديثنا ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الله الخبيث من الطيب )(٣)
وهي الآية المناسبة لهذا الموقف الذي كانوا فيه والابتلاء حتى يتميز فيها من يثبت ومن يستمر ومن ينهزم ومن يتراجع ومن لا يقبل على الحسين ، وفي هذه الأثناء مرّ جماعة من جند بني أمية قرب الخيمة فسمعوا كلام الحسين عليه السلام والآية المباركة فظنوا أنّهم هم المخاطبون بها حتى يميز الخبيث من الطيب  فرفع أحدهم صوته لكي يسمع برير و الضحاك وقال نحن الطيبون وأنتم الخبثاء ، فالتفت  الضحاك  لبرير بن خضير يسأله إن كان يعرفه ، فلم يعرفه فقال الضحاك هذا أبو حرب السبيعي وهو رجلٌ مبطالٌ مضحاكٌ ندوم يعني أنه يعاقر الخمرة ،  فأقبل عليه وقال له يا فلان إنّ عليك ذنوبًا  كثيرة ومشهور أمرك بين الناس  فهلا  أتيت وتبت إلى ربك من ذنوبك لعل الله يغفرها لك ، وهذا (منطق الإنسان العاقل الذي ينصح الناس بالقرآن ، حتى في هذا المكان لربما يستجيب ويعود إلى رشده) _٥_.وهو تطبيق لقوله تعالى
(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ)(٤)
وأخيراً: الثبات على العقيدةوالدفاع عنه.
وخير دليل على ذلك  هو مباهلة بُرير ليزيد بن معقل حين قال  :
يا بُرير بن حُضير، كيف ترى الله صنع بك؟
قال [بُرير] : صنع الله  بي خيراً ، وصنع الله بك شرّاً.
قال :يزيد : كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّاباً ، هل تذكر ـ وأنا أُماشيك في بني لوذان ـ وأنت تقول إنّ عثمان بن عفّان كان على نفسه مسرفاً ، وإنّ معاوية بن أبي سفيان ضالّ ، وإنّ إمام الهدى والحقّ علي بن أبي طالب 
فقال له بُرير : أشهد أنّ هذا رأيي وقولي.
فرد عليه يزيد  : فإنّي أشهد أنّك من الضالّين.
فقال له بُرير  : هل لك ، فلأباهلك  ولندع الله أنْ يلعن الكاذب وأنْ يقتل المبطل ، ثمّ أخرج فلأ بارزك.
فخرجا فرفعا  الله أيديهما إلى اللهِ سبحانهُ يدعوانَهُ أنْ يلعنَ

علي الخباز, [25/03/2023 05:12 ص]
الكاذبَ ويقتلهُ ، ثمَّ تَضاربَا فضربَهُ بريرٌ على رأسِهِ قدَّتِ المغفرَ والدماغَ ، فخرَّ كأنّما هَوى منْ شاهقٍ ، وسيفُ بريرٍ ثابتٌ في رأسِهِ ، وبينا هوَ يُريدُ أنْ يُخرجَهُ إذْ حملَ عليهِ رضيُّ بنُ منقذٍ العبديّ واعتنقَ بريرآ واعتركا، فصرَعهُ بريرٌ وجلسَ على صدرِهِ ، فاستغاثَ رضيٌّ بأصحابهِ ، فذهبَ كعبٌ بنُ جابرٍ بنُ عمروٍ الأزديّ ليحملَ على بُريرٍ، فطعنَه  في ظهرِهِ ، فبرکَ بريرٌ على رضيٍّ وعضَّ وَجهَهُ وقطعَ طرفَ أنفِهِ ، وألقاهُ كعبٌ برمحِهِ عنهُ ، وضربَهُ بسيفهِ فقتلَهُ . فسقط برير مضرج بدمِ الشهادة وكان- رضوان الله عليه أول من قام  بالمباهلهِ بعد رسول الله _صلى الله التي فيها نزل قوله :تعالى ( من حَآجّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَ نِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (٥)هكذا كانت حياة برير من الله وإليه وفي سبيلهِ فسلام الله عليه يوم شهادته ويوم يبعث حيا.
_
(١)المائدة /٣٥-
(٢)الشورى /٢٣
_(٣)آل عمران /
(٤)النحل/١٢٥
(٥)كلمات من محاضرة الشيخ فوزي أل سيف


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ايمان صاحب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/25



كتابة تعليق لموضوع : سيدُ القراء برير بن خضير  -رضوان الله عليه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net