صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

محاورة مع الدكتور سعدي عبد الكريم
علي حسين الخباز

 - ماذا يعني لك التجديد في المسرح؟

التجديد في المسرح يعني أن نكون أكثر جمالية في استثمار المقدس حتى وان كان الحدث مأساوياً، بمعنى ان يجري على محاذيات الحدث المقدس اجراءات ذات طابع حداثوي فني؛ لكي يلائم المناخات الظرفية في ذاكرة التلقي وملامح الاستجابة الفضلى، وأنا شخصياً كتبت بحدود العشرين نصّاً مسرحياً كلها تستمد فعلها المسرحي، وثيمتها من المقدس، ضمن اطار الرّوح الولائية، لكنك اذا قرأت كلّ نص مسرحي على حدة تجده مختلفاً بالكلية عن النصّ الآخر ويقترب منه كثيرا، بمعنى هم ينهلون من ذات المنهل الولائي، لكن طريقة التناول تختلف من نص الى آخر وباعتباري احد الذين عملوا على كتابة المقدس والتعرض له منذ اوائل السبعينيات من القرن المنصرم، لم اكتب نصا خطابيا البتة، بل اعتمدت على منهج فني وعلمي، مؤطر بواضحات أكاديمية وركائز فنية عالية، ومعايير فهمية راقية، وأدوات توصيلية ذات مغزى تشفيري، لذا تجدني لا اذهب للشخصية مباشرة، بل اتفاعل معها وفق معيار روحها المقدسة، وارى ان المقدس يلاحق الفعل أينما كان، وأينما حلَّ، وهذه الممدوحة تشتغل على الغريزة البشرية، لكن لا يمكن لك اظهار كلّ التجسيدات التي لا يمكن اظهارها، انا اضع حدود فاصلة بين النصّ، وبين المقدس، ولا اظهر المقدس بالشكل علناً، بل اظهره بالكلمة، والموقف، والفعل الدرامي المسرحي.
المسرح - يا سيدي - مؤسسة تربوية وأخلاقية، تعتمد على بثّ الخطاب الوعيوي، وتسيّد المحرض النفعي من اجل الوصول الى مناطق تطهير الذات من نوازعها البشرية الفردانية، وتخليص العقل الجمعي من ميوله المكتسبة، وافكاره المترسبة في عقله الباطن البعيدة عن الفهم الوعيوي النهضوي المعاصر، والمسرح ايضاً لافتة احتجاج كبيرة في وجه الفردانية، وهو دعوة الى التفكير الجمعي من اجل الوصول الى ملاحق التغيير، والمقدس يشفع لكلّ هذه الدوافع النبيلة؛ لكي تُؤتي أُكُلها كلّ حينٍ، وعلى مرِّ العصور.

 - فاعلية التأثير الابداعي الثقافي والفكري للعتبات المقدسة؟
أ- الانجازات الثقافية (مقري ـ مرئي ـ مسموع) فاعلية المهرجانات ربيع الشهادة الثقافي العالمي 15 نسخة، ومهرجان ربيع الرسالة الاكاديمي، ومهرجان المسرح، ومؤتمرات العميد والتراث، ومسابقات شعرية الجود ـ البردة، ومسابقات النص المسرحي؟

  لا أخفيك سراً صديقي الاثير الى النفس الاديب علي الخباز، انا من الادباء الذين انصفهم تاريخهم الفني الحافل بالمنجز الأدبي والفكري، والفني، والنقدي، وانصفهم التاريخ بتفاعل غريب ولافت للنظر، احيانا لا تجد قوت يومك، وأحيانا اخرى تغدق عليك السماء مطراً من الجود والكرم، وارى شخصيا ان هذا الجود والكرم نابع من ملخصات المواقف الولائية لآل بيت النبي (عليهم السلام)، رغم اننا في بعض الاحيان نجاور هذه المعرفة المطلقة بزعم إحداث المغايرة، او الالتحاق بنزعة المعاصرة، أو السير وفق مناحي التجديد، رغم ان هذه الحقيقة ثابتة في وجداننا بيقين مخلص، وماكثة في اعماقنا بعلامة واثقة كما يمكث الثمر الطيب في فروع الشجر.
 واعتقد ان حيثيات هذا النزوع المعصرن متأتية من المشغل السياسي الحالي المتدهور المحسوب على تلك الولائية، وغيرها من الاتجاهات الفكرية والعقائدية، وهذا الرصد لا على نحو الإطلاق ولكن على نحو الحصر، والتأشير والمراقبة، والتحليل للمواقف، والتبعات، والنوازع، والمتغيرات السياسية.
ولعل من المهم هنا، العودة الى فحوى السؤال، فأنا أعتقد بأن من أهم ما قدمته العتبات المقدسة هو ذلك الكمّ الفخم من التحولات في انساق المُتغير الحضاري في فهم المقدس، وبثّ الحياة في العديد من المقاربات الجامدة غير المتحركة عبر قنوات نشر الوعي الفكري، والمبادرة في تقديم المنجزات الفاعلة في ملحمة الاستيعاب الفكري، والثقافي، والأدبي، والمسرحي، وإقامة الفعاليات التراثية، والمسابقات الشعرية، والمسرحية (مسابقة النصّ لمسرح التعزية) التي شاركت في جلّها والتي حصدت على المراتب الاولى فيها،، ومن ثم اقامة المؤتمرات العلمية، والاحتفالات الكبرى بمناسبات عديدة لدعمها بشتى قنواتها المعرفية والفنية المرئية منها والمسموعة والمطبوعة وبخاصة مجلة صدى الروضتين التي اثبت قدرتها على استيعاب الأدباء للكتابة عبر صفحاتها الغراء.
وهذه المنجزات هي بمثابة محركات دافعة باتجاه الخلاص نحو ادراك فاعلية انتشال الوعي الجمعي من عتمته، وإرشاده صوب النّور البهيّ من اجل ايقاظ مهام التصدي للفكر المتطرف، والنوازع العقائدية المنحرفة، وتعبئته حيث مراصد الاشعاع الفكري الولائي من اجل النهوض به الى مقاربات التغيير من خلال انتعاش الافكار النجيبة التي تبناها اكبر ثائر في التاريخ بقيادته لأعظم ثورة على وجه البسيطة وعلى الإطلاق، هو الثائر العظيم الإمام  الحسين (عليه السلام)، الذي اعلن تلك الـ(لا) التي اطلقها مدوية في ذاكرة التاريخ لتبقى خالدة في ضمير البشرية جمعاء، ولتتوالى بعدها كلّ اللاءات، والثورات التي اخذت على عاتقها تحقيق ملاحم التغيير، وملاحق الخلاص من الطغاة.

ب- مستقبل العلاقة بين بث الوعي الفكري للعتبات المقدسة واحتواء المثقف العراقي؟

  المثقف بطبيعته المُتشكلة من ارحام النصوص الفكرية المتعددة المخاصب مُنحاز الى التمرد، وله ميول استنباطية لا يمكن اقناعه بفكرة الجمود فهو ثائر بنزعته الفهمية على  السائد والمألوف، وهي السِّمة الإنسانية والفكرية التي لا يُؤاخذ عليها، بل هي ضرورة من ضرورات وحيثيات التغيير التي ينشدها المجتمع.
 وارى شخصيا أن من الصعب احتواء المثقف تحت اية مسميات، لكن الافتراض القائم تمليه عليه ولائيته الفطرية، والفكرية، والعقائدية، فالدين علاقة روحية بين العبد وخالقه، بين الذات والذات العليا، بين العادي والمقدس، واعتقد بأن المثقف العراقي بغض النظر عن ميوله واتجاهاته الفكرية هو مُنحاز بفطرته السليمة لعقائده الروحية الولائية المقدسة، ومن هنا تأتي طرق التعامل معه لإيجاد مشتركات فاعلة  في مفردات العلاقة المستقبلية بين بث  الوعي الفكري للعتبات المقدسة وبين المثقف العراقي، وهذه العلاقة يجب ان تكون قائمة على ثوابت وقواعد مشتركة، ومهام محددة يشترط فيها اقامة مؤسسة ثقافية ذات ريع موزع بين جهد المثقف التدويني والبحثي، وبين العتبات المقدسة؛ لأن المثقف العراقي وكما هو معروف وبخاصة في ظرفنا السياسي الراهن، لا يمتلك مصائر دخل ثابتة، بل هو لا يمتلك قوته المُعيل له ولعائلته، هذه من الناحية المادية التقابلية، اما من ناحية جذب المثقف الى دائرة النشاط التدويني بثقة ولائية محسوبة النتائج، علينا اولا توفير المناخ المناسب له، وتوفير الأجواء غير الضاغطة عليه، وتوافر المحيط المنعش، والمؤهل الايجابي من اجل  تفجير كامل طاقات المثقف العراقي باتجاه المنفعة المُشتركة، وتكثيف الجهود الناجعة، والإيعاز الامثل للكشف عن المستور في خبايا العقل المُتطرف، والحدّ من نشر افكار العقائد المنحرفة الضالة، وبذا نكون قد استقطبنا شريحة مهمة من شرائح المجتمع العراقي من اجل النهوض بالوازع الوطني، ومن ثم الوازع الديني، والوازع الاخلاقي، والانساني، لإنشاء مؤسسة ذات ركائز فخمة للوصول الى ملحمة التغيير الكبرى في العقل والوعي الجمعي.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/04



كتابة تعليق لموضوع : محاورة مع الدكتور سعدي عبد الكريم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net