صفحة الكاتب : مجاهد منعثر منشد

الرباب, طواف ,انتفاضة (ثلاثة قصص قصيرة)
مجاهد منعثر منشد

*الرَّبابُ مع رأس الحسين

دَعَا السَّبايا ابنُ زيادٍ منَ السِّجنِ , دَخَلنَ عليهِ , شَاهَدنَ الرأَسَ الشَّريفَ تَتَصَاعَدُ أَنوارُهُ وأَساريرهُ إلى عَنَانِ السَّماءِ , هَروَلتِ الرَّبابُ , وَقَعَتْ عليهِ تُقَبِّلُهُ .

سارعتْ أُمُّ كلثومٍ لِرَباب , خَاطَبَها الطَّاغيةُ : الحَمْدُ لله الذي قَتَلَ رجَالَكُم! فَكيفَ تَرَونَ ما فَعَلَ بِكُم؟

رَدَّتْ عليهِ بنتُ عَليٍّ : أَي ابن زيادٍ! لِئِنْ قَرَّتْ عَينُكَ بقَتلِ الحُسينِ فَطَالَمَا قَرَّتْ عَينُ جَدِّهِ بهِ، وكانَ يُقَبِّلُهُ ويَلثِمُ شَفَتَيهِ ويَضَعَهُ على عَاتِقِهِ! يا ابنَ زَيادٍ أَعدَّ لِجَدِّهِ جَواباً فإنَّهُ خَصمُكَ غَداً!

**********

* طواف برأس الحسين

أُذِّنَ بالناسِ أَذَاناً عاماً , حَضَروا , يَرونَ الرَّأسَ بينَ يَدَي ابنِ زيادٍ , يَنظُرُ إليهِ ,يَبتَسِمُ , يَضربُهُ بقَضيبٍ بينَ ثَنايَاه!

أَمَرَ الطَّاغيةُ أَنْ يَطوفَ جندُهُ برأسِ الحُسينِ في أَزقَّةِ الكوفَةِ مَحمولً على خَشَبَةٍ كَصَلْبِ عيسى بنِ مَريمَ . جَعَلوا الأَغلالَ في يَدَي عليِّ بنِ الحُسينِ ورقَبَتِهِ , سِيْقَ بالرَّكبِ في الكوفَةِ !

**********

* انتفاضة عبدِ الله بنِ عَفيفٍ الأَزدي مع الطَّاغية

صدرتْ أَوامرُ ابنِ زيادٍ بنَصبِ رأسِ الحُسينِ على بَابِ دارِ الأَمارةِ , طَلَبِ من رجالِهِ جَمعَ الناسِ على بابِ مَسجدِ الكوفَةِ , اجتمعوا , خرجَ إليهم وصَعَدَ المِنبرَ قائلاَ: الحَمْدُ للهِ الذي أَظهَرَ الحَقَّ وأَهلَه! ونَصَرَ أَميرَ المؤمِنينَ وأَشيَاعَهُ! وقَتَلَ اَلكَذَّابَ ابنَ اَلْكَذَّابِ!

وَثَبَ إليهِ عبدُ اللهِ بنُ عَفيفٍ الأَزدِيُّ صَرَخَ بِوَجهِهِ: يا يَا اِبْنَ مَرْجَانَةَ إِنَّ اَلْكَذَّابَ ابنَ اَلْكَذَّابِ أَنْتَ أَبُوكَ ومَنِ اِسْتَعْمَلَكَ و أَبُوهُ يَا عَدُوَّ اَللَّهِ أَتَقْتُلُونَ أَبنَاءَ النَّبِيِّينَ وَ تَتَكَلَّمُونَ بهَذَا اَلكَلامِ علَى مَنَابِرِ اَلْمُؤْمِنِينَ ؟!

اشتَاطَ الطَّاغِيةُ غَضَباً , سَأَلَ : مَنِ المُتَكَلَّمُ؟

أجابه بكل ثقة:

أَنَا المُتَكَلِّمُ يَا عَدُوَّ اَللهِ تَقْتُلُ الذُّرِّيَّةَ الطَّاهِرَةَ الَّتِي قَدْ أَذْهَبَ اَللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ عَلَى دِينِ الإِسلامِ ؟ واغَوثَاهُ! أَينَ أَوْلاَدُ المُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ ليَنْتَقِمُوا مِنْ طَاغِيَتِكَ اللَّعِينِ ابنِ اللَّعِينِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ رَبِّ العَالمِينَ ؟!

انتَفَخَتْ أَودَاجُ ابنِ زيادٍ , أَمَرَ : عَلَيَّ بهِ!

شَدَّ عليهِ الجَلاوزَةُ , نَادَى بِشِعَارِ الأَزدِ: يا مَبْرُورُ.

سَمِعَهُ عبدُ الرَّحمَنِ ابنُ مُخنِف الأَزديِّ ، هَمْهَمَ: وَيحَ نَفسكَ! أَهلَكتَها وأَهلَكْتَ قَومَكَ!

تَجَمَّعَ سبعمائة مُقاتلٍ منَ الأزدِ، وَثَبوا إليهِ فِتيةٌ منهم ,انتَزَعوهُ ,انطَلَقوا بهِ إلى مَنزلِهِ.

رَجَعَ الطَّاغيةُ إلى القَصرِ , كَلَّمَ رَجالَهُ : اذهبوا إلى هذا الأَعمَى الذي أَعمَى اللهُ قلبَهُ كما أَعمَى عَينيهِ، فَأتونِي به!

رأتْ عَشيرتُهُ تَحرُّكَهُم الى مَنزلِ عبد الله الأَزديِّ , اجتمعوا ,انضَمَّتْ إليهم قَبَائلٌ منَ اليَمَنِ .

بلغَ ابنَ زيادٍ خَبرُهُم , فَجَمَعَ قَبَائِلَ مُضَرَ وَ ضَمَّهُمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَشْعَثِ وَ أَمَرَهُمْ بِقِتَالِ القَومِ

, فَاقْتَتَلُوا ا قتالاً عنيفاً , قُتِلَتْ جماعَةٌ منَ العَرَبِ , وَصَلوا دارَ عبدِ اللهِ بنِ عَفيفٍ، كَسَروا البابَ ,اقتَحَموا عليهِ.

فَصَاحَتْ ابنَتُهُ أَتَاكَ القَوْمُ مِنْ حَيثُ تَحْذَرُ!

فَقَالَ لا عَلَيْكِ نَاوِلِينِي سَيْفِي .

وَضَعتْ سَيفَهُ في قَبضَةِ يَدِهِ اليُمنَى , ذَبَّ عَنْ نَفْسِهِ, يَسمَعُ صَوتَ ابنَتِهِ : لَيتني كنتُ رجلاً فأقاتل بين يديك هؤلاء الفجرة.

دارَ عليهِ الجُندُ أَحاطوا بهِ مِن جَميعِ الجَوَانبِ, ظَلَّ يُقاتِلُ ويَرتَجِزُ:

أُقْسِمُ لَوْ يُفْسَحُ لِي عَنْ بَصَرِي ضَاقَ عَلَيْكُمْ مَوْرِدِي وَ مَصْدَرِي

تكاثروا حَولَهُ, صَرَخَتْ ابنَتُهُ : وَاذِلَّاهُ ! يُحَاطُ بِأَبي وليسَ لهُ نَاصِرٌ يَستَعينُ بِهِ!

أَلقَوا القَبضَ عليهِ , سَاقوهُ إلى الطَّاغيةِ , صَرَخَ بوجهِهِ : الحَمْدُ للهِ الذي أَخزَاكَ!

أَجابَهُ الأَزدِيُّ : يا عَدَوَّ اللهِ! بمَاذا أَخزَانِي! واللهِ لو يُكشَفُ عَن بَصَري.

أَردَفَ الطَّاغيةُ : ماذا تَقولُ في عُثمانَ؟

ـ كلمه مستفزا إياه:

فَقَالَ يَا عَبدَ بَنِي عِلاَجٍ يَا ابنَ مَرْجَانَةَ و شَتَمَهُ مَا أَنْتَ وعُثْمَانَ إِنْ أَسَاءَ أَمْ أَحْسَنَ وأَصْلَحَ أَمْ أَفْسَدَ ؟

وَ اَللهُ تَعَالَى وَلِيُّ خَلْقِهِ يَقْضِي بينَهم بِالعَدلِ والحَقِّ ولَكِنْ سَلْنِي عَنْ أَبِيكَ وعَنْكَ وعَنْ يَزِيدَ وأَبِيهِ!

تَلعَثَمَ ابنُ زيادٍ قائلاَ : لاسَأَلْتُكَ عَنْ شَيءٍ أَو تَذُوقَ المَوْتَ!

نَطَقَ بنُ عَفيفٍ : الحَمْدُ للهِ ربِّ العَالمِينَ، كُنْتُ أَسْأَلُ اَللهَ رَبِّي أَنْ يَرْزُقَنِيَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَكَ أُمُّكَ وسَأَلْتُ اَللهَ أَنْ يَجعَلَ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ أَلْعَنِ خَلْقِهِ وأَبْغَضِهِمْ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا كُفَّ بَصَرِي يَئِسْتُ مِنَ الشَّهَادَةِ والآنَ الحَمْدُ للهِ اَلَّذِي رَزَقَنِيهَا بَعْدَ اليَأْسِ مِنْهَا وعَرَّفَنِي الإِجَابَةَ مِنْهُ فِي قَدِيمِ دُعَائِي.

نَادَى الطَّاغيةُ جَلاوزَتَهُ , أَمَرَهُمْ: اِضْرِبُوا عُنُقَهُ!

صَلَبُوهُ!!!!

.......................................

*للكاتب مجاهد منعثر منشد /المجموعة القصصية (ظمأ وعشق لله) , الفصل السادس سبي آل الحسين , ص 117ـ 120.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مجاهد منعثر منشد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/13



كتابة تعليق لموضوع : الرباب, طواف ,انتفاضة (ثلاثة قصص قصيرة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net