صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

الاباء في القرآن الكريم والسنة
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال الله عز وجل عن كلمة أبى ومشتقاتها "إِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" (البقرة 34) أبى اي امتنع، و "وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ" (البقرة 282) يأبى بمعنى يمتنع، و "وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا" ﴿البقرة 282﴾ يأبى اي يمتنع، و "كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ" ﴿التوبة 8﴾ وتأبى اي ولا ترضى، و "يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" ﴿التوبة 32﴾ ويأبى اي لا يرضى او لا يقبل، و "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا" ﴿الإسراء 89﴾ فأبى اي لم يوافق او عاند، و "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَّا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا" ﴿الإسراء 99﴾ فأبى بمعنى فعاند، و "فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا" ﴿الكهف 77﴾ فأبوا اي فأمتنعوا، و "إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ" (الحجلر 31) أبى اي امتنع او عصى، و "وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ" ﴿طه 56﴾ وأبى بمعنى وعاند، و "وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا" ﴿الفرقان 50﴾ فأبى بمعنى فجحد، و "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ  إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" ﴿الأحزاب 72﴾ فأبين اي امتنعن.
هنالك امران متعاكسان اباء الشيطان والطاغوت واباء الله سبحانه، فالاول هو المطلوب والثاني مرفوض والاول يؤدي بالانسان إلى الجنة والثاني الى النار. الإباء تعني شدة الامتناع، فكل إباء امتناع وليس كل امتناع إباء. جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كل أمتي يدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى. رجل أبى أي ممتنع من تحمل الضيم. وكما جاء ان الامام الحسين عليه السلام أبا الضيم.
قال الله عز وجل عن كلمة أبى ومشتقاتها "إِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" (البقرة 34) ان الملائكة سجدوا لآدم عليه السلام سجود تعظيم وتحية امتثالا لامر الله سبحانه وكما جاء في قوله تعالى "فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ" (الحجر 30-31)، وكما سجد اخوة يوسف عليه السلام "وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا" (يوسف 100) وخروا اي سقطوا على الارض سجدا، وهذا ينافي قول بعض المفسرين انهم انحنوا له كون عادة المصريين ايام الفراعنة الانحناء اثناء التسليم. وحصل اختلاف في كلمة السجود بوضع الجبين على الارض او الانحناء. والمعروف ان السجود في الصلاة وضع الجبين على الارض، والركوع هو الانحناء. واختلف المفسرون عن ابليس هل هو من الملائكة او الجن، وجاء في سورة الكهف ان ابليس من الجن "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" (الكهف 50). وورد ايضا ان ابليس من الملائكة الذين خلقوا من النار وليس من النور كما هو حال بقية الملائكة كما جاء في سورة الصافات "وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا" (الصافات 158). ان ابليس أبى اي امتنع عن طاعة الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام.

قال الشيخ باقر شريف القرشي عن حياة الامام الحسين عليه السلام: الاباء عن الضيم: والصفة البارزة من نزعات الإمام الحسين عليه السلام الاباء عن الضيم حتى لقب (بأبي الضيم) وهي من أعظم ألقابه ذيوعا وانتشارا بين الناس فقد كان المثل الاعلى لهذه الظاهرة فهو الذي رفع شعار الكرامة الانسانية ورسم طريق الشرف والعزة، فلم يخنع، ولم يخضع لقرود بني أمية، وآثر الموت تحت ظلال الأسنة. ووصفه المؤرخ الشهير اليعقوبي بأنه شديد العزة يقول ابن أبي الحديد: سيد أهل الاباء الذي علم الناس الحمية، والموت تحت ظلال السيوف اختيارا على الدنية أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام عرض عليه الأمان هو وأصحابه فأنف من الذل، وخاف ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان مع أنه لا يقتله، فاختار الموت على ذلك. وقد كانت كلماته يوم الطف من أروع ما أثر من الكلام العربي في تصوير العزة والمنعة والاعتداد بالنفس يقول: (ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام)، و (والله لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل، ولا أفر فرار العبيد إني عذت بربي وربكم أن ترجمون) كما قال الله تعالى "وَإِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ" (الدخان 20). جاء وصف اباء الامام الشهيد الحسين عليه السلام بأنه أبى شم الدنية والضيم، وعمد إلى شم الرماح والسيوف لان بها طعام الاباء وطعم الشرف والمجد. 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/12



كتابة تعليق لموضوع : الاباء في القرآن الكريم والسنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net