صفحة الكاتب : حوراء جبار

لا أكون حسينياً حتى اكون شعائرياً
حوراء جبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قيل للأمام الصادق (عليه السلام): سيدي جُعلت فداك، إنّ الميت يجلسون له بالنياحةِ بعد موته أو قتله، وأراكم تجلسون أنتم وشيعتكم من أول الشهر بالمأتم والعزاء على الحسين (عليه السلام)؟! فقال (عليه السلام): "يا هذا، إذا هلّ هلالُ المحرّم نشرت الملائكةُ ثوبَ الحسين (عليه السلام)، وهو مخرّق من ضرب السيوف وملطخ بالدماء، فنراه نحنُ وشيعتُنا بالبصيرةِ لا بالبصر، فتتفجّر دموعُنا.

فماهي الشعائر الحسينية التي يمارسها الناس وبالاخص شيعة اهل البيت (عليهم السلام) هل هي طقوس طارئة على الدين ابتدعها اهل ملة معينة دون مسوغ شرعي؟ ام ان لها مرتكزاً يتصل بالنص القرآني والسنة النبوية؟ ثم لماذا تستمر هذه الشعائر وتنمو بدل ان تضمحل مع مرور الزمن  شأنها شأن كل القضايا الحياتية التي تخترقها رصاصة الزمن وتحاصرها شواغل الايام..

تختلف أشكال الشعائر الحسينيّة التي تقام في أيام مختلفة؛ إحياءً لذكرى سيّد الشهداء الحسين بن علي، وخصوصاً في الأيام العشرة الأولى من شهر محرّم، فهي تعدّ في الواقع أحد ألوان الثقافات الشعبيّة واسعة الانتشار، ويتم إحياؤها في جو يكثر فيه البكاء، ومجالس الوعظ والخطابة، وإلقاء المراثي، والإبكاء والبكاء، والنواح، واللطم على الصدور، وقراءة المقتل، وغير ذلك من مظاهر الإحياء، ولهذه المراسم أماكن خاصة تُقام فيها، ولذا أسِّست لها مبانٍ تتسم بالقداسة، تحمل اسم (الحسينيّات) كما صار للأيام العشرة الأولى من شهر محرّم الحرام، وأخيرها على وجه الخصوص، شأن متميز لدى القيمين على هذه المراسم، فأضحت تمثل الفترة الزمانية الخاصة بإقامة مراسم العزاء، ولهذا فهي تمثل عنواناً للذكرى، وهي تثير ـ بما تحمل من إشاراتٍ عن الحادثة الأساس ـ الوجدان الديني للمشاركين فيها،  فهذه الشعائر تجدد ذكرى ثورة الأمام الحسين (عليه السلام) الثورة  التي حدثت سنة 61 هـ/ 680 م وهي واحدة من أهم الثورات التي شهدها التاريخ الإسلامي، لا بل والتاريخ العالمي بشكل عام، لما تضمنته من مبادئ واهداف انسانية سامية، ولما تمخض عنها من نتائج هامة ذات تأثير بعيد المدى في حياة الإنسانية جمعاء. 

ان تاريخ الأجيال دروس وعبر؛ ولذا كثر في القرآن الكريم ذكر الحوادث السابقة، وأحوال الأمم السالفة، وسيرة الأنبياء والملوك وغيرهم بما فيها من خير وشر، وظلم وعدل؛ لأجل العظة والاعتبار، وحثنا الأنبياء والمصلحون وأمرونا أن ننظر في سير الماضين وآثارهم وندرس التاريخ، قال الإمام علي (عليه السلام) في وصية إلى ولده الحسن (عليه السّلام): (...واعرض على قلبك أخبار الماضين، وذكرّه بما أصاب مَنْ كان قبلك من الأوّلين، وسر في ديارهم وآثارهم، وانظر فيما فعلوا، وعمّا انتقلوا، وأين حلّوا..).
ونحن اليوم وفي عصرنا الراهن حين تمر علينا ذكرى ثورة الأمام الحسين (عليه السلام) بحاجة ماسة الى أعادة استحضار سيرة أهل البيت (عليهم السلام) واستلهام الدروس والعبر من تلك السيرة المباركة العطرة التي تمثل الإسلام الصحيح بكل معانيه الانسانية الراقية، والاقتداء بالأمام الحسين (عليه السلام) في أخلاقه وسيرته ونهجه، من أجل العمل على اصلاح مجتمعنا وفق المبادئ الإسلامية القويمة، ومحاربة الفكر الإرهابي المتطرف ومواجهة الغزو الثقافي الغربي.
فينتج عن إقامة العزاء تجمع ديني ثوري، تميزه شعائره الخاصة، حيث لا يوجب تثبيت إيمان الناس بالإسلام والتشيع فحسب، بل يؤدي كذلك إلى الرفع من مستواه؛ وبذلك سيبقى الإسلام مصوناً متجدداً.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حوراء جبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/09/02



كتابة تعليق لموضوع : لا أكون حسينياً حتى اكون شعائرياً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net