صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ التَّاسِعةُ (٥) [وَأَكْرَمَنِي بكَ]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هذهِ العِبارة الوارِدة في زيارةِ عاشُوراء نُردِّدها دائماً ولكن قد لا نقفَ عندها كثيراً لنستَوعِبها ونستَوعِبَ جوهرَ معناها وفلسفتها فنمُرَّ عليها مرورَ الكِرام أَو نُردِّدها ترديدَالببَّغاء، والدَّليلُ على ذلكَ أَنَّ عاشُوراء تحِلُّ علينا كُلَّ عامٍ وترحلَ من دونِ أَن يتغيَّر حالنا إِن لم يتغيَّر نحوَ الأَسوء والأَتعس وعلى كُلِّ المُستويات!.

فإِمَّا أَن يكُونَ الخطأ في عاشُوراء، وهذا مُستحيلٌ، فعاشُوراءُ مدرسةٌ للتَّغييرِ الذَّاتي والإِجتماعي وخاصَّةً على المُستوى الأَخلاقي والسُّلوكي، أَو أَن يكمُنَ الخطأ فينا،في وعيِنا لعاشُوراء وفهمِنا لها واستيعابِنا لدروسِها، وهذا هو الصَّحيح!.

وإِلَّا، كيفَ يُمكنُنا أَن نقنعَ العالَم بأَنَّنا، مَن يمتلكَ الحُسين السِّبط (ع) نعيشُ بذلَّةٍ ومهانةٍ وتخلُّفٍ وصِراعاتٍ ونزاعاتٍ دمَّرت المُجتمع ودفعت البِلاد إِلى حافَّةِ الهاوِية؟!.

كيفَ يُمكنُنا أَن نقنعَ العالَم بأَنَّنا شيعةَ الحُسين السِّبط (ع) الذي يُسمَّى بأَبي الضَّيم ونحنُ ننامُ على ضيمٍ؟!.

كيفَ يُمكِنُنا إِقناعَ العالَم بأَنَّنا أَنصارَ الحُسينِ السِّبط (ع) الذي أَعظم شِعاراتهِ وخطاباتهِ وكلِماتهِ التاريخيَّة الخالِدة {هَيهات مِنَّا الذلَّة} ونحنُ نتذوَّق طعمَ الذُّلِّ في كُلِّآنٍ؟!.

إِنَّ الحُسيني حقّاً لا تذِلُّهُ سُلطةً ولا يذلُّهُ الدِّينار والدِّرهم ولا يذلُّهُ منصبٌ.

إِنَّهُ يثبُت بعزِّ وهوَ يواجِهُ كُلَّ هذا وأَكثر.

ومِن علاماتِ الذُّلِّ أَن تلهثَ خلفَ الفاسِد وأَنتَ تصرخ [علي وياك علي]! وتؤَيِّدَ الفاسِدَ والدجَّال الذي يُتاجِرُ بالحُسينِ السِّبط (ع) وبعاشُوراء وأَنتَ تتجاهل كُلَّ ذلكَلمصلحةٍ آنيَّةٍ سُرعانَ ما تزُولُ!.

إِنَّ الإِنتماءَ إِلى الحُسين السِّبط (ع) عنوانُ كرامةٍ وعزَّةٍ بشرطِها وشرُوطِها، وهي [الكرامة] أَقدس الغايات السَّماويَّة كما في قولهِ تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْفِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.

كذلكَ العِزَّة التي قالَ عنها ربُّ العزَّةِ {وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ} وقولهُ تعالى {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلْأَعَزُّ مِنْهَا ٱلْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

أَمَّا الحُسينُ السِّبط (ع) فلقد قالَ {أَلا وإِنَّ الدَّعي بن الدَّعي [يعني إِبن زياد] قدْ ركزَ بينَ اثنتَينِ بينَ السلَّة والذلَّة وهيهات منَّا الذلَّة، يأبى الله لنا ذلكَ ورسولهُ والمؤُمنُونَ،وحُجُورٌ طابت وحجُورٌ طهُرت وأُنُوفٌ حميَّةٌ ونفُوسٌ أَبيَّةٌ، مِن أَن نُؤثِرَ طاعةَ اللِّئام على مصارعِ الكِرامِ، أَلا وإِنّي زاحفٌ بهذهِ الأُسرةِ على قلَّةِ العدَدِ وخِذلانِ النَّاصرِ}.

والعِزَّةٌ خُلُقٌ أَداتُهُ العِلم والمعرِفة والكسبِ الحلال والأَخلاق الصَّالحة التي يقُولُ عنها رَسُولُ الله (ص) {إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ} وقد وصفهُ القُرآن الكريم {وَإِنَّكَلَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}.

ومِن مظاهرِ العزَّة أَنَّك تعيشُ بحريَّةٍ فلا يُهدِّدُكَ أَحدٌ بلُقمةِ العيشِ ولا يُرعِبُكَ أَحدٌ بسببِ رأيٍّ تقولهُ ولا يُلاحِقُكَ أَحدٌ إِذا فكَّرتَ خارج المألُوف!.

ومن مظاهرِها كذلكَ طريقةَ عيشِك فلكَ عملٌ شريفٌ تتكسَّبَ منهُ لك ولأُسرتكَ، ولكَ منزِلٌ تأوي إِليهِ مع عائِلتكَ وأَنت تتمتَّع بكُلِّ خدمات العيشِ الرَّغيدِ من الماءِ الصَّالحللشِّربِ والكهرباء وغيرها.

ومنها أَنَّكَ تعيشُ وأُسرتكَ مُحاطٌ بالأَمن على كُلِّ المُستوياتِ، الصحَّة والتَّعليم والمناخ والمُحيط وكُلَّ شيءٍ.

ومنها أَنَّ بإِمكانِكَ أَن تتمتَّع بكُلِّ فُرصِ الخيرِ إِذا قدِرتَ عليها فلا يقفُ بوجهِكَ عائقَ العُمُرِ أَو الجنس أَو الدِّين والمذهب أَو العشيرة والإِثنيَّة أَو الولاء أَو الحزبيَّة!.

إِنَّ كرامتَنا من إِنتمائِنا للحُسين السِّبط (ع) والذي يعني أَنَّ من تجلِّياتها نَوع الرَّمز الذي تتَّبعهُ وتنتمي إِلى منهجهِ.

فأَنتُ صاحِبُ كرامةٍ إِذا كانَ إِمامُك الحُسين السِّبط (ع) أَمَّا إِذا كانَ إِمامُك يزيد فأَنت بِلا كرامةٍ.

ولتبسيطِ الصُّورةِ أَكثر، أَقُولُ بأَنَّكَ إِذا كُنتَ الآن وفي هذهِ اللَّحظةِ من جَوقَةِ زعيمٍ فاسدٍ وفاشلٍ وذُو عقليَّةٍ تدميريَّةٍ أَو ممَّن تُصفِّق لهُ أَو تُدافع عنهُ وتُبرِّر لهُ أَفعالهُ الشَّنيعةوتحميهِ بشتَّى الطُّرق فأَنتَ بِلا كرامةٍ

لذلكَ فالحذرُ وإِعادةُ النَّظر واجبٌ حتى لا تعيشَ إِزدواج الشخصيَّة!.

وصدقَ مَن قال [قُل لي مَن رمزُكَ لأَقل لكَ حجمَ كرامتِكَ].

لذلكَ فإِنَّ من واجبِ الوالدَينِ تربيةَ أَولادهِم على العزَّةِ والكرامةِ من خلالِ تعليمهِم كيفَ يختارُونَ رمُوزهُم سواءً التاريخيَّة أَو الفعليَّة، فالرَّمزيَّةُ مهمَّةٌ في هندسةِ ثقافةِالكرامةِ عندَ الإِنسانِ، لأَنَّها تُشجِّع على التقمُّص والإِستنساخِ وهي تترك أَثرها على شخصيَّةِ المرءِ بشَكلٍ كبيرٍ جدّاً ومُباشر.

إِنَّ التشبُّه السَّلبي الذي انتشرَ اليَوم عندَ النشء الجديد سببهُ أَنَّهُم تاهُوا في طريقِ الرمزيَّة إِذا بهِ يتَّخِذ من النَّماذج السيِّئة رموزاً لهُ إِنتهت بهِ إِلى ما نراهُ اليَوم منضياعٍ وشذوذٍ يبدأ بالزَّي ولا ينتهي بالأَخلاقِ مرُوراً بالإِيمانِ.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/03



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ التَّاسِعةُ (٥) [وَأَكْرَمَنِي بكَ]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net