صفحة الكاتب : ياسين يوسف اليوسف

الشّهيد السّعيد عبد الله إبراهيم (أبو عدنان الحُسينيّ)
ياسين يوسف اليوسف

    على مرّ التاريخ هناك رجالٌ تركُوا مواقفَ بطوليّة وسطّروا ملاحم خَلَدُوا مِن خلالها، وبقي ذكرُهم يتجدّد جيلاً بعد جيل، فكانُوا رموزاً للتضحيةِ والفداء، كشفت مواقفُهم عن جوهر معدنِهم فتعلّمنا منهم معنى الحياة عندما صمدُوا بوجه قوى الشرِّ والظّلام، وتحمّلُوا الشدائدَ والأزمات، رجالٌ تخرّجوا من مدرسة الحياة، مدرسة الرّسالة المحمّديّة الأصيلة، مدرسة عليٍّ والحُسين عليهما السّلام، بعد أنْ نهلُوا منها الشجاعة والكرم والصّبر والإيمان، وكلّ جميل، فغدا الواحدُ منهم يعادل مائة، أو قد تراه يوازي ألفاً، وقدْ يزِنُ شعباً كاملاً، وقد يُحيي البعض منهم أمّةً بأسرها، ومِن هؤلاء الرِّجال أصحاب المواقف في واقعة كربلاء الأليمة، تلك الواقعة التي شملت الرّضيع، والذي لم يبلُغ الحُلُم، والشاب، والرجل، والشيخ الكبير، والمرأة، يبرزُ الصحابيُّ الجليلُ " أنس بن الحارث الكاهليّ"، الذي كان شيخاً كبيراً طاعناً في السّنِّ، استأذن الإمامَ الحُسين عليه السلام أن يُجاهدَ بين يديه فأذِن له الإمامُ عليه السلام، فشدَّ وسطه بعمامته نظراً لتقوّس ظهرِه، ورفع حاجبيه بالعصابة، وبهذه الهيأة أبكى الإمام الحُسين عليه السلام، فأرخى عليه السلام عينيه بالدّموع وشكرَ للشّيخ موقفَه هذا، والتحق أنس بركب الخلود والشهادة مع أصحاب الإمام عليه السلام، فحفِظَ له التاريخ ذلك الموقف المشرّف، وسطّر اسمَه بأحرفٍ من نورٍ في سجلِّ الخالدين، فهنيئاً له ولأصحابه تلك المواقف الرجوليّة المشرّفة.

وتمضي الأيّام، وتبقى المواقف بعودة الجاهليّة الأولى بثوبٍ جديدٍ، ويتعرّض الإسلام لخطر خوارج العصر، دواعش اليوم من الظلاميّين، فتنبري المرجعيّة الرّشيدة المتمثّلة بسماحة المرجع الأعلى السيّد عليّ السيستانيّ " أدام الله ظلّه الوارف " بإعلان فتوى الجهاد الكفائيّ للدّفاع عن الإسلام ومقدّساته، وأرض العراق وشعبه وعرضه من خطر الظُّلّام وهجماتهم، فظهرت كوامن الرّجال ومواقفهم في الأزمات والشدائد، تلك المواقف التي أسفَرَت عن حقائق نفوسهم الأبيّة ومعدنهم الأصيل، وبَرَزَ رجال المواقف.

ومِن هؤلاء ممّن ذكّرنا بشيخ شهداء كربلاء - الصحابيّ أنس الكاهليّ- ألا هو الشهيد السّعيد السيّد عبدالله إبراهيم ( أبو عدنان الحسينيّ)، الذي تخطّى الثمانين من عُمره، شيخ شهداء الحشد الشعبيّ من أهالي شطّ العرب، ذلك الرّجل الذي قضى تاريخاً حافلاً بالجهادِ والمقاومة، وقاسى أيّام الهجرة والغُربة والابتعاد عن الأهل والوطن لسنينَ عديدة، وبعد أن عاد إلى الوطن تابَعَ طريقَه الجهاديّ، وعلى الرّغم من كِبَر سنِّه لبّى نداء المرجعيّة الرشيدة،  والتحق بخطوط التماس مع الأعداء، يقاتلُ ويشحذ هممَ الأبطال مِن الشّباب، من خلال مواويله المعروفة التي تحفِّز المقاتلين وتحثُّهم على الدّفاع عن الأرضِ والعِرض ولقاء الحبيب.

 

عرفنا الموت لَاْجل الدِّين حرّيّة .

الحرب زفّة عرس عدنه.. وإله دبجات جوبيّة.

المدفع خل يدك دمّام وتغنّي الرّباعيّة .

 نغرم لو دكّ دمّامه الماو إحنة اهله.

وأيضاً:

ذوله احنا ربّات الماو وأهل الهور .

لا نلبس حرير ولا نشيّد اقصُور .

نتوسّد البردي وناكل الشّاجور.

إمشي ويانه يمطلك الدّنية.

ومن أهازيجه بحقّ المرجعيّة:

صوت المرجعيّة بالنّجف مِن صاح .

حيّ على الجهاد الكل تشيل اسلاح .

جيش وداخليّة وعامل وفلّاح .

الكل يزحف للملعب حتى البعده بكاروكَه.

فكان لأهازيجه الوقعُ الكبير في نفوس المجاهدين، وفي رفع معنويّاتهم القتاليّة.

فهنيئاً لأبي عدنان لحوقه بابنيه الشّهيدين، وهنيئاً له وهو يختمُ أيّام حياتِهِ الأخيرة بوسامِ الشهادةِ التي لا ينالها إلّا ذو حظٍّ عظيم.

غاب الشهيدُ أبو عدنان عن سوح الجهاد جسداً بتاريخ 7/12/2014 في منطقة بيجي، وبقي روحاً وقدوةً لأبنائه وأحفادِه يستلهمونَ منه الدّروسَ والعِبَر.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ياسين يوسف اليوسف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/16



كتابة تعليق لموضوع : الشّهيد السّعيد عبد الله إبراهيم (أبو عدنان الحُسينيّ)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net