صفحة الكاتب : باسل عباس خضير

فروقات سعر صرف الدولار تمول قانون الأمن الغذائي
باسل عباس خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل أيام صوت مجلس النواب على مشروع قانون ( الأمن الغذائي ) ، ورغم إن لهذا القانون العديد من المراحل والصعوبات التي يجب عبورها لكي ينفذ بشكل فعلي ، إلا إن اللحظات الأولى لاعداده أثارت عددا من الملاحظات أبرزها إن اسمه يختلف عن محتواه فهو مخصص للأمن الغذائي إلا إن تخصيصات الغذاء لدعم البطاقة التموينية وتسديد مستحقات الفلاحين عن تسويق المحاصيل لم تبلغ سوى 5 تريليون دينار من أصل المبلغ المخصص للمشروع البالغ 25 تريليون أي بنسبة 20% من المجموع ، والخمسة تريليون ليست بالرقم الكبير في ضوء الارتفاع العالمي للأسعار وانخفاض خزين القمح وزيادة أسعار شراءها في الداخل ومن الاستيراد ، مما يعني تلاشي آمال الناس في الحصول على دجاجة او أكثر من ( قوطية ) معجون في كل حصة تموينية قد توزع شهريا او بين شهر وشهر، ومما اثار استغراب من شاهد لقطات التصويت عبر الإعلام إن الوقت للتصويت لم يتجاوز 12 ثانية لقانون كان من المفترض أن يكون من الأدوات المهمة التي يعول عليها محدودي ومعدومي الدخل في معالجة نقص مواد المعيشة وغلاء الأسعار ، وما يؤكد قلق الكثير من الغايات الحقيقية لتبني هكذا قانون  ما تضمنته أبواب الصرف من تمدد طولي وعرضي في هذا القانون بشموله أكثر من 25 فقرة اغلبها ليس لها أية علاقة بالغذاء ، بما يجعل البعض يعتبره التفافا على قرار المحكمة الاتحادية بان إعداد وتقديم الموازنة الاتحادية هو من اختصاص الحكومة التي تتشكل بعد الانتخابات ، او انه ذر الرمال في العيون عن تأخير تشكيل الحكومة بعد مرور أكثر من 8 شهور على الانتخابات ، وحسب تصريح عضو اللجنة المالية النائب ( جمال كوجر)  فان النسبة الأكبر من النواب لم يطلعوا على الجداول المرفقة بالقانون والتي تعبر عن روحه كونها توضح المجالات التي ستذهب إليها الأموال ، وبما يجعله أداة للإرضاء السياسي أكثر من كونه أداة لتوفير الغذاء وإطعام الفقراء او تصحيح الأسعار بعد الارتفاع الكبير الذي أحدثه تغيير سعر صرف الدولار وتضخم الأسعار عالميا بعد ارتفاع أسعار النفط  .

والمسألة التي تثير الاهتمام والتي ربما لم يلتفت لها الكثير ، وتتعلق بما أعلنه وزير المالية في استعداد وزارته بتوفير الأموال التي تبلغ 25 تريليون دينار حال نفاذ القانون دون أن يشير إلى مصدر هذه الأموال ، رغم ما عرف عنه في التأني في الصرف بسبب ما تحتويه ورقته البيضاء من بنود تدعوا لتقليص الصرف التشغيلي لتوسيع الاستثمار ، والحقيقة التي لم يشار لها صراحة هنا او هناك  إن الأموال المخصصة لهذا القانون  ليست من صافي الزيادة في أسعار النفط ، لان تلك الزيادة أكثر بكثير منها فقد سعرت موازنة 2021 برميل النفط ب45 دولار ( وهو السعر السائد لحد اليوم ولا يغير إلا بقانون الموازنة الاتحادية ) ، وواقع الحال أثناء التصويت إن سعر البرميل تجاوز 120 دولار ، ولو تم البحث عن حقيقة الأموال التي خصصت لهذا القانون لوجد إنها من فروقات تغيير أسعار صرف الدولار الذي تبنته وزارة المالية في نهاية 2020 والتي حولته بالاتفاق مع السياسيين والبنك المركزي من 1182 دينار إلى 1450 دينار لكل دولار  وبنسبة زيادة بلغت 23% مما كان عليه ، ولان إيرادات النفط قد ازدادت لتصل لأكثر من 90 مليار دولار فان مبلغ ما يسمى الأمن الغذائي والبالغ 25 تريليون دينار هو من فارق أسعار الصرف بالتمام ، وهذا الفرق دفعه ويدفعه المواطن من قدراته الشرائية التي انخفضت بشكل كبير بسبب التضخم وزيادة الأسعار وارتفاع البطالة لأكثر من معدلاتها السابقة بعد أن تضرر او توقف الإنتاج المحلي وزيادة الاستيراد بدليل ضخامة مبيعات ما يسمى مزاد العملة في البنك المركزي  ، وبمعنى أوضح إن المبالغ التي جاءت للمالية من فروقات الدولار التي تحمل أعبائها المواطنون قد ذهبت لتغطية فقرات لقانون اسمه يختلف عن محتواه ، وبتفسير أدق إن أموال فرق الدولار بدلا  من إعادتها للشعب كمنافع وخدمات واضحة ومؤكدة ذهبت لفقرات ما انزل عليها من سلطان ، وتلك الفقرات كان من المفروض أن تغطيها الموازنة السنوية وليس من المال الذي زاد الشعب فقرا وجوع .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسل عباس خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/14



كتابة تعليق لموضوع : فروقات سعر صرف الدولار تمول قانون الأمن الغذائي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net